تشدد العراق الجديد في تطبيق مفهوم اجتثاث البعث ، و ذلك لضمان عدم عودة هذا الحزب و قائده المقبورالذي اضطهد العراقيين إيما اضطهاد. و لم يعدم وسيلة في تطبيق الاجتثاث فكل الموظفين ممن كانوا بمراكز حزبية متقدمة اُعفوا من الخدمة. شمل ذلك كل مفاصل الدولة العراقية من مؤسسات حكومية جيش و شرطة ( بل إن الجيش تم حله على اعتبار إنه جيش المقبور صدام) و رغم أن الكثير من الموظفين حاولوا الاحتجاج بإنهم أجبروا على الانضمام في صفوف البعث المجتث حفاظا على وظائفهم و مصدر رزقهم، لكن هذه الحجة لم تشفع لهم. بل إن العام الحالي شهد محاولة لأزاحة سليم الجبوري من منصبه لأنه تجرأ و التقى ما تم تصنيفه على أنه قيادات البعث المجتث في الدوحة. بل كان العراق و إلى عهد قريب يتهم سوريا بايواء قيادات البعث المجتث مما تسبب في توتر شديد في العلاقات بين البلدين.
و بينما كان العراق يجتهد في التخلص من أركان النظام السابق، لم يجد رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي و وزير الاتصالات في حينها بأسا من التعاقد مع تاجر عراقي يدعى نظمي عوشي قام بتزويد نظام المقبور صدام بالأسلحة. العبادي في أول إجراء له كوزير اتصالات قام بوضع يده في يد شخص تلطخت يداه بدماء العراقيين!! بماذا استخدم المقبور الأسلحة التي اشتراها من نظمي عوشي؟ أليس لقتل العراقيين؟ نظمي عوشي يمتلك حصص في شركة أوراسكوم أو كما يعرفها العراقيون شركة عراقنا. إن كل دينار دفعه العراقيون كأجور لأستخدام الهاتف النقال ذهب ريعه الى قاتلهم " نظمي عوشي" بعلم و معرفة و مباركة العبادي. و أرفق الأدلة و كما يلي:
تشير الصفحة السادسة والثمانين (ص86) من التحقيق الذي أجراه المفتش العام الأمريكي في حزيران 2004 الى حصول " نظمي عوجي" على امتيازات و منافع من العقود. نظمي أوجي هو رجل اعمال عراقي الاصل المحكوم عليه في فرنسا و ايطاليا لدوره بتزويد نظام المقبور صدام بالأسلحة بشكل غير مشروع بالإضافة الى الرشاوي التي تلقها من برنامج النفط مقابل الغذاء. بل أن التقرير يعتبر العقد مؤامرة. أنظر الرابط
http://cryptocomb.org/DoD-IG-Report-on-Iraq-Cellphone-Licenses-FOUO.pdf
كل هذا في سبيل رشوة مقدارها خمسة ملايين دولار! قام العبادي ببيع " القضية" التي يدعي أنه مستعد أن يدفع حياته ثمناً لها! ففي الوقت الذي كان الآف العراقيين يطردون من الخدمة لم يجد العبادي "ما يمنع" من التعاقد مع قاتل العراقيين و اعتبار العقد فتحاً مبيناً.
و فوق كل هذا " يُكافأ" نظمي عوشي على السلاح الذي قتل العراقيين بحصوله على اموال من قتلهم بمباركة و موافقة قائدهم الجديد العبادي.
نظمي عوشي يمتلك ستة ملايين و نصف كحصة في شركة أوراسكوم التي أرسى العبادي العقد عليها بشكل مخالف للقانون. فالشركة لم تدخل في منافسة للحصول على العقد. بمعنى أن قاتل العراقيين الذي باع السلاح لنظام المقبور حصل و يحصل على 6% من الارباح التي جنتها شركة أوراسكوم من العراقيين. مرفق الرابط الذي يشير إلى حصة نظمي عوشي في العقد . بل أن الناطق الرسمي باسم قوات التحالف في وقتها انتقد العقد قائلاً " أن نظمي عوشي لعب على كل الحبال بما في ذلك صدام حسين"
http://www.nbcnews.com/id/3476025/ns/nbc_nightly_news_with_brian_williams/t/iraqi-contract-may-benefit-controversial-businessman/#.Vn1LOfkrKM8
و لهذا حاولت قوات التحالف إيقاف العقد و أجرت تحقيقا في الموضوع. أنظر الرابط.
http://www.alyaum.com/article/1126440
لكن السؤال الحقيقي لو أن وزير أو نائب من جهة سياسية أخرى مستقل، علماني، سني قام بامضاء عقد يذهب ريعه لقاتل تعاقد مع نظام المقبور أما كان مصيره الاجتثاث و التشهير بل وربما الاعتقال، لكن تم مكافأة العبادي و باستمرار فقد انهى مدة ولايته كوزير اتصالات دونما حاسب و سؤال ثم عمل مستشارا للجعفري – ليشير عليه بالتعاقد مع نظام المقبور- ثم رئيساً للجنة المالية البرلمانية–فهو خبير بقبول الرشاوي المالية - ثم أخيرا رئيس وزراء يطالب ليل نهار بأمضاء الجيل الرابع من عقود عراقنا لأنها تضمن حرية التعبير! و ليس للاستمرار تدفق رشوته لا سامح الله!
هل هذا ما نؤسس له في العراق الجديد؟ قادة فاسدون يتاجرون بدماء و اموال العراقيين؟ ألم يجد العبادي من يأخذ منه الرشاوي غير تاجر سلاح النظام المقبور؟ أم أن العبادي لا يهتم بمصدر الرشوة بقدر اهتمامه بقيمتها!! كيف يقبل البرلمان العراقي بهذا الاستخفاف بدماء العراقيين؟ ألهذا الحد دماء العراقيين رخيصة و لا قيمة لها! نحن نعلم إن هيئة النزاهة لن تحاسب العبادي على الرشاوي التي استلمها من العقد على اعتبار أنه فوق كل محاسبة و القانون لا يسري عليه. وإلآ أين كانت النزاهة منذ عام 2003 و لحد الآن؟ تلاحق الأبرياء لتحويل الانظار عن جرائم العبادي! و قد نجحت الهيئة في " عملها" و بتفوق.
لكن أن يسكت البرلمان العراقي عن عقد ينتفع منه قاتل العراقيين الذي ارتبح من دماءهم لمجرد أن من أمضى العقد هو شخص متنفذ أو قيادي في حزب فهذا منتهى الخيانة و الجبن و الدناءة. ألم يُقسم اعضاء البرلمان اليمين على رعاية مصالح شعب؟ أم أن القسم بالله العظيم " كليشة" لا قيمة لها.
إذا كان من حق العبادي أن يتعاقد مع قاتل العراقيين دون وجل أو خوف أو عرضة للاجتثاث ، فبإي حق اذناً تم اجتثاث الآف الموظفين العراقيين البسطاء؟ فالعراقييون يدفعون أجور لمن اطلق النار عليهم! لمن قتلهم و قتل ابناءهم! على الأقل الموظفين البسطاء لم يزودوا المقبور بإي سلاح ثم يدعوا البطولة على شاشات التلفزيون! فإيهما أولى بالاجتثاث موظف بسيط أُجبر على الانضمام تحت وطأة الطاغوت أم شخص يمتلك منتهى الحرية و النفوذ و الصلاحيات لكنه اختار بمحظ ارداته التعاقد و بشكل غير قانوني التقاعد مع النظام المقبور؟ العبادي انتمى لحزب البعث المحظور بمحظ ارادته مقابل خمسة ملايين دولار!!! ترى هل يستخدم العبادي السلاح الكيمياوي ضد العراقيين لقاء عشرة ملايين دولار؟ بالتاكيد يفعلها. من يضع يده بيد تاجر تقطر دماء العراقيين من يداه، لن يتردد لحظة واحدة من أن يفعل إي شيء لقاء مبلغ أعلى!
يبدو أن من شروط منصب رئيس الوزراء في العراق الجديد هو تقديم موارد العراق و على طبق من ذهب لأركان النظام المقبور! تُرى هل هناك علاقة بين سيطرة اركان النظام المقبور على شبكة الاتصالات في العراق و الانهيار الأمني الذي يشهده العراق من عام 2003 و إلى حد الآن؟ بالتاكيد لا. فالعراق في إيدي أمنية فهو في إيدي العبادي الأمينة الشريفة العفيفة. هنيئاً لنا العبادي و عقود العبادي.
مقالات اخرى للكاتب