خيم على أمزجتنا حزنٌ كئيب نتيجة ضحايا التفجيرات الأخيرة في مدينة الصدر- الثورة في بغداد الذي أدى بحياة الكثير من أهلنا المساكين والأبرياء ، ولكن ما يثير في النفس غصة هو تناول الإعلام العراقي لهذا الحدث ، حيث تجد الكثير من وسائل الإعلام لعبت دور المبالغة في التصوير والتهويل لهذا الحدث المشؤوم ، بينما قنوات أخرى اعتراها الصمت واللامبالاة تجاه هذا الموت المجاني .
إن مصيبة الإعلام في العراق كمصيبة قوى الإسلام السياسي الحاكم ، تجدها مخادعة وتهكمية تجاه الإحداث ولاسيما السياسية منها حيث تلعب على وترٍ حساس الا وهو الطائفية وهو معيار دنيء لايمت لقواعد اللعبة الصحفية بشيء ، فمزايدات الطبقة السياسية الحالية عبر التنديدات والاستنكارات يشوبها شيء من الغموض والريبة ، لأنها تتحرك وفق دوافع المصلحة الشخصية وليس من منطلق الحقانية الوطنية لذا تجد كل زعيم هو راعي رسمي لقناةٍ ما او صحيفةٍ معينة ، تبني إستراتيجيتها الخطابية وفق أمزجة الزعيم الممول لها ، فلذا تفقد المهنة صفتها اللصيقة بها وهي( الحقيقة ) فمعيار الصدق والدقة ينظر إليه من أفقٍ ضيق ، وفق أهواء الحزب السياسي الراعي لهذه الوسيلة أو تلك ، فتناثر الحقيقة تجدها متفاوتة في عراق ما بعد 2003 نتيجة تعدد الأقطاب السياسية التي تحمل إيديولوجيا هابطة، بالتالي يكون الخطاب المصدر إلى ذهن المتلقي خطاب هابط لا يحمل إي معيارية بنيوية تجاه المجتمع والذات الإنسانية ، إن مطاوي الإعلام في العراق ذات أسس رخوة تصعد وتهبط وفق الأجواء السياسية المختنقة في البلاد والتي يُصعد من زخمها القادة السياسيون ، حيث مبادئ الشرف الصحفي اغلبها مفقودة لدى وسائل الإعلام وتدرك جيداً أنها تتاجر بدماء العراقيين عند قيام حدثٍ معين فبعض القنوات تصعد في إعداد القتلى لكي تثبت فشل الحكومة لأنها خصيمة لها ، بينما الأخرى تحاول التقليل والتقليص من إعداد الموتى بل يتم تحويلهم الى جرحى لأنها بوقُ حليف للحكومة الراعية لها ، فينبغي إظهار الحسنات والإغفال عن السيئات ، فالدماء العراقية أضحت رخيصة في متاجر القادة السياسيين وعملية التسويق لهذا المتاجر يتم عبر الإعلام ، وسيذكر التاريخ دور هذا الإعلام في أتون العملية الطائفية في العراق وكيف حشد ونظم الكثير من العقول البسيطة نحو التخندق والمذهبية والفئوية وكيفية الابتعاد عن روح المواطنة العراقية وخلق أجواء تعج بالخلافات والاحترابات وإشاعة روعة الاستعداء والضغينة بين افراد النسيج الواحد.
مقالات اخرى للكاتب