Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
ما الفرق بين الغزل والتشبيب والنسيب يا قارئي الحبيب ؟ من أروع قصائد الغزل عشقاً.. الحلقة الأولى... كريم مرزة الأسدي
الخميس, أيار 22, 2014

المقدمة :

    قلنا قي حلقاتنا عن الانتصار للمرأة العربية ،إنّ الغزل طبع جبلت عليه النفس البشرية يتأتى عقب إفراز الهرمونات الذكرية أو الأنثوية التي تمنح الفرد  صفاته الجنسية الثانوية، ولابدّ للعشق أن يلتئم لإكمال مسيرة النوع البشري كما أرادت له الطبيعة،ولن تجد لسنة الله تبديلا،ومن مظاهر هذا الشعور المتنامي بعد النضج الجنسي  لإرضاء الغريزة،هذا البوح شعراً أو نثرا أو نطقاً أو حركةً أ و إيماءً، والعرب منذ القدم وضعواعدة ألفاظ لهذه الدلالة على طريق التعشق ، وإليك من غير الغزل ،الذي سنأتي عليه ،النسيب، التشبيب، العشق،الحب، الهوي، الصبابة،الهيام، الشغف،العلاقة،اللوعة،الوجد، التيم، التبل، التدليه.

وسنقصر الألفاظ على الغزل والنسيب والتشبيب لأنها تتماشى ومسيرة الشعر عبر تاريخه ، واذا كان علماء اللغة  يصرّون على  ان هناك مناسبة بين أللفظ وألمعني  ، يذكر محمد أمين ـ المعروف بأمير بادشاه / المتوفى ـ 972 هـ - في (تيسير تحريره) : إنّ اسم الشيء هو اللفظ الدال عليه        وأما اعتبار المناسبة  ، والتخصيص بما يقابل الفعل بين اللفظ والمعنى الداعية لتعيين خصوص هذا اللفظ لهذا المعنى فيجب الحكم به،أي باعتبارها بينهما،فإن خفي ذلك علينا فلقصور منا .(1)، وقد عقد ابنُ جنِّي في (خصائصه) بابًا في إِمساس الألفاظ أشبَاهَ المعاني : اعلم أن هذا موضع شريف لطيف،وقد نبَّه عليه الخليل وسيبويه،وتلقَّته الجماعة بالقَبول له،والاعتراف بصحَّتِه .(2) ، ويعتمد الدكتور جواد علي في (مفصله ) على مادتي ( شبب ) و( ونسب) ، ليفرق بين الغزل والتشبيب والنسيب بقوله :   ولو دققنا النظر في معاني هذه المصطلحات، نجد أن هناك فرقًا بين الغزل وبين النسيب، والتشبيب في الأصل، غير أن الناس خلطوا بين معانيها، فلم يفرقوا بينها. فالنسيب مصطلح استعمل في الشعر للتعبير عن ذكر الدِّيار والأحبة في ابتداء القصيدة، فكأنه أخذ من النسب، حيث يقص الشعر نسب أحبته ومكانهم، ومرابع الأحباب ومنازلهم واشتياق المحب إلى لقائهم ووصالهم وغير ذلك مما فصلوه وسموه التشبيب،فهو ليس بغزل إذن، فقول امرئ القيس:

قفا نبكِ من ذِكرَى حبيبٍ ومنزلِ *** بسقط اللِّوى بين الدَّخُول فَحَوْمَل

لا يعد غزلا بالمعنى المفهوم من الغزل، وإنما هو تذكر وتوجع على الأحبة والأصدقاء، لمفارقته الدِّيار، وتركه الأحباب. أما الغزل، فهو شيء آخر، يمثل عاطفة الحب نحو المرأة، وما يتعلق بها، وأما التشبيب، فهو تذكر أيام الصبا والشباب، والغزل فيه لما فيه من المغازلة والمنادمة  ، ونظرًا لما بين هذه الأمور من تداخل، تداخلت المعاني في الإسلام، وأخذت تعني معاني متقاربة، أو شيئًا واحدًا . (3) 

 فقط أعلق موجزا على قول الدكتور ، الغزل يشترط فيه المواجهة ،، المحاورة ،  المشاكسة ، الموافقة .. وإثارة الغرائز الجنسية من الجنسين ، فالغزل يأتي من الاثنين ،  والنسيب كما ذكرالدكتور  ، وفيه ذكرى ، وأطلال ، ورقة ، وتوجع ، وحسرة ، ووصف لمفاتن المرأة  دون  فضح ، ولا تشهير ، لأنه نسيب ، والرجل هو الذي ينسب ، والمرأة عليها الصمت !!  ومجاله أوسع من التشبيب  ، والتشبيب ليس فقط تذكّر أيام الصبا والشباب ، وإنما  قد يكون معناه أيضاً التشبب لإشعال جذوة القصيدة في بداياتها ليتحول بعدها الشاعر لغرضه كالمديح أو الهجاء أو الفخر ، بل حتى الرثاء ،ولكن تنبه لي رجاءً  - يا حبيبي ، وهكذا نعتك في العنوان الموسوم : قف يا حبيب ، لغرض السجع مع التشبيب والنسيب !! - أقول تنبه لي ، لا أعطيك عهداً أنني سأدرس حالة كل شاعر، سأستشهد به لحظة إبداع قصيدته المستشهد  بها ، وأحلل نفسيته ، وخفاياه ، وخباياه ، وأستل الشعرة من العجينة ، كي أقدمه لك غازلاً  - لا أقول : متغزلا ، لأن الغزل طبعٌ ، وليس تطبعاً - أم متشبباً ،أم ناسبا ، لأن بعض الحالات يصعب جداً الفصل بينها ، لا يعرف سرّها إلا مبدعها ، لذلك اختلط الأمر حتى على عباقرة العرب القدماء ،نص ابن رشيق في العمدة : والنسيب والغزل والتشبيب كلها بمعنى واحد وقال عبد اللطيف البغدادي في شرح نقد الشعر لقدامة : يقال : فلان يشبب بفلانة أي ينسب بها ولتشابههما لا يفرق اللغويون بينهما وليس ذلك إليهم قال العلامة عبد القادر بن عمر البغدادي في حاشيته على شرح ابن هشام على الكعبية : إن التشبيب إنما هو ذكر صفات المرأة وهو القسم الأول من النسيب فلا يطلق التشبيب على ذكر صفات الناسب ولا على غيره من القسمين الباقيين. ثم يوجز هذا البغدادي الفرق بين المفردات الثلاث قائلاً :إن الغزل هو الأفعال والأحوال والأقوال الجارية بين المحب والمحبوب نفسها وأما التشبيب فهو الإشادة بذكر المحبوب وصفاته وإشهار ذلك والتصريح به وأما النسيب فهو ذكر الثلاثة أعني حال الناسب والمنسوب به والأمور الجارية بينهما فالتشبيب داخل في النسيب .(4) 

 وسأسير معك -  يا قارئي الكريم - حتى الصباح ، ثم يأتيك من بعد في حلقة أخرى   ما يضيق به الصباح من الكلام  المتاح ، فأرجو منك السماح   ، فما أنْ نطلّ على أفقٍ ، إلا وأفقٌ  قد لاح  !! 

1 - الغزل:

يذهب ابن منظور في (لسانه):

غزل : غزلت المرأة القطن والكتان وغيرهما تغزله غزلا ، وكذلك اغتزلته وهي تغزل بالمغزل ، ونسوة غزل غوازل ؛ . والغزل أيضا : المغزول . والغزل : ما تغزله ، مذكر ، والجمع غزول ؛ قال ابن سيده : وسمى سيبويه ما تنسجه العنكبوت غزلا ، فقال في قول العجاج: 

كأن نسج العنكبوت المرمل الغزل

  العنكبوت مؤنث  ، والغزل مذكر ، واسم ما تغزل به المرأة المغزل ، و  تميم تكسر الميم ، وقيس تضمها ، والأخيرة أقلها ، والأصل الضم ، وإنما هو من أغزل ، أي : أدير وفتل . وأغزلت المرأة : أدارت المغزل ؛ قال الشاعر: 

من السيل والغثاء فلكة مغزل

 والمغيزل : حبل دقيق ؛ قال ابن سيده : أراه شبه بالمغزل لدقته ؛ قال : حكى ذلك الحرمازي ؛ وأنشد: 

وقال اللواتي كن فيها يلمنني****لعل الهوى يوم المغيزل قاتله

والغزل : حديث الفتيان والفتيات . ابن سيده : الغزل اللهو مع النساء ، وكذلك المغزل ؛ قال : 

تقول لي العبرى المصاب حليلها**أيا مالك هل في الظعائن مغزل

ومغازلتهن : محادثتهن ومراودتهن وقد غازلها ، والتغزل : التكلف لذلك ؛ وأنشد: 

صلب العصا جاف عن التغزل

تقول : غازلتها وغازلتني ، وتغزل أي : تكلف الغزل . وقد غزل غزلا وقد تغزل بها وغازلها وغازلته مغازلة . ورجل غزل : متغزل بالنساء على النسب ، أي : ذو غزل . وفي المثل : هو أغزل من امرئ القيس . والعرب تقول : أغزل من الحمى ؛ يريدون أنها معتادة للعليل متكررة عليه فكأنها عاشقة له متغزلة به . ورجل غزل : ضعيف عن الأشياء فاتر فيها ؛ عن ابن الأعرابي . وغازل الأربعين : دنا منها ؛ عن ثعلب . والغزال من الظباء : الشادن قبل الإثناء حين يتحرك ويمشي ، وتشبه به الجارية في التشبيب فيذكر النعت والفعل على تذكير التشبيه ، وقيل : هو بعد الطلا ، وقيل : هو غزال من حين تلده أمه إلى أن يبلغ أشد الإحضار ، وذلك حين يقرن قوائمه فيضعها معا ويرفعها معا ، والجمع غزلة وغزلان ، مثل غلمة وغلمان ، والأنثى بالهاء ، وقد أغزلت الظبية . وظبية مغزل : ذات غزال . ومنه : رجل غزل لصاحب النساء لضعفه عن غير ذلك . والغزالة : الشمس ، وقيل : هي الشمس عند طلوعها ، يقال : طلعت الغزالة ، ولا يقال : غابت الغزالة ، ويقال : غربت الجونة ، وإنما سميت جونة ؛ لأنها تسود عند الغروب ، ويقال : الغزالة الشمس إذا ارتفع النهار ، وقيل : الغزالة عين الشمس ؛ وغزالة الضحى وغزالاته بعدما تنبسط الشمس وتضحي ، وقيل :هو أول الضحى إلى مد النهار الأكبر حتى يمضي من النهار نحو من خمسه. يقال :أتيته غزالات الضحى؛قال : 

يا حبذا أيـــام غيلان الســرى 

ودعوة القوم ألا هـل من فتى 

يسوق بالقوم غزالات الضحى

وغزالة والغزالة : المرأة الحرورية معروفة ، سميت بأحد هذه الأشياء ؛ قال أيمن بن خريم : 

أقامت غزالة سوق الضراب *** لأهل العراقين حولا قميطا

وقال آخر: 

هلا كررت على غزالة في الوغى ***بل كان قلبك في جناحي طائر (5) 

هل أمعنت النظر ، وتأملت روياً ـ وتفهمت جلياً ، كيف تشعب علماء لغتنا الجميلة في التحليل والتركيب ، والتتبع ، والاستشهاد  ، والربط ، والاستنباط ؟!! يا غزل كم غزلت أنامل الظبيّات الكعاب ؟! ، وكم تغزّلتْ  أفواه الرجال الصعاب ؟ وهل نستطيع في هذا الزمن الصعب الكئيب،المثقل بالجهل والعتمة أن نكرر قول المعري العظيم ؟!!

وإنّي وإن كنت الأخير زمانه **لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ 

  وفذلكة الأقوال أجمعت المصادر العربية كـ ( لسان العرب ) لابن منظور ، و( القاموس المحيط) للفيروزآبادي ، و(تاج العروس) للزبيدي وغيرها على أنّ غزلتِ المرأة- ألقطن اوألصوف. ادارتهما بالمغزل. فالغزل استعمال مجازى مأخوذ من هذه المادة اللغويـة - أى ألغزل- فكلما تدير الغازلة مغزلها لتغزل به القطن ونحو، كذلك يدير الشاعر مغزل فنه لاستماله المرأة واستهوائها.   

غزل بالمرأة - يغزل من باب فرح- حادثها وأفاض بذكرها. وأغزلت الظبية- صار لها غزال. فالغزل ولد الظبية .

هذه ثلاثة معان لكلمة غزل ويوجد ارتباط وثيق بين (غزل الصوف) و( مغازلة المرأه) و(غزل الظبية) . 

وبنحو عام فإنك إذا قرات قصيدة فيها حوار بين الرجل والمراة من قبيل قالت لي ، وقلت لها غضبت مني .. ابتسمت .. خجلت ....تودّدت ، تعلقت ، هامت ،  أو حتى اشاحت بوجهها ، وتمنّعت ، وتدلّعتْ ،فهذا هو ضرب الغزل بينها وبينه مكتمل الصورة والأركان والوجدان، لوجود المرأة والرجل فيذات المكان ، و بنفس لحظات الزمان ، وجرى ما جرى بينهما من كلامٍ ومراودة ولهوٍ وسلوان  ، ومثلما الرجل يتغزل بالمرأة ، فللمرأة الحق الطبيعي  أن تغازل الرجل ، للدوافع الغريزية لديهما  ، فالغزل هو ضرب من ضروب الخِفّة العاطفية لعوامل جينية وإستعداد نفسي فطري موروث . ومنه يقول العرب لبعض أنواع الظباء (غزال) لخفّة حركته ،وإليك هذا الغزل الفاضح الواضح بين عمر بن أبي  ربيعة (  ت   93 هـ / 711م) وفتياته ، غزل وغزل مضاد ، وجهاً لوجه !!:  

هيج القلب مغان وصيرْ*** دارسات ، قد علاهن الشجرْ  

ورياح قد أزرت بها *****تنسج الترب فنونا ، والمطرْ 

 ظلت فيه ذات يوم ، واقفا ***أسأل المنزل ، هل فيه خبرْ  

للتي قالت لأتراب لهـــا ******  قطف فيهن أنس وخفرْ  

إذ تمشين بجوٍّ مؤنــــقٍ ****** نير النبت تغشاه الزهرْ 

بدماث ســــهلة زينها ******  يوم غيمٍ  لم يخالطه قترْ 

قد خلونا ، فتمنين بنا *** إذ خلونا اليوم ، نبدي ما نسرْ  

فعرفن الشوق في مقلتها *** وحباب الشوق يبديه النظرْ  

قلن ، يسترضينها منيتنا **** لو أتانا اليوم في سر عمرْ  

بينما يذكرنني أبصرنني **دون قيد الميل ، يعدو بي الأغرْ 

قالت الكبرى أتعرفن الفتى؟**قالت الوسطي:نعم ، هذا عمرْ   

قالت الصغرى وقد تيمتها *** قد عرفناه وهل يخفي القمرْ  

ذا حبيب لم يعرج دوننا ****** ســــاقه الحين إلينا والقدرْ!

وهذا جَميل معمر العذري (  ت 82 هـ  /  701لا م ) يعازل ابنة عمه بثينة عذرياً ،  وما حظى بها ، وبقى على هيامه ، اقرأ ، ودقق على الحوار :     

بثينة ُ قالتْ: يَا جَميلُ أرَبْتَني ****  فقلتُ: كِلانَا، يا بُثينَ، مُريبُ

وأرْيَبُنَا مَن لا يؤدّي أمانة ً ***** ولا يحفظُ الأسرارَ حينَ يغيبُ

بعيدٌ عل من ليسَ يطلبُ حاجة ً*** وأمّا على ذي حاجة ٍ فقريبُ

وإليك هذالغزل من الماجن   المتهتك أبي نؤاس ( ت 199هـ ، تحقيقي)  ، أخذ ورد ، وعبث ، ولهو ، وتحرش فاضح ، ومهما كان جواب الجارية رفضاً ، دلعاً ، اشمئزازا، تمنعاً ، ابتسامة ، ضحكةً ، قبولاً.. فهو غزل من جهة الصبية ، رفضت أم أبت !! ، اقرأ عزيزي العاشق الولهان :

أين الجواب ,وأين رد رسائلي *** قالت ستنظر ردها من قابلِ

فمددت كفي ثم قلت تصدقوا ****** قالت نعم بحجارة وجنادلِ

ان كنت مسكينا فجاوز بابنا **** وارجع فمالك عندنا من نائلِ

يا ناهر المسكين عند سؤاله **** الله عاتب في انتهار الســائل

2- التشبيب :

جاء في لسان العرب لإبن منظور قوله وتَشْبِـيبُ الشِّعْر: تَرْقِـيقُ أَوَّله بذكر النساءِ، وهو من تَشْبـيب النار ، ويقول الجوهري في (الصحاح في اللغة) : وشَبَبْتُ النار والحَرْبَ أَشُبُّها شَـبّاً وشُبوباً،  إذا أَوْقَـدْتـَها ، و قال الأزهري : شبائب جمع شبة ، لا جمع شابة ، مثل ضرة ، والجمع ضرائر ، قال عمر بن ابي ربيعة : 

فبتلك أهذي ما حييت صبابة *** وبهـا الحيـاة أشبب الأشعـارا (6)

ويذكرالزبيدي في( تاج عروسه ) وشَبَّبَ بالمرأَة: معناه أنه قال فيها الغَزَل والنَّسِـيبَ؛ وهو يُشَبِّبُ بها أَي يَنْسُبُ بها والتَّشْبِـيبُ: النَّسِـيبُ بالنساءِ ،، ويمكن للرجل أن يتشبب بالمرأة ، ولكن لا يمكن للمرأة أن تشبب بالرجل ، وإنما يقال تتغزل به، وسنركن للزبيدي وما يدوّن لنا عن ( شأب) ، وتشبيبها :  الشؤبوب بالضم .  : الدفعة من المطر وغيره . أو لا يقال للمطر شؤبوب إلا وفيه برد قاله ابن سيده . قال كعب بن زهير يذكر الحمار والأتن : 

إذا ما انتحاهن شؤبوبه *** رأيت لجاعرتيه غضونا 

أي إذا عدا واشتد عدوه رأيت لجاعرتيه تكسرا . الشؤبوب : أول ما يظهر من الحسن في عين الناظر . يقال للجارية إنها لحسنة شآبيب الوجه . الشؤبوب : شدة حر الشمس . وطريقتها إذا طلعت . 

الشباب : الفتاء والحداثة كالشبيبة . وقد شب الغلام يشب شبابا وشبوبا وشبيبا وأشبه الله وأشب الله قرنه بمعنى والأخير مجاز والقرن زيادة في الكلام . ومن المجاز : لقيت فلانا في شباب النهار وقدم في شباب الشهر أي في أوله . وجئتك في شباب النهار وبشباب نهار عن اللحياني . أي أوله  وشبة النار : اشتعالها . ومن المجاز والكناية شبت الحرب بينهم .

التشبيب وهو في الأصل ذكر أيام الشباب واللهو والغزل دون وجود الحبيب أو العشيق لحظة الإبداع   ويكون في ابتداء القصائد سمي ابتداؤها مطلقا وإن يكن فيه ذكر الشباب . وفي لسان العرب : تشبيب الشعر : ترقيق أوله بذكر النساء . وهو من تشبيب النار وتأريثها . وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر أنه كان يشبب بليلى بنت الجودي في شعره . وفي الأساس في باب المجاز : قصيدة حسنة الشباب أي التشبيب . وكان جرير أرق الناس شبابا . قال الأخفش : الشباب : قطيعة لجرير دون الشعراء . وشبب قصيدته بفلانة انتهى . وفي حديث أم معبد : فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاوبه أي ابتدأ في جوابه من تشبيب الكتب تشبيب بالنساء في الشعر . وقال أبو زيد : نسوة شبائب في معنى شواب . وأنشد:

 يقول : كما يظهر لون البدر في الليلة المظلمة . وهذا شبوب لهذا أي يزيد فيه ويحسنه . وفي الحديث عن مطرف : أن النبي صلى الله عليه وسلم ائتزر ببردة سوداء ، فجعل سوادها يشب بياضه ، وجعل بياضه يشب سوادها ، قال شمر : يشب أي يزهاه ويحسنه ويوقده

وقال أبو زيد : يجوز نسوة شبائب ، في معنى شواب ; وأنشد: 

 عجائزا يطلبن شيئا ذاهبا*** يخضبن بالحناء شيباً شائبا

يقلن كنا مرة شبائبا

تمعن في الشطر : يقلن كنّا مرّة شبائبا ، هذا يعني التشبيب تذكر الشباب وأيامه  وصباه  ، وكفى ، يعني ليس مراودة النساء ، و اللهو معهنّ ، أو العكس ، وهذا ما تطلق عليه العرب الغزل ،

قال الأزهري : شبائب جمع شبة لا جمع شابة مثل ضرة وضرائر . رجل مشبوب : جميل حسن الوجه (7) 

وعموماً التشبيب عبارة عن وصف حال المعشوق وحال الشاعر فى عشقه تذكراً لأيام شبابه وصباه لأيام مضت ووّلت ، لا من حبيبٍ يواجه ، ولا من عشيق يراود !!

يذكر ( الوكيع) في ( أخبار قضاته) : كان شريح شاعراً معجباً ،وحَدَّثَ جرير، عَن برد بْن أبي زياد، أخي يزيد، قال: رأيت شريحاً كأنه يتشبب له طاقات في لحيته .

ومن شعرالشريح القاضي المتشبب :

تصوبن واستصعدن حتى كأنما *** يطأن برضراض الحصى جاحم الجمر (8)   

  ويسمونه ايضاً بالنسيب أو الغزل خلطاّ ، والخطأً  منذ القدم حتى الآن لصعوبة الفرقان ، ولكن لكلّ شيءٍأصول وجذور بحسبان !!  ،والمشهور بين الناس ان كل صفة او حال يشرحونها فى بداية القصائد باستثناء مدح الممدوح تعتبر تشبيباً .

أمّا  الإمام ابن هشام في صدر شرح بانت سعاد فيقول  : التشبيب عند المحققين من أهل الأدب جنس يجمع أربعة أنواع : 

أحدها : ذكر ما في المحبوب من الصفات الحسية والمعنوية كحمرة الخد ورشاقة القد وكالجلالة والخفر.

 والثاني : ذكر ما في المحب من الصفات أيضا كالنحول والذبول والحزن والشغف. 

والثالث : ذكر ما يتعلق بهما من هجر ووصل وشكوى واعتذار ووفاء وإخلاف. 

 والرابع  : ما يتعلق أمرهما بسببها كالوشاة والرقباء .

ويسمى النوع الأول من الأنواع الأربعة تشبيبا أيضا - وعندي ، والقول لكاتب هذه السطور، هذا هو الصحيح ، أعني النوع الأول -   وفي قول الناظم رحمه الله تعالى : فقد سمع المختار شعر صحابه وتشبيبهم ، إشارة إلى عدم حرمة التشبيب ، ولما خشي توهم إطلاق الإباحة دفع ذلك التوهم بقوله من غير تعيين خرد بخلاف ما إذا كان يتشبب بمعينة محرمة فإنه لا يجوز استماعه (9) ، وأنا عندي  - والقول لكاتب هذه السطور - التشبيب ،أولا هو  ذكر أيام  الشباب ، والعودة إلى ما شبّ عليه الشاعر ، أو استعارة مرحلة الشباب وتقمصها دون وجود العشيقة ، وخصصت لأن المرأة لا يجوز لها التشبب !!، وإلا  عند اللقاء يعتبر غزلاً ، لدوافع غريزية ، وحاجات جنسية ، وإفرازات هرمونية  ، وكذلك من غير ذكر علاقة نسبية بينهما !!  وسيأتيك بالأخبار ما لم تزوّد!!،  وثانياً  عندما يكون الأمر وهماً أو خيالاً يريد به الشاعر إشعال  جذوة  لمجرد مرورٍ وعبور إلى غرض القصيدة ، كما نوّهنا من قبل .  ومثال ذلك تشبيب دعبل -  والقدماء يقولون : نسيب - في مقدمة تائيته الشهيرة  بـ ( مدارس آياتٍ )، نظمها في مدح ورثاء آل البيت ، و ألقاها بحضرة الإمام الرضا ، ولكنه تجاوز التشبيب خجلاً   منه، وطبعاً - وأنت سيد العارفين -  لا أعني هنا بالتشبيب ذكر أيام شبابه ، أويتشبب لإثارة الشجون العاطفية ، واستدرار اللذات العشقية ، وإنما يشبب جذوات نفسه الشاعرة، ليلتهب حرقة ، ويسكب لواعج الرثاء ،   وإليك مطلعها ، كما دوّنها الدجيلي  :

 تجــــاوبن بالأرنــــان والــــزفــــرات * نــــوائــــح عجــــم اللفـــظ والنطقات

يخبرن بالأنفــــاس عـــــن سر أنفس * * أســــارى هــــوى مــــاض وآخر آت

فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت ****** صــــفوف الدجــــا بالفجـر منهزمات

على العـــــرصات الخاليات من المها * ******سلام شـج صب على العرصـات 

فعهــــدي بها خــــضر المعاهــد مألفا ******* من العطرات البيض والخفرات

ليــــالي يعــــدين الـــوصال على القلا *** ويعــــدى تــــدانينا عــــلى الغــربات

وإذ هن يلحظــــن العــــيون ســـوافرا **** ويستــــرن بالأيدي عــــلى الوجنات

وإذ كــــل يوم لي بلحــــظــــي نشــــوة *** يــــبــــيت بــــها قـــلبي على نشوات

فــــكم حــــسرات هـاجها بمحسر ****** * وقــــوفي يوم الجــــمع مــن عرفات (10)    

ومن الجميل جدا ، ومن العذوبة حقاّ ، ومن النغم طرباً ، أن أدعوكم لمرافقتي مع الشاب المتشبب السيد جعفر الحلي ، وقد توفى شاباً (1859 - 1896م)، وهو يتشبب بذكرياته أو أخيلته -  فاضحاً مفضوحا ، ومالحاً مملوحا!! -   أيام شرخ شبابة مادحاً أحد الشيوخ العلماء ونجله ، فالشاعر لم يربطه  بعشيقته الملهمة أيّ نسب مسبق أو صلة فائتة ، فلا عتاب ، ولا وجد ، ولا رسوم ، ولا أطلال ، ولا تحسر ، ولا توجع ، ولا نحول ، ولا آهات ، فمن أين يأتي النسب والنسيب ، ولا هو بالغزل ، من أين يأتي الغزل؟! وبهذا الشكل الفاضح للسيد المعمم الجليل ، وهو يعيش في دروب مغلقة ، وحجب محجبة ، كل ما يستطيع قوله أنّ  يجعلك منبهراّ لتحليلاته وصحونه الطائرة ،  كيف لا؟! وقلبه يطير مخترقاً الاجواء ، وجسمه ينفذ من شقوق الابواب ، وما احسبه نظم الابيات الثلاثة،  الا لكي يوصلك الى البيت الثاني ،  وهو بيت القصيد:

اني شكرت نحول جسمي بالمها ** **اذ صرت لم امنع بكل حجاب

ان اغلقت بابا فقلبي طائرٌ **** والجسم ينفذ مـــــــن شقوق الباب

فانا بعكس ذوي الهوى! اذ دأبهم ****ذم النحول, وشكره من دابي

  على كلّ حال ،لم يفت هذا التشبيب أكبر عمالقة الغناء العراقي ليشدوه مقامات كمحمد القبنجي وناظم الغزالي وسعدون شاكر وكاظم الساهر !! :    

يا قامة الرشأ المهفهف ميلي***بظماي منك لموضع التقبيل ِ

فلقد زهوت بأدعج ومـــــزجج *** ومفلج ومضــرج واسيلِ 

رشأ اطل دمي وفي وجناتـــه  ****وبشأنه اثر الدم المطلول

يا قاتلي باللحظ اول مـــــرة *** اجهز بثانيـــــة على المقتول

مثل فديتك بي ولو بك مثّـلوا** شمس الضحى لم ارش بالتمثيل

فالظلم منك عليّ غـــــير مذمم *** والصبر مني وردها المطلول

ولماك رّي العاشقين فهل جرى***ضرب بريقك ام ضريب شمول

يهنيك ياغنج اللحــــاظ تلفتي****** ياخير آمــــالي واكرم سولي

لام العذار بعارضيــــك اعلني ******* ما خلت تلك اللام للتعليل

وبنون حاجبك الخفيفة مبتل  ******قلبي بهم فـــــي الغرام ثقيل

اتلو صحايف وجنتيك وانت  **** في سكر الصبا لم تدر بالانجيل

افهل نظمت لئالئاً من ادمعـــي *** سمطين حول رضابك المعسول

ورأيت سحر تغزلي بـــــك فاتنا ***** فجعلته فــي طرفك المكحول

اشكو الى عينيك من سقمي بها *** شكوى عليل فـــي الهوى لعليل

فعليك من ليل الصدود شبــــاهة ******لكنها فـــــي فرعك المسدول

وعلى قوامك من نحولي مسحة***** لكنها فــــــي خصرك المهزول

ويلاه من بلوى الموشح انــــه ******* لخفيف طبــع مبتــــــل بثقيل

لا ينكر الخالون فرط صبابتي***** فالداء لـــــم يؤلم سوى المعلول

لي حاجة عند البخيل بنيله *** ***  ما اصعب الحـــــاجات عند بخيل

واحبه وهو الملول ومن رأى**** * غيري يهيم جــــوى بحب ملول

اكذا الحبيب ابثه الشكوى التي*** *** يـــرثي العدو لها ولا يرثي لي (11)

ورثاء سيدنا الحلي الجعفر هنا غير رثائه : 

الله أي دمٍّ في كربلا سفكا ؟ *** لم يجرِ في الأرضِ حتّى أوقف الفلكا !

هل أنت معي ؟  والله أعلم ...!!

 

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.41502
Total : 100