أعترف بأنني فوجئت بالخبر حين قرأته للوهلة الأولى في الخامس عشر من الشهر الجاري في أكثر من موقع , وفضًلت الأنتظار لبضعة أيام للتأكد من صحته أولاً وامكانية العدول عنه ثانياً , لاسباب عديدة لعل أهمها أن الرجل المستقيل مرتبط بكتلة مهمة لها مساحات تأثير في عموم وسط وجنوب العراق , ومسببات الأستقالة المعلنه متوفرة في جميع المحافظات , فلماذا يستقيل الرجل هنا ولايستقيل أقرانه هناك ؟, لكن عشرة أيام على الأستقالة أعتبرها كافية للتأكد من أنها حقيقية مؤكدة ولم يتراجع المستقيل عن تنفيذها .
المستقيل هو المستشار السياسي لرئيس مجلس محافظة واسط السيد ( وائل العبودي ) الذي ينتمي الى المجلس الأسلامي الأعلى ويشغل منصب رئيس شورى تيار ( شهيد المحراب ) في واسط , وقد سَبًبَ أستقالته ( نتيجة للأحتقان السياسي المُنذر بحدوث صراعات داخل المجلس على حساب مصلحة المحافظة , وعدم رغبته في أن يكون شاهداً على حالة الأرباك والفوضى السياسية ) .
هذه الأستقالة ربما هي الأولى التي لاتزال صامدة أمام تأثيرات الغائها , وربما كذلك سبقتها رغبات بالأستقالة أجهضتها قرارات رؤساء الكتل على أُسس التوافقات في مواقع عديدة خلال العشرة أعوام المنصرمة , ورغم ذلك فهي تحسب للسيد ( وائل العبودي ) بالدرجة الأولى ولكتلته بشروط تعميمها على أعضائها في مواقع عملهم ضمن طواقم مجالس المحافظات الأخرى التي تتشابه ظروف أدائها مع ما أعتبره المستقيل سبباً كافياً لأستقالته , وهو متوفر وجلي للعيان في هذه الدورة وماسبقها , وليس أدل على ذلك من النتائج المخيبة للآمال في جميع محافظات العراق التي يُشارك في قيادتها تيار ( شهيد المحراب ) , أذا قورن بحجم التخصيصات التي أستنفذتها مجالس المحافظات طوال الدورتين السابقتين بالمقارنة مع الأنجازات المعلنه وحجم الفساد الضارب في أروقتها وجميع دوائرها الخدمية .
ولأننا على أعتاب الأنتخابات القادمة , فأن السيد ( وائل العبودي ) مدعو للترشيح لها ليكون أحد ( الفرسان الجدد ) الذين يملكون شجاعة الموقف أمام مغريات السلطة , والقادرين على اشاعة ثقافة محاربة الفساد ورفض الخضوع قسراً للمشاركة فيه بالأستقالة المعلنه أسبابها الحقيقية دون مراوغات ولاجبر خواطر , حتى يعرف العراقيون معادن قياداتهم المنتخبة , وليس معقولاً أن المستقيل اليوم مستنداً لهذه الأسباب الشريفة سيكون غداً متسبباً في أعادة أنتاجها .
أفترضُ أن هناك نظرتان للسيد ( وائل العبودي ) بعد أستقالته الشجاعة , الأولى من فريق الحاسدين له على موقفه الوطني الشريف بانحيازه لمصلحة شعبه وعجزهم لأي سبب عن أتخاذ موقف مشابه , والثانية من الفريق الشامت به وهو يضحي بمكاسب منصبه , وهؤلاء هم الأنتهازيون وتجار المصالح والمدعوًن الذي تضجٌ بهم شاشات الأعلام وهم يتباكون على مصالح المواطنين دون أن يحاسبوا أنفسهم على البقاء في مواقع سلطاتهم التي توفر لهم المكاسب التي ينعمون بها , لكن الغالب الأعظم من أبناء الشعب سيذكرون للسيد ( وائل العبودي ) موقفه المُشًرف في وقتِ عزًت فيه هكذا مواقف .
أخيراً سيبقى مضمون هذا المقال صالحاً لهدفه طالما بقى الحال على ماهو عليه . !
مقالات اخرى للكاتب