في بداية السقوط عام 2003 كتبت موضوعا نشرته جميع الصحف البصرية التي كانت تزيد على خمسين صحيفة ومجلة في البصرة .. اسم الموضوع { أنا اعلم بمكان الاسحلة الكيماوية} ، باعتبار إن السبب الذي دخلت فيه أمريكا الحرب بالعراق وقتها تدمير الأسلحة الكيماوية ، وبعد السقوط كنا نسمع تصريحات بعض المسئولين الأمريكان ، إن قواتهم لا زالت تبحث عن الأسلحة الكيماوية رغم مرور عدة أشهر للاحتلال ...
تزامنا مع تلك الحملة ظهر صراع اجتماعي في الوسط الشيعي خاصة ، حول الاعلمية وترجيح فلان على فلان وعدم صواب رأي علان ...وهكذا ..فنشبت عملية تسقيط لا مثيل لها في عالم الإشاعات ، بحيث تأتيك الأخبار من الطرفين بصورة مقرفة خرعة ، إشاعات وكذب وتلفيق وبهتان وزور كلها تصب في التسقيط . فتكونت فكرة في مخيلتي أن هذه الإشاعات أسوء من الأسلحة الكيماوية ، وان أمريكا بدلا من أن تبحث عن الأسلحة والمعدات التي تنتج الغازات السامة الممنوعة عالميا { عدا أمريكا وإسرائيل} فلا تكلف نفسها بالبحث في الصحارى والوديان وفي القصور والدهاليز والسراديب ، إنها أسلحة جرثومية قاتلة بامتياز والكل يعرفها .. وموجودة عند المتحزبين ضد إخوانهم ، كل طرف يمتلك رصيدا ضخما من الأسلحة المحرمة دوليا ينفثها يوميا على الطرف الآخر قربة إلى الله تعالى ...
اليوم ابتلي العراقيون بكارثة التكفير والمفخخات والقتل المنظم ، تفجير المطاعم والكازينات والملاعب ودور العبادة والأسواق والمدارس والمصانع والشوارع ، في مدن سنية وأخرى شيعية ، الوسط والجنوب والمنطقة الغربية وخاصة بغداد والموصل والانبار وصلاح الدين وكركوك ، من كل القوميات والأعراق { عدا الأكراد } لم يسلم أي مواطن عراقي { عدا أعضاء الرئاسات الثلاث وعوائلهم فقط }فمن المستفيد من هذه الفتنة ؟
صحيح هناك تدخل إقليمي مباشر في العراق ، ولكن لا بد أن يكون للوافد للجهاد في العراق موطيْ قدم ودعم مالي { وأعلامي على مستوى الدفاع عن مهمته في الفضائيات من أعضاء البرلمان والوزراء ورؤساء الكتل} ... وبدلا من وضع خطط إستراتيجية لمحاربة الإرهاب الذي تموله آبار البترول الخليجي ... بدأت بوادر الخوار والتراشق بين السياسيين الذين استباحوا أموال ووارداته كما استباح التكفيريون دماء العراقيين ...
تحول الصراع بينهم على اقتسام السلطة والبقاء فيها لأطول فترة وسرقة واردات البلاد, إن هذا الصراع سوف لم ولن ينتهي ما دام هناك منصات بترول تضخ نفط المكاريد للعالم ومواني ومطارات ومنافذ حدودية تدر ذهبا .. سيكون المواطن البائس هو الشغل الشاغل للكتل السياسية تجاهد بكل ما أوتيت من قوة ووسيلة لتامين سلامته وتهيئة جميع الخدمات له وتبليط شوارع البلاد التي لم يجري ترميمها من الثمانيات لحد الآن .. وسيدفع السياسيون من دمهم وراحتهم .. ومن دماء أبناءهم وإخوانهم لأجل الشعب العراقي لأنه يستحق منهم كل الخير
هذا الشعب يستحق كل هذه الخدمات التي يقدمها التكفيريون والسياسيون بالرئاسات الثلاث والأحزاب كافة ولكن الشعب هو الذي يفجر نفسه ويقتل أبناءه لأجل الحفاظ على عروش السياسيين ، لتبقى الرحمة والرخاء والأموال التي يجنونها بسبب حماية شعب العراق ...يقول تعالى { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} ..