تزايدت تظاهرات العراقيين الشجعان ضد الحكومة الفاسدة والطبقة السياسية المتنفذة وهي تحمل صفة أبشع وأسوأ طبقة مرت بتاريخ العراق السياسي ، ولعل قراءة سريعة في هتافات وشعارات آلالاف العراقيين المتظاهرين تختزل وصف هذه الزمر من اللصوص والمجرمين وقتلة آمال العراقيين وسلامة الوطن .
كل تظاهرات العراقيين نتيجة فساد الطبقة السياسية واستهتارها بحقوق الشعب ،سواءا جاءت عبر اعتصامات المحافظات الستة منذ سنة تقريبا ام تظاهرات عموم المدن العراقية ضد رواتب تقاعد النواب والوزراء والرئاسات التي تنهب المال العام بأستهتار مطلق ، كلها تجري بسياق طبيعي وبشعارات انتجها عقل هادئ ينظم الرفض الغاضب في ايقاعات تشكل موسيقى مزعجة للطبقة السياسية المتهمة .
لكن تظاهرات أهالي كربلاء العفوية التي حصلت أمس الأول ،وهتافهم
"بالروح بالدم نفديك ياصدام " تشكل صدمة وانذاراًمبكرأ لايصح ان يعالجها قادة حزب الدعوة باعتقال عشرات المواطنين الكربلائيين وبعض قادة ضباط شرطة كربلاء ..!
جاءت تظاهرات كربلاء نتيجة قرار رفع عشرات البسطيات ومثلها من الأكشاك التي تعتاش عليها مئات العوائل من مدينة كربلاء ، بعد ان أهملهم الفساد الحكومي وأهدر أحلامهم بحياة حرة كريمة ، قرار قطع أرزاق الناس لم يعالج ببدائل واقعية أو حلول تعويضية تنصفهم وعوائلهم وتقيهم غائلة الجوع والفقر ، بل تعاملوا بطغيان مفتوح وإهمال يعني الإستهتار بحقوق الناس بالعيش ، فجاءت ردة الفعل مساوية للفعل ولكن على نحو يحمل دلالات موجعة للأسف الشديد .
أول تلك الدلالات أن المواطن الذي جرده نظام الدكتاتوري من استحقاقه بالرفاهية وجعل نصيبه بسطية أو كشك يعتاش عليه ، جاءت حكومة المالكي لتجرده من هذه البسطية أو الكشك وتلقي به في مهاوي الجوع والفاقة .
الدلالة الثانية ان شعار بالروح بالدم نفديك ياصدام ، أصبح سلاحاً تشهره الطبقات الفقيرة والمستضعفة بوجه الطغاة والفاسدين الجدد ، وما يعمق الجرح انه لم يخرج على لسان متظاهرين في الأنبار أو الموصل أو صلاح الدين ، بل في كربلاء موطن حزب الدعوة الحاكم .
الدلالة الثالثة ان المالكي وبطانته الفاسدة التي تؤلف أسوأ سلطة طاغية مستهترة متخلفة شهدها العراق ، صارت تتفوق على ظلم صدام وجنونه ، وصار المواطن يهتف للدكتاتور ويترحم على ايامه لينفس عن دواخله الحزينة المهضومة ، وتلك أعمق حالة أسى يعيشها المواطن في كربلاء وبقية مدن العراق بعد ان نهبوا ثراته وكرامته وحياته .
أضاعوا العراق بإنحطاطهم وروحهم الإنتقامية وشراهتهم ، وقريبا سوف يسمعوا الشعب كله يصرخ بوجوههم ؛ أخرجوا من بلادنا ايها القتلة .