لطالما أحتضنت" أُم العراق" أجزاء الوطن؛ لِتُطعم صِغارها، تحت سماءٍ زرقاء هادئة، وأرضٌ معطاء بالخير الوفير، وموانىء دافئة؛ تسري منها وإليها السفن المحملةُ بشتى أنواع البضائع، وشطٌ مُبتسم بِنسيمه العطِر؛ يُعانق دجلةَ والفُرات؛ حفيف النخل، وتمتمات الدعاء، وشقشقة العصافير مع بزوغ الفجر.. جعل منها واحةً آمنة؛ يلتقي فيها المغتربين بعد الجفاء الطويل.
لوحةُ أسمُها" البصرة"؛ قد جعلتنا لا نُكذب ما أُقص عنها، من أساطير ، وحكايات" سندباد" ورحلاته الشيقة الى أرضها التي يطفوا على سطحها الخضار، والماء، والوجهُ الحسِن، والنخيل الشامخ.
توالت الأزمان، وسني القحط؛ ليهجُر" السندباد" ملاذه، بعد إن شوهت الحروب ملامح الجمال، وتبعثرت أشياء مدينته المُفضلة، وإندثر الصفاء بسُحب الدُخان الأسود... صمُتت الطيور بعد سماع العويل، وصُراخ الظُلم، لتُعلِن هِجرتِها الى واحةٍ مُستقِرة.
بعد زوال دِكتاتور الحروب الخاسرة" الصنم" وعبيده البعثيين؛ تأملت المدينةُ خيراً... أن يعود" السندباد" الى موطنه الذي ترعرع فيه.. لكن الأخير؛ لم يعُد!
بعد أن وطأت أقدام" علي بابا" البرلمان؛ شُرعت القوانين، كالحبرِ على ورق، ولا تشمل من شرَعها ودونها!ّ ووضِعَ دستور( بابا سامحني) ليكون الأساس في التجربة( الديمقراطية!) الجديدة!ّ.
حُمِلت البلاد بِسفينة المتسلطين والسُراق، الى مرسى الخراب، وصارت مفاتيح" مغارات البترول" بيد السلطان" علي بابا"(ودع البزون شحمة) ولم يحصل من تقع على عاتقهم شؤون المدينة، بأعمارها، وبناءِها، سوى دينارٍ واحد عن كل برميلٍ من الذهبِ الأسود( من الطاكَة باكَة) يكفيهم لإدارة مدينتهم، ويسُد أحتياجات أهلِهاّ!.
لقد طاولَ المدينة السأم والضرر، حتى يعود سندباد الى واحته الآمنة، وتبين فيما بعد ، أن عودته خيط دخان!، وتطاول" علي بابا" بالفساد، وسرقة المال العام، وتشريع القانون، وبلورة المشاريع التي تصب في خدمة الناس، بالشكل الذي يتوافق مع مصلحته النفعية الضيقة!.
لازالت البصرة تنتظر" سندباد" تحت سقف التهميش، ومُماطلة صناع القرار، وسلطوية " علي بابا" على مشاريعٍ تخدم تداعياته. وأستغلال البترول، لديمومة البقاء على حِساب أهله!
هكذا أستُغلت" أم العراق" وأستُبدلت حقوقها بالعقوق، ونهب" علي بابا" ما نهب، وفتحت مغارات البترول على يد الفاسدين، بدون ( السمسم!) وهاجرَ "سندباد" بعد ما أستطال الخراب على يد المتأسلمين، والمتخندقين في جلباب الوطن..!
مقالات اخرى للكاتب