لا اعتقد ان عاقلا يرضى لافعال داعش أو القاعدة وغيرها من التنظيمات الارهابية ، كما لا يرضى العاقل لافعال المليشيات البطاطية وغيرها التي هجرت وقتلت العوائل العراقية بمختلف المحافظات ،التسميات تختلف لكن الهدف واحد هو قتل المواطن المسكين بل والتفنن بقتله والمنافسة على من سيقتل ويذبح اكبر عدد من الناس .
علينا أن نبحث عن الأسباب التي ساعدت هذه التنظيمات والميلشيات (الأرهابية) بأن تتواجد في المجتمع العراقي بشكل كبير ، وكثير من الشباب الذين يستخدمهم القاعدة والميلشيات اليوم هم من المجتمع العراقي بلاضافة إالى الجنسيات الآخرى ، لا أبالغ اذا قلت ان قدرات هذه التنظيمات تفوق الجيش العراقي الذي هو الآخر عليه علامات استفاهم كثيرة في طريقة تكوين هذا الجيش وسنتطرق اليه ايضا .
فمن الاسباب التي ساعدت القاعدة والميلشيات على تجنيد الشباب ،هنا اريد ان أذكر ماقاله الاخ والعزيز استاذ (فلاح المشعل ) في مقاله بعنوان "كيف تصبح ارهابيا"وانقله لكم بالنص ( العوز والبطالة والشعور باليأس وفقدان الإحساس بالأمان وانتحار صور المستقبل تغلق أمام الشباب أبواب الأمل ، وتبقي باباً واحدة فقط هي باب الجريمة ..!؟ الطبقة الحاكمة وخطابات السيد نوري المالكي لايهمها ان تحول الشعب كله بإتجاه الجريمة ، ولايعنيهم ان كانت الجريمة أخلاقية أم جنائية أم أرهابية تنتقم من المجتمع ..! المهم انهم يسيطرون على السلطة والثروة ولهم النفوذ و{الشرف} المحصن بالمنطقة الخضراء . لو كان لنا قضاءاً عادلا لنشر أسباب ارتكاب مئات الشباب لأعمال أرهابية بدافع الحصول على المال وثأراً من وطن تعامل معهم وكأنهم كلاب سائبة ..!) وفي نفس المقال يقول ( الواقع العراقي في ظل غياب العدالة والتنمية وانتشار البطالة والفساد صار يدفع بقوة لتكون ارهابيا ، واصبح مناخا خصبا لتوفير جيش جاهز للقاعدة والميليشيات والجماعات الإجرامية ، وهذا هو طموح الحكومة كما يتضح في السنوات العشر الماضية التي هشمت ماتبقى من حياة عراقية كريمة )
وهذه من الاسباب الرئيسة التي ساعدت الجماعات الأرهابية في استغلالها للشباب، فعلا عندما يغلق كل الابواب بوجهك في مجتمع لايسود فيه العدل والقوي يأكل الضعيف حينها لن يتردد ولو للحظة بأن ينظم الى القاعدة أو الميلشات الأرهابية ويرتكب جريمة وبثمن بخس حتى .
علينا أن نعترف ان الميلشيات والقاعدة باتت اليوم قوية في العدة والعتاد واليوم قوتها لاتقتصر على التفجيرات والذبح والتهجير العلني فقط بل قوتها تكمن ايضا انها الان اخترقت المؤسسات الامنية ،واستطاعات اختراق المجتمع العراقي وتجنيد الكثير منهم وتواجدهم لايقتصر في صحراء الانبار بل الان هم متواجدون في كل المحافظات العراقية .
نقولها وبصراحة تامة المالكي لايفقه بأمور الأمن والدفاع وهو لم يجرب حتى الخدمة العسكرية ولايدرك شيئاً من شؤون السوق والتعبئة والتدريب واساليب القتال وعمل الإستخبارات وقواعد الفكر الأمني والعسكري ..! سلاح القاعدة والذي ﻻنستطيع السيطرة عليه ليس البندقية والمدافع الرشاشة والعبوات . السلاح الخطير الذي يقوي القاعدة هو الفكر والعقيدة اللتان تسيطران فيهما على ادهى العقول . والميلشيات تقوم بذات الشي وهو اللعب على الوتر الطائفي. القاعدة اليوم وجدت شباب متهم بانه ارهابي فاحتضنهتم وهيأت لهم كل الوسائل ليكونوا مقاتلين وهاهي النتيجة بدأت تكبر وتقوى هذه التنظيمات بسبب سلوكيات حكومية أقل مايقال عنها سخيفة.
ثم أالسؤال هنا أين كان نور المالكي وحكومتته في دورتين من القاعدة والميلشيات ؟ وهل هذه التنظيمات الارهابية اليوم ظهرت على الساحة ؟
لماذا في هذا التوقيت يريد محاربة الارهاب ؟
ثم كيف سيقضي على اقوة تنظيم ارهابي في المنطقة خلال أسبوع كما يدعي في تصريحاته وهو قرابة ثمان سنوات لم يقضي عليهم بل المصيبة انه كان يدعم بعض الميلشيات وفتح السجون أمام الارهابين (أبو غريب_الكاظمية) بغض النظر عن الاسباب ومن يتحمل مسؤولية هروبهم!!؟ .
بالنسبة الى الجيش العراقي أقول لاشك ان في هذا الجيش من هو وطني وحريص على ابناء شعبه وولاءه فقط للعلم العراقي ولااشك ايضا ان الكثير منهم ضحوا بأرواحهم في سبيل هذا الوطن.
لكن الحقيقة المرة التي يجب ان نقولها خصوصا اذا أردنا جيشا يمثل كل اطياف الشعب العراقي ويكون ولاءه للعلم لاغير، هو ان هذا الجيش تكون وبني على أساس خاطئ وهنا اعود وأذكر ماقاله الاخ والاستاذ(فلاح المشعل) منذ عدة شهورفي مقال بعنوان (المالكي وضريبة الموت) يتحدث عن الجيش وكيف اسس هذا الجيش بعد 2003 فيقول (يعتمد الجيش على مجموعة من ضباط الدمج الأميين وآخرين ممن يقدمون له الولا والمعلومات الكاذبة كما يذكر ذلك النائب عزة الشابندر ..)وفي نفس المقال يقول ايضا( المؤسسة الأمنية والعسكرية اليوم تتغذى بالروح الطائفية والثقافة النفعية وكسب الأموال والثروة هاجس الضباط الصغار والكبار ، والقائد العام للأمن والجيش مرتاح لهذه النتيجة فهو مكتف بحماية نفسه بالخضراء فقط .. وموت الناس ثمن بقائه في السلطة )
واضيف انا الى ماقاله استاذ فلاح للاسف أقول اصبح قائد فرقة ب 40 دفتر يتعين ، امر لواء 30 امر فوج 20 امر سرية بمكان حيوي يعني تجاري ب 5 دفاتر وهكذا .
و هنا لا أريد ان اعمم على كل الجيش لكن نقول الاغلبية منهم اليوم ولاءهم ليس للوطن أو العلم بل الولاء للطائفة والحزب والقومية والحاكم وبتالي يكون الثقة مفقودة بين اغلب المواطنين والجيش ، ولنكن صرحة اكثر خصوصا في ا"لمناطق الغربية" وفقدان الثقة لم يأتِ من فراغ انما من خلال سلوكيات المالكي خصوصا بعد حادثة "حويجة"يوم اقتحام اعتصام الحويجة، وهو نقطة سوداء في تاريخ السياسة العراقية ، وبهذا الفعل الغير عقلاني قدم هدية مجانية لتنظيم داعش، وجعل عددا كبيرا من الاهالي يشعرون ان الدولة تستهدفهم طائفيا وهذه حقيقة يجب ان نذكرها لو اردنا ان نحل المشاكل في هذا البلد المنقسم بفضل هؤلاء الحثالة، وان أغلب اهالي الغربية نقولها وبصراحة اصبحوا يفكرون أن من الممكن لداعش ان تثأر لهم في لحظة العزلة والشعور بألأقصاء .
وها قد تحقق ذلك وهو امر طبيعي كنتاج لمدخلات خاطئة في عملية الانتاج اليومي لسياسات الحكومة في ادارة الدولة .
يبدو ان المالكي يريد ان يعيد سيناريو"مجزرة الحويجة" و انه يريد خلق ازمة جديدة تعيدنا الى الى نقطة الصفر ، القاعدة ليست غبية الى هذا الحد كي تتخذ من خيام على الطريق السريع مقرا لها القاعدة موجودة الان في دوائر الدولة والمؤسسات الامنية وفي كبد الصحراء باغطية مختلفة .
التجارب السابقه تقول ان السيد المالكي شخص يتخذ ردات الفعل بدون تفكير , متهور وغير متزن القرارات , القاعدة المجرمة لم تكن لتحصل على تعاطف او حتى قدرة على التجنيد لولا ان ظلم الحكومه يوفر بيئه لنمو هذا التطرف في حالات شاذه ، لذلك لا اظن ان المالكي على هذا القدر من المسؤولية لكي يحتظن سكان تلك المناطق ويثبت انه رئيس وزراء لكل العراقيين , ولا قيادات الجيش الفاسدة في اغلبها ستنطفيء افكار القمع لديهم , الجيش كل يوم يُرسَل لمحرقة صنعتها سياسات المالكي و يتم زجهم بدون تخطيط بل وحتى تدريب كافِ في أتون صراعات تصفيه،ولو كان نوري المالكي رئيس كل العراقيين ، لكانت مناصرة الجيش اليوم في معركته أكثر.
ااما بالنسبة لاعلام نوري المالكي الذي روج وضخم كثيرا للعملية الاخيرة وقد نجحوا وبشكل كبير في التأثير على الناس عاطفياً خصوصا بعد تصريحاته الآخيرة اللاعقلانية ، وعليه ان يبتعد عن الاساليب الرخيصة لاستقطاب جمهوره قبل الانتخابات ،ثم هنا نطرح سؤال ونقول هل هذه المرة اﻷولى التي يشن فيها الجيش عملية في الصحراء الغربية؟
الجواب لا لكن ألفرق أن اﻹلعلام نفخ البالونة أكبر من المعتاد هذه المرة لأغراض دعاية لاأكثر واعترف انه نجح الى حد بعيد .
بالنسبة للذين يتغنون بصولات المالكي الحقيقة لم تكن لهذا الرجل اي صولة ففي البصرة عندما ذهب اليها ذهب بحماية الامريكان وكانت المروحيات الامريكية تقصف عناصر جيش المهدي لتحد من قوتهم اما في 2008 عندما ذهب للموصل ليعلن عن زئير الاسد فلقد فشلت بتنسيق سوري ايراني بأخراج القاعدة الى سوريا ومن ثم اعادتهم الى العراق مرة ثانية لينشروا في الموصل الرعب والدمار وليجعلوا كل ابناء المدينة هدفا لأجرامهم.
التفجيرات والقتل المستمر لن ينتهي في العراق إالا إذا كان هناك فعلا نواية صادقة للقضاء على القاعدة والميلشيات بشكل نهائي ولايكون الهدف هو دعاية انتخابية كما يحصل اليوم.
نوجه نصيحة لنوري ومن يأتي بعده : العراقي الاصيل والحريص على شعبه ووطنه عليه ان يشعر بأن جميع ابناء شعبه هم كأفراد عائلته وان الوطن هو بيته الكبير ، فكما يشقى في العمل من اجل ضمان لقمة العيش المناسب لافراد اسرته وبيته يؤمن فيه جميع مستلزمات العيش الكريم ، على العراقي الاصيل وهنا اقصد من بيده المسؤولية اياً كان ان يشعر ذات الشعور اتجاه ابناء وطنه ولا فرق في الحقوق والواجبات بين العراقيين ، العراقيون متساوون بالحقوق والواجبات ذلك مذكور في الدستور .. مع الاسف نحن في زمن يعتقد من بيده السلطة والتي فوضه بأمرها الشعب بموجب الانتخابات ، يعتقد انه يتحكم بمصائر ومقدرات الشعب ويسعى الى تحويل الشعب الى قطيع من الاغنام يصادر حقهم في التعبير عن ارائهم وسعيهم نحو العيش الكريم بحجج واتهامات جاهزة .
مقالات اخرى للكاتب