صحيح ان البلدان المستقرة امنيا ومنها : جميع دول الجوار والمحيط الاقليمي ما عدا سوريا - التي تتعرض لهجمة ارهابية مثل التي يتعرض لها العراق – صحيح ان تلك الدول لم تستهدف ارهابيا ولم تتعرض لتآمر وتكالب قوى الشر والجريمة المنظمة المدعومة ماليا وتسليحا ولوجستيا من السعودية وبعض دول الخليج، لكن امنها واستقرارها لم يتحقق لهذا السبب فقط .اذ وضعت حكومات دول العالم قوانين صارمة رادعة بحق المجرمين والعابثين دون رحمة او تهاون ، وضبطت حدودها ورسمت خطط دفاع امنية ستراتيجية على المديات القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى ومن بينها خطط الطوارئ المتحسبة لجميع الامور والمحتاطة لأسوء الحالات ، معتمدة على شبكات امنية واجهزة استخبارية مختصة متعددة الاغراض ،مستعينة بخبراء ومؤسسات ذات خبرة واسعة في مجال اكتشاف ومحاربة الجريمة ،واخرى اختصت بعالم الارهاب المنظم الذي برز وتطور خلال العقدين الاخيرين من القرن الماضي،فضلا عن قوات الشرطة وقوات مكافحة الاجرام وقوات التدخل السريع . الحالة العراقية اكثر تعقيدا واشد تداخلا واعمق التباسا لأسباب عديدة منها:- اولا :- تركيبة المجتمع الاثنية والدينية والمذهبية وشيوع ثقافة رفض الاخر التي زرعها الاحتلال العثماني في ذهن شريحة معينة ورسختها الحكومات المتعاقبة على حكم العراق وجذرتها سلطة البعث لأكثر من اربعة عقود. ثانيا :- دول الجوار تخشى انتقال عدوى التجربة الديمقراطية وتتسبب في ازالة عروشها ولذا تعاقدت وتعاهدت مع الجهات الداخلية التي لم تقتنع بعملية التغيير ومع الجهات التي فقدت امتيازتها للعمل على اسقاط التجربة الديمقراطية فوجدت في اشاعة الفوضى والارهاب واضطراب الامن خير وسيلة لعرقلة مسار العملية السياسية وبالتالي اسقاطها. ثالثا :- وجود ما يسميه العراقيون ( حرامي البيت ) الذي يصعب اكتشافه والذي لاتعنيه مصلحة العراق ومستقبل اجياله ، مدفوعا بحقد ضياع حكم فصل على مقاسه - ( حسب ما يعتقد) –. هذه الارهاصات تجعل المسألة الامنية اكثر تعقيدا، ما يتطلب تظافر جهود العراقيين جميعا، وتدعو الحكومة الى البحث عن حلول ستراتيجية و الاستعانة بخبرات دولية مختصة في حرب الخنادق المتداخلة. المعالجة بردات الفعل بعد حصول تفجير هنا وكارثة هناك ،واعتقال مجموعة واطلاق سراحها او فرارها او تهريبهاا فيما بعد حلول ترقيعية لاتنهي الارهاب ولاتحقق الاستقرار.
مقالات اخرى للكاتب