لابد لكل عاقل ان يعي المعوقات التي يمر بها العراق منذ فترة ليست بالقليلة وهذا ليس حصرا على عقلاء القوم بل حتى الجهال لابد لهم ان يروا الى اين هم سائرون في ظل هذه المعوقعات التي يصعب تكهن النتائج المتبثقة منها بسبب تشتت الواقع الاجتماعي وضياع التوجه السياسي ومحو النظام الاقتصادي دون ان ينتبه أحد لهذه الأمور وكأن الشعب العراق جمهور يتفرج على تلك الأدوار المتبادلة من قبل الدول الاخرى على خشبة الوطن وازهاق الارواح على مرأى ومسمع لكن لافائدة مادام السكون حط في محطته التي هي أشبه بالدائمية..
لهذا فإن احتدام الأزمة بين أقطاب العملية السياسية والعجز العميق في احتواء تداعياتها هو نتاج صراع المصالح والاستحواذ على اكبر قدر من الفوائد التي يتم الحصول عليها من نظام المحاصصة والتي تتم على حساب معاناة الشعب وآماله وتطلعاته، وما وصلته الخلافات والتناقضات بين القوى والأحزاب السياسية القائدة للعملية السياسية من العسير السكوت والابقاء عليها هكذا دون معالجات جدية وجذرية لها ، خصوصا بعد أن انتقلت إلى الشارع لتزرع فيه عوامل الفرقة والتنافر من جديد بين مكونات الشعب وأطيافه وتعطل الحياة وسبلها وتجمدها وتصيبها بالارتباك والحيرة وفقدان الاستقرار السياسي والاجتماعي وتوقف عجلة التقدم والتطور وبزوغ التراجع الحاد في كل مفاصل الوطن .
فجميع القوى السياسية المتصارعة والعاجزة عن تجاوز خلافاتها عليها الالتجاء إلى المفاهيم والقيم الديمقراطية لإيجاد حلول لها دون اللجوء إلى التهديد والوعيد والكلمات والتعابير الجارحة هذا ان كانوا حقا يرودون خدمة الوطن ، وينبغي استدعاء مصالح الشعب وأمنه أثناء التفتيش والبحث عن معالجات جادة للخلافات حيث أن بقاءها وتعاظمها سيفتح الأبواب على كل الاحتمالات وقد يصبح من المتعذر إدارة الأزمة وتوفير الحلول الملائمة دون دفع فواتير باهظة لها ، والتي قد تؤول إلى تردي الأوضاع الأمنية والاستقرار وعودة دوامة العنف والإقتتال من جديد وتعود سكين الصراعات تقطع النسيج الإجتماعي وبعثرة أجزائه اكثر مما هي مبعثرة في الوقت الحالي ، لتبحث عن حاضنات إقليمية أو دولية تحميها كما هو الحال الان ، توطئة لتمزيق وحدة الوطن وتقسيمه إلى دويلات متصارعة متعارضة المصالح والأهداف إضافة الى المبادئ الوطنية التي ترتكز اليها هذه الدويلات لاسامح الله ، فلابد إن يتم انتقاء طريق التوافق لقيادة العملية السياسية وإعتماد المحاصصة الطائفية أسلوبا لتوزيع مغانم السلطة وامتيازاتها لم يكن الطريق السوي الصحيح والأمثل للتعامل مع إحتياجات الشعب وإنتشاله من دوامة مشكلاته ومصاعبه المتوارثة من النظام السابق والحكومات السابقة لأن هذا الأسلوب أفرغ الديمقراطية من مضامينها ومعاييرها وخصائصها ، ويعد تأكد فشله في احتواء الأزمات والإحتدامات بين أطراف الحكم مبررا ملزما للتحول إلى نمط جديد من العلاقات التناقشية البناءة لا الجدلية الهدامة ، إذ من غير المقبول التمسك بصيغة حكم أعطى الواقع حكمه في فشلها وعجزها التعامل مع إفرازات ومعطيات الواقع السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية ، لأن هذا يعني المزيد من هدر الزمن في الإستجابة لإحتياجات الواقع والتعالي به حيث يستطيع تلبية مطالب الشعب في تجديد حياته وتحديثها والتحرر من شرنقة التخلف والتأخر والظلام المستبد من قبل عقول باءت بالفشل والشلل ، فجميع القوى السياسية الحاكمة في العراق ملزمة أن تتفادى إستمرار الصراع دون الإلتفات إلى معاناة المواطنين والإستهانة بمشاعرهم وآلامهم وخذلان من رفعهم الى سدة المسؤولية وولاهم إدارة شؤونه العامة لأن من شأن هذا رفع غطاء الشرعية عنهم التي منحها الشعب في الإنتخابات العامة على أسس وقواعد الإلتزام بالشعارات والبرامج التي أعلنوها وفازوا على أساسها والتي كانت مجرد شعارات خيالية لاتمت للواقع بصلة ، فالخلافات الراهنة والتجاذبات المتمناة بين الأطراف الفاعلة والنافذة في العملية السياسية يعني إستمرارية تردي الأوضاع وتعطيل تنفيذ البرامج والمشاريع التي تخدم الشعب وتعلو بواقعه المرير والمأساوي المهزلي ان صح التعبير ويدفع بالقوانين والتشريعات المعروضة أمام مجلس النواب والتي تعتبر ذات أهمية وحيوية في حياة الشعب ومستقبله والمؤجلة من الدورة البرلمانية السابقة الى رفوف النسيان كالاستثمارات وملفات الفساد وملفات المجازر التي كانت ومازالت من اعظم ماشهده العراق كجريمة سبايكر وسقوط الموصل وداعش وغيرها.
وعلى هذا يجب الشروع باجراء مراجعة للعلاقات بين القوى الحاكمة بنية خالصة وإرادة جادة بغية الوصول إلى صيغ وإتفاقات قابلة للحياة والديمومة دون اللجوء الى دول الجوار التي همها تدهور العراق بأي سبب من الأسباب لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية وإستنهاض كل القوى للتصدي لمعوقات التطور والإصلاح والتقدم فحال المواطن العراق بات هستيريا جدا ومصاباص بنوبات من اليأس جراء ماحدث ويحدث ومن العار ان يكون العراق هذا الذي شمخ وتشامخ على كل البلدان الاخرى ان يقع سابحاً بدماء الفساد والتدهور بسبب العمالات الحزبية اللاوطنية وتلاعب الدول الاخرى به كما يحلو لها دون ادنى صيحة قد تشل اقدام المتسللين وارهابهم وارجاع ماتم فقده عبر مراحلة الظلام التي مازالت تخيم على جسد العراق
مقالات اخرى للكاتب