Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
المسخُ , بنجامين بوتون.....
الأربعاء, تشرين الثاني 26, 2014
هاتف بشبوش

 

إذا ما أردنا أنْ نستعرض دورة الحياة الطبيعية للإنسان من الميلاد حتى الممات والتي هي عبارة عن عذابات وآلام على مسار خطها المتواصل من البداية حتى النهاية : في البداية يكون وليداً رضيعاً , ثم يكبر شيئأ فشيئا فيحبو , ثم يصبو, فيدخل التعليم الأبتدائي , يراهِق , يدخل التعليم الثانوي ثم الكلية , يبحث عن العمل , ثم مشاكل الحياة , ثم الزواج ,والإنجاب , فيكون له أطفالا يربيهم على هواه , يكبر , يصبح جدا , يشيخ , يمرض , يكون عالة على ألآخرين في شيخوخته , لربما يصل التسعين أو المئة من العمر الرذيل , يكون حزينا , خائفا من النهاية الحتمية , ثم في نهاية المطاف لابد أنْ يرضخ لسلطان الموت والإندثار تحت التراب والى الفناء , هذه هي الحالة الطبيعية لبني البشر في هذا الكون المترامي .

الفلم العالمي The Curious Case of Benjamin Button (حالة بنجامين بوتون الغريبة)) , يتناول الحياة الطبيعية للإنسان التي شرحناها أعلاه بالمعكوس , أي تبدأ من القبر الى أنْ يموت الإنسان طفلا رضيعا بين أحضان زوجته . الفيلم فيه من الفنتازيا الصارخة , والإبداع الخيالي المذهل من قبل المؤلف .الفلم من تمثيل النجم الكبير ( براد بت) والحسناء ( كاتي بلانشيت) من إنتاج 2008 والذي يتحدث عن إنسان يولد شيخا عجوزا وكأنه في عمر التسعين , ثم يبدأ يعيش الحياة بالمعكوس , أي يبدأ الحياة من الشيخوخة حتى يموت طفلاً رضيعا بين أحضان زوجته التي تكون حينها عجوزا لأنها عاشت الحياة الطبيعية , يموت وهو طفلاً لايفهم معنى الموت والألم الذي يسببه, هي فكرة تعجيزية تريد أنْ تحلم في أنْ يموت الإنسان بلا عذاب و لايدري ماذا يدور حوله , عكس مانعيشه اليوم ونحن نموت شيوخا عالة على أهالينا وذوينا خائفين من سلطان ورعب الموت القاهر , هي فكرة جاءت نتيجة عذابات الإنسان ومايفكر به على الدوام في الموت والفناء , فكرة تريدْ أن تخرج من التقليد السائد الذي يعم البشرية في طقوس الموت . الفلم يبدأ برَجل يموت إبنه في الحرب ولا يطيق صبرا على فراقه , فيقوم بصنع ساعة جدارية كبيرة في مدينته بكونه العالِم الميكانيكي الشهير في هذا المجال , وفي يوم حفل تنصيبها على جدار المدينة يرى الناس بأنّ الساعة تدور بالمعكوس , فضحكوا عليه , لكنه أخبرهم بحزنٍ عميق : أنا صنعتها بهذا الشكل , لعلّي أستطيع إرجاع الزمن الماضي البعيد فنرى أبناءنا اليافعين الذين ماتوا نتيجة الكوارث الطبيعية أو الحروب ,نراهم أمام أعيننا وهم يزخرون بحياة هانئة هادئة . أي حزنٍ وألمٍ هذا الذي حلّ بهذا العالِم الأب الذي فارق إبنه ولم يستطعْ صبراً عليه , وأي حزنٍ هذا الذي جعل من هذا الأب مبدعاً ومخترعاً لهذه الساعة وبهذه الفكرة العجيبة , نستطيع أنْ نقول ,أنّ معظم إبداعات الإنسان هي نتيجة الألم والمصائب والنكبات التي تحلّ به , فيلجأ الى تلك الإختراعات والإبداعات لعلّها تخفف من ثقل ما مرّ به من أوجاعٍ لاتطاق . بعد إنتهاء حفل تنصيب الساعة الجدارية الكبيرة , يموت الأب قهرا وحرقة وبكاءاً على إبنه , يموت وهو مبحراً في زورقٍ صغير لوحدهِ هاربا من زحام المدينة التي تذكره بأبنهِ الفقيد .

ثم تبدأ في المدينة ذاتها حياة جديدة أخرى , حيث يولد في البلدة طفل أشبه بالمسخ , طفل بملامح عجوز في عمر التسعين , تموت أمه ويأخذه أبوه ويرميه على عتبةِ ناسٍ غرباء للتخلّص من هذا المسخ الذي جلب العار لأبيه الثري والبرجوازي الطاغي والمترفع عن هذا العار الذي جاء به هذا الطفل البرئ . زوج وزوجته يعثران على الطفل أمام عتبة الدار فيرونه طفلاً غريبا عجوزا و مسخاً , يخافونه في بادئ الأمر , ثم تحن عليه الزوجة فتأخذه( كل النساء ينظرنَ الى أطفالهنّ من جانب المثل الدارج , القردُ في عينِ إمهِ غزال) , فيعيش بين كنفها مع زوجها الرجل الطيب . ثم تبدأ حياة بنجامين بوتون المعكوسة, يبدأ حياته كشيخٍ عجوزٍ بين أحضان أمه الجديدة , يبدأ حياته شيخاً رضيعا تهدهده أمه بين ذراعيها , تعطيه الحنان الإمومي الكامل , بل أكثر من الأم الحقيقية , ثم يصغر قليلاً , قليلاً , فيجلس على عربة للمعوقين , لايطيق حياته, يشعر بأنه عالة على ذويه وأمه وأبيه يتمنى الخلاص العاجل , مثل حالنا حينما نكبر ونصبح شيوخا عالة على كل من حولنا . الناس ينظرون الى بنجامين بنظرات كمن ينظر الى شيخ في أيامه الأخيرة , لكنه يبدأ بالصغر من عمر الشيخوخة وبالتدريج تنازليا , أنه شيخ عجوز لكنه يحمل بعض الملامح الطفولية في تراسيم الوجه , وجه لم تألفه البشرية من قبل , أنه التركيبة الموميائية الغريبة الملامح التي صنعتها فنون السينما بين المكياج والمونيكير ومايحتاجة من طلاءات ومساحيق بحيث أعطت لنا بشكل مذهل وجه براد بت( بنجامين) على تركيبةِ شيخوخةٍ وطفولة . الطفلُ العجوز ( بنجامين) يكون له بعض الأصدقاء الأطفال ومنهم الطفلة كارولين في عمر أقل من السابعة أو أكثر بقليل , فيعيش معها حياة الطفولة البريئة بكونه طفلاً لكنه غريب في أطواره وشكله الشيخوخي المقيت , تحبه الطفلة كارولين منذ الصغر وكأنه دمية عجوز , حتى يكون لهما قصة رومانسية جميلة خاصة بهما في أيام الشباب اليافع حتى إكمال مسيرتهما كزوجين رائعين , حيث يبدأ الحب , ثم اللقاءات , والمناكفات , وخصام , ونزق , ثم زواج بعد مرور الحياة في منعرجاتها ومشاكساتها وتناقضاتها . في صباها تذهب ( كارولين) الى مدينة أخرى ويفترقان فترة من الزمن ويودعان ذكرى طفولية تبقى عالقة بين الذوائب , راسخة بين شآبيب القلوب , مرسومة على أديم مقلتيهما. هي تكبر وتصبح في عمر المراهقة والجسد المهفهف , هي الآن كارولين الكبيرة الجذابة ,ذات النهدين الطافحين ( كاتي بلانشيت) , كارولين تنتمي الى نادي لرقص الباليه وتشارك في المسابقات الكثيرة وتصبح مشهورة في هذا المجال , تكبر وتصبح في غاية من الجمال المثير , بينما هو يصغر . ينتقل بنا الفلم الى المتغيرات التي تطرأ على وجه بنجامين العجوز , متغيرات من عمر التسعين ثم التنازل في الصِغَر الى عمر الثمانين , ثم السبعين , وهكذا تنازلياً يرافقها متطلبات الحياة في كل مرحلة من مراحل الحياة . اليوم هو مليئ بالفرحة والسرور , وعنفوان الشباب , بينما الآخرين قلقين من الشيخوخة والكبر والمرض والموت القادم لامحالة , حتى تدورالشاشة فيظهر لنا بنجامين الشاب الأنيق الجميل ( براد بت) وهو في عمر يتجاوز العشرين مرتديا الجاكيت والبنطلون الأبيضين , أنه ملائكي الطلعة , أنه اليوم مكتملا ناضجا فواحا , طريا , جذابا , مبتسما على الدوام , . ذهبت الشيخوخة منه , وجاءت الفتوّة والطراوة وشقاوة المراهقة والركض وراء النساء الجميلات , شئ لايصدق , رومانسية صارخة نشاهدها مع هذه المشاهد المثيرة والحزينة والمفرحة في نفس الوقت , إنها المشاهد التي تجعل منا في حالة من الجذل , في حالة من الذهول , وحالة من التحديق في وجه هذا الشاب الجميل الطلعة والذي كان بالأمس شيخا مسنا مقرفا عاجزا ومقعدا , تهربُ الناس من رائحة شيخوخته , بل ثقيلا على كل من يقرب منه . مشاهد تجعلنا ننسى مايدور حولنا أثناء متابعة الفلم الشيق منذ البداية حتى النهاية, مشاهد في غاية الرونق والجمال , مشاهد تجعلنا نحلم لو أنّ الحياة تعطف علينا وتجعل السنين تدور بالمعكوس , مشاهد تجعل منا نتأفف على مامضى من الشباب الذي لايعود , تجعل منا نطلق الحسرات على ما ألمّ بنا من ألم وحرقة ونحن نكبر يوما بعد يوم مودعين الفرحة والإبتسامة الشبابية والمشاكسات النزقة التي سوف تندثر لامحالة في يوم ما وتقبع في قبرها المظلم في هذه البقعة من الأرض . مشاهد التحوّل من الشيخوخة الى الشباب التي طرأت على بنجامين المسخ , تجعل منا ساذجين نتقبلُ فكرة الحلم المستحيل عن تلك الأقراص التي نستطيع أنْ نبتلعها فنرجع شبابا فرحين مغتبطين . هذا المولود المسخ لقد حقق حلم ورغبة الميكانيكي مخترع الساعة التي تدور بالمعكوس , الذي كان يحلم بأرجاع الزمن لكي يرى إبنه الفقيد في ريعان شبابه. هذا المسخ الذي يشبه رجلا قادما من القبر , يصبح في شبابه جميلا بهيا , ثم يكمل بقية الحياة من الشيخوخة حتى الطفولة الرضيعة , ثم الموت في حضن المرأة الحبيبة و الزوجة .

بنجامين الشاب الأنيق اليوم , المحبوب من كل النساء , الذي ودع الشيخوخة الى غير رجعة , يحن الى صديقة الطفولة كارولين , يسألُ عنها , يعرفُ عنوانها , يذهب اليها وهو في ذروة عنفوان الشباب الصارخ , حتما سوف تُعجب به كارولين , ولم لا وهو صديق الطفولة , حتما سوف تنذهل أمام الجمال هذا الذي كان شيخا هرماً , أو تنصدم لهول المفاجئة والمعجزة التي لايمكن تصديقها . يذهب بنجامين الى نادي تعليم الرقص حيث هي هناك ، كارولين الشهيرة اليوم والتي تسافر من بلدٍ الى آخر لكي تقدم عروضها الراقصة , يدخل المرقص فيراها من بعيد مع أحد الفتية من ذوي الدلال والبذخ , تصيبه الغيرة , يخرجُ من المرقص دون أنْ يراها , ينتظر خارجا , تخرج هي وتراه منتظراً حاملاً باقة من الورد , تتفاجأ هي لكونها غير مستعدة لهذا اللقاء دون سابق إنذار , كما وإنها لم تعرفه جيدا , أنه كان الطفل العجوز , الشيخ المسخ , الذي ودعته أيام طفولتها , حتى قدم نفسه اليها , وحدقت به كثيرا , فلاتصدق أنّ الواقف أمامها هو بنجامين , ياللهول , تعانقه بشدة, فرحة عارمة تهزّ كيانها , لكن صراخا من صديقها الشاب , كسرَ الموقف الرومانسي المذهل هذا , فأشعل نار الغيرة لدى بنجامين , أنه اليوم الشاب الغيور , شابُّ ترفُّ لايضاهى في الخلقةِ والخلق , أنه ذلك الفتى الناضج , و المفضل لدى جميع النساء , وسيمُّ , غيور , علاوة على كل ذلك , ثري جدا , حيث ورث من أبيه الحقيقي الذي تركه طفلاً رضيعا مسخاً على عتبةِ ناسٍ غرباء , أبوه الذي لم يصدق أنّ ابنه بهذه الطلعةِ البهية والشباب الحيوي , فأرسل اليه قبل أنْ يموت بداءِ عضال , أراد أنْ يكفّر عن ذنوبه إتجاه فلذةَ كبده , فترك له جميع ثروته . هكذا هي الحياة إذا أدبرت , جمالُّ , ثراءُّ , وحسناوات .

حينما يرى بنجامين حبيبة الطفولة كارولين مع صديقها , يرحلُ عنها حزيناً , غيورا , مقهورا , متأسفاً . هي الأخرى تتركه على مضض , لكنها تشعر بأنّ شئ قد حصل وهزّ كيانها . بعد سنينٍ يحصل لها حادثة تصادم , تجبرها على أنْ تترك عالم الرقص والشهرة , ترجع الى أهلها وذويها وأحياءها وذكريات بنجامين , أول شئ فعلته هو السؤال عن بنجامين , ذهبت الى منزله , فكان اللقاء الرهيب , هو كان منتظراً قدومها , وبدون ايةِ مقدماتٍ تعانقَ العاشقان , وكأنهما خلقا لبعضهما . لم يتعاتبا أبداً , تزوجا فوراً , عاشا الحياة الهانئة , أنجبوا إبنتهم الوحيدة . ثم تظهر لديهم مشكلة كبرى هزّت أركان مابنوه معاً من حب وحياة , وهي أنّ بنجامين بدأ بالصغر في عمره , وهي بدأت في الكبر , يصغر هو حتى يصبح في عمر المراهقة بينما هي في عمر يتجاوز الأربعين , هو لايستطيع صبرا على ذلك , مما يضطر الى هجرها والسفر الى الهند , لكي لايصبح عالة عليها , حيث يقول لها , بعد سنين قليلة سأكون طفلا صغيراً , فكيف لك أن تربينني , وتربين أبنتنا في نفس الوقت , أن هذا فوق طاقتك, ياللهول ماهذه التضحية وماهذا الحب الذي يعلو على القيم والمفاهيم , ينفصلا عن بعضهما ويذهب الى الهند . يرجع من الهند بعد مشوارٍ طويل , فيجدها قد تزوجت من رجلٍ طيبٍ .

بنجامين عاد اليها وهو في عمر المراهقة , تحن عليه , يمارسا الجنس خلسة , حيث هو المراهق وهي المرأة العجوز التي تخجل أنْ تُريه ملامح جسدها الذي تجعّد بفعل الشيخوخة , فكان هذا آخر لقاءٍ جنسي بينهما .

هو يصغر الى عمر السابعة أو الخامسة , فيكون مشرداً في الشوارع , تعثر عليه الشرطة , لايعرف حتى أهله وزوجته وإبنته , يصاب بالزهايمر , ولكونه طفلاً فلايعرف من الذكرى شئ . الشرطة تجد في جيبه هويته الشخصية , فيستدلّون من خلالها على زوجته , فتأتيه , وتراه في عمر الخامسة في ملجأ للأحداث , لايتذكر منها أي شئ , تأسف عليه , فيصيبها الأسى والحزن . في آخر الفلم نراه في عمر الرضاعة في حضن زوجته , دافئا , مسرورا , هانئاً , وبنظرات مبهمة , يبدو عليه بأنه قد عرفها , وهاهو اليوم يودع حبيبته وهو بين أحضانها غضاً غريرا , دون أنْ يعرف أنهُ ينتظر الموت بإغفاءةٍ أبدية , دون أنْ يعرف ماهو الشعور بالموت , دون أنْ يعرف ماهو وداع الأحبة والأبناء , إنها الميتة الجميلة ,الهادئة والرومانسية , أنها الميتة التي لاتشهد أي عذاب , إنها الميتة التي أراد الفلم أنْ يوصلها لنا . وينتهي الفلم مع هذه الميتة التي تشبه الولادة ,عكس ما نحنُ عليه حينما نموت في شيخوختنا معذبين من المرض أو من أشياء الحياة وتفاصيلها الثقيلة والمخيفة والغيبية التي توعدنا بعذابٍ أليم .

 

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.48118
Total : 101