بسمه تعالى:( ۗكَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُون).
الآية الكريمة، تدل على تشابه القلوب والأعمال، فهنّ ناتج ومنتج، سبب ومسبب، مقدمة ونتيجة، فإذا كانت القلوب سليمة، أنتجت أفعالاً طيبة، تسببت في قتح بركات من السماء والأرض، وإن كانت القلوب سقيمة، أنتجت أفعالاً خبيثة، تسببت في نزول البلاء، وحدوث الفتن، ولا يسلمنّ منها حتى الأخيار(واتقوا فتنة)،وقال تعالى:( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)، رغم قلتهم كانوا يفسدون!
لم نستفق بعد من حادثة اقتحام مجلس النواب، وما أحدثته من أنهيار سياسي وأمني، وأرباك أقتصادي في بغداد، وتفجيرات، والأعتداء على التجار، وسرقت محلاتهم، هذا غير القتل فيهم، إلاّ وصحونا على حادثة أخرى، وهي أقتحام لمبنى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء.
التظاهرات والاعتصامات حق كفله الدستور العراقي، ولكن بالطرق السلمية، أمّا إذا رافقتها أعمال عنف، كالاعتداء على الممتلكات ورجال الأمن،فهذا الأمر مرفوض شرعاً وقانوناً، ومن الطبيعي ان يكون لكل فعل رد فعل، وهذا ما وقع وتسبب في سقوط جرحى من الطرفين.
أنا لا أظن، ان المواطن المتظاهر، الواعي والمثقف، الشريف والنزيه، الذي خرج من أجل الإصلاح، يريد ان يكون سبباً في حدوث فوضى، من:جرائم قتل، وسرقات، وتفجيرات، وخوف ورعب في قلوب الناس، واعتقد ان هناك ناس مندسين في جموع المتظاهرين، هدفهم اسقاط النظام تحت شعار الإصلاح، تحركهم أيادي وأطراف خفية، لا تريد للعراق ان يستقر.
قواتنا الأمنية من:الجيش والشرطة، والحشد الشعبي والعشائري، في طريق الخلاص من الأرهاب، والقضاء عليه نهائياً، وحققت انتصارات كبيرة في الرطبة، وهي الآن تستعد لتطهير الفلوجة، وكان من المقرر ان تكون هذه العمليات قبل هذا الوقت، ولكن بسبب اقتحام مجلس النواب، انسحبت فصائل الحشد الى بغداد، فتأجلت، مما ترك هذا الأنسحاب فراغاً في حزام بغداد، أحدث انفجارات في الكاظمية، ومدينة الصدر، وحي الجامعة.َ
قلنا:(ان الاحداث متشابهة)، في حرب صفين، معاوية نصب"خيمة"له في خلف العسكر وجلس فيها، ليقود حرباً ضد الإمام علي"عليه السلام"،والمسلمون يعرفون ما قاله النبي"صلى الله عليه وآله"في علي"عليه السلام":(علي مع الحق والحق مع علي)، فحين دارت رحى الحرب في صفين، وصل مالك الأشتر- قائد جيش الإمام- إلى خيمة معاوية، وكان بينه وبينها عدوة فرس، ويقضي على معاوية، لكن مالك الأشتر ترك القتال ورجع، بطلب من أمير المؤمنين عليه السلام.
السبب في ذلك كان هو المنافق الأشعث بن قيس، فعندما أمر بن العاص برفع المصاحف، والدعوة إلى تحكيم كتاب الله بينهم، ما كانت هذه الخدعة لتمّر، لولا ان تجد لها أذن صاغية من داخل صفوف الإمام علي عليه السلام، كأذن ابن الاشعث المنافق، الذي اشترى ولاءه معاوية بصرر من الدنانير، فأحدث فتنة في داخل جيش الإمام، وأجبر الإمام على وقف الحرب، وهدده بالقتل ان لم يفعل، لأن الأشعث كان كبير قومه، فخشي الأمام من الفتنة، وأمر مالك الاشتر بالرجوع، ونجا معاوية من قبضته، وبعد ذلك حكم الأمويين 80 عاماً بفضل الأشعث!
المنافقون موجودون في الحكومة، والدولة العراقية، ويعملون لصالح الارهاب، وكلما تقدمت القوات الامنية، والحشد الشعبي، لتحقيق الانتصارات، وخاصة في الفلوجة، أحدثوا ضجة وفتنة سياسية، لعرقلة انتصاراتهم، لكن نأمل ان لا يتحقق لهم ذلك، كما تحقق للأشعث ومعاوية عليهما لعنة الله!
مقالات اخرى للكاتب