يقال أن الذئب ينام مغمضا عينا واحدة، ليترقب بالأخرى محيطه خشيةتعرضه الى مايضره، وهي وسيلة دفاع حباه بها خالقه كما حبا غيره منالمخلوقات بوسائل دفاع عديدة، كالقنفذ بالإبر، والدعلج بالنبال، والظربانبإفراز رائحة كريهة من جلده يرهب بها عدوه وينفـّره، أما ابن آدم فقد حباهبارئه بعقل يتيح له صناعة كل وسائل الدفاع، لـ (يرهب بها عدو اللهوعدوه).
من تلك الوسائل تسخير نوع من الكلاب يطلق عليها الكلاب البوليسية،لتسهيل مهمات عديدة يصعب على الإنسان خوضها او قد تحتاج وقتالإنجازها، ولم يختر الإنسان الكلب لأداء هذه المهمة لـ (سواد عيونه) اولسمعته فهو (اذا گام واذا گعد.. چلب) بل لما يتميز به من حاسة شم قويةتتيح له كشف المخبوء، وكذلك لكون الكلب مأمون الجانب، فلو امتهنالإنسان الأسد على سبيل المثال في مهماته لانطبق عليه بيت الشعر:
ومن يجعل الضرغام في الصيد بازه
تصيده الضرغام فيما تصيدا
وبذا يكون الإنسان قد انتفع من الكلب بخصيصته هذه، وبالمقابل فللكلبهذا "جنات وعيون" إذا ماعلمنا مامتوفر له من سبل العيش. فبدءًا.. له"سجل قيد" و "كنية" ووثيقة صحية ووثيقة سفر، وجدول غذائي ودوائي"يحسده" عليه كثير من بني آدم المنتسبين الى وحدات عسكرية او أمنيةلاسيما في بلد نفطي كبلدنا، وتحديدا بلدنا الجديد الذي أشرقت عليهشمس الديمقراطية والفدرالية والتعددية في نيسان 2003، بعد ظلامالدكتاتورية وسياسة الحزب الواحد والقائد الأوحد، الذي جثم على صدرهأربعة عقود. كذلك للكلب هذا ساعات عمل محددة، تتخللها أوقات راحة فيثكنته المكيفة، يراعى فيها ماقد يعاني منه هذا الـ "منتسب" من حرالصيف وقر الشتاء في أماكن أدائه الواجب. كما إن "دوامه" يجب أنلايتجاوز 30% من أيام الأسبوع.
ولن أطيل الكلام عن هذه الكلاب لئلا يقول البعض عني: (حط عقله ويهالچلاب) أو قد يصيبها مكروه فأتهَم بأن عيني (تصيب بالمكان)، وساعتهايردد قارئ مقالي هذا الآية الكريمة: "ومن شر حاسد إذا حسد". فلنستبشر خيرا بهذه الخطوة وألف مرحى بالـ "كلاب" مادامت ستحققللعراقيين ماعجز "سابقوها" عن تحقيقه، فوالله مامن عراقي إلا وكانتامنيته الأولى الأمن والأمان، من دون أن يشير إلى جهات تحقيقهواستتبابه.
والشيء بالشيء يذكر.. إذ يعيدنا ذكر الأمن والأمان إلى جهاز كشفالمتفجرات، الذي يأبى بقوة وصلابة مغادرة نقاط التفتيش وبواباتالمؤسسات والمنشآت الحكومية، على الرغم من ثبوت عدم صلاحيته وبطلانفعاليته، إلا في مجال كشف العطور والأدوية وحشوات الأسنان والـ(flash memory). وبما أن إيضاح سبب التشبث باستمرار العمل بهوعدم إحالته على التقاعد، مازال عصيا على مسؤول عراقي كبير أو صغير(أو وسطاني) فإن هذا يثير تساؤلات تستجد فيها الحيرة، وتتعاظم فيالإجابة عليها الهوة الفاصلة بين المواطن وأجهزة الدولة المسؤولة عنحمايته، تلك التساؤلات هي:
هل أن حاسة الشم عند الكلاب البوليسية وحدها أكثر كفاءة من الحواسالخمسة التي يمتلكها عناصر السيطرات الأمنية؟ ولو أصابت الكلابعدوى التقاعس والتهاون والتواطؤ والإهمال، وقصرت في أداء واجبهاواستمرت التفجيرات.. هل نستعيض عنها حينذاك بالكركدن؟ أمبالديناصور! أم تستمر التفجيرات رغم أنف المخلوقات جميعها إلى يوميبعثون!
مقالات اخرى للكاتب