يطرحون في "الغرب" أسئلة مشتقة ومركزية. هل يستطيع نظام العراق الحالي أو المقبل مواجهة هذه الأخطار التي تصطخب وتتنقل، تهدأ وتثور، ترسل نذرها وتنتظر؟.. بعض الساسة يطمح لطيب الذكر من بعده. غير أن المشاعر لا تكفي لمواجهة الخطر. تحتاج المواجهة لمشروع وأدوات وآليات عمل وثقافة.
وهذه مغيبة حالياً. المالكي مريض بالطائفية. وشديد المركزية. يريد أن يعرف كل شيء ولا يستطيع أن يعرف هذا الشيء مهما تعددت الشروح والشّراح، وأن يكون له رأي وله القرار. الشعب تعب من حمل الساسة الآباء. فكيف الحال بالأبناء. وأبناء الأبناء. المصطفين بانتظار دورهم. زاد شرههم واستعجالهم للسلطة "أحمد نوري المالكي". تحتاج المرحلة لقيادة حية سريعة ردة الفعل سريعة إتخاذ القرار ذات ثقة وحضور في العواصم الممسكة بالمصائر. قيادة توظف كل رصيدها البشري والمادي والثقافي في المواجهة. عناصر النظام الحالي تحديداً المالكي ليس ذاك. إنه رجل حسابات. همه الأول الوراثة والتوريث والمواقع. همه الثاني أمن الأُسرة والحزب. همه الثالث كيف ينفق موارد النفط التي تثير شره الكثير في مشاريع غير ذات نفع وأُخرى غير ذات جدوى. يعرف المالكي أن الكل من حوله عرباً ومسلمين ودولاً عظمى تتطلع لهذه الموارد. لا يحسن أو يرفض توظيفها لصالح شعبه.
لكلٍ أسبابه ومطالبه وحقوقه. لكل قوته وإسلوبه في الحصول على حصته. دور المالكي هو التوفيق والتوزيع. لا الإغداق على إيران والتضييق على العراق.
النظام حارس بيت المال لا صاحبه. صفقات الأسلحة هي بعض ثمن البقاء. مشاريع توسعة المقدسات كبيرة وترضي الكثيرين من ذوي ((النهم)) وتترك أثرها الحزبي السلبي لا الديني الإيجابي. يحتاج المالكي دوماً لارضاء المشاعر الدينية ورجال الدين. يدرك المالكي أن موارد النفط هي التي تحفظ أمن الأُسرة والحزب (الحاكمان) بقدر ما يهددهم النفط.
يفضلون في "الغرب- واشنطن" إستبدال المالكي بـ((مصرفي)) محنك. يوفق بين ضبط الموارد وإنفاقها. ضبطها ليوم شدة قد يجيء على شكل أزمة عالمية أو حرب- حروب إقليمية يشارك فيها العراق بأرضه ونفطه، وإنفاقها لشراء الرضى والأمن الداخلي والعربي والدولي. الرشوة ليست عملاً فردياً فقط. إنها سياسة دولة في علاقتها بالعواصم الكُبرى وكل ذوي القوة ويتطلعون لحصتهم منها. العراق سوق دائمة للتصريف والإستهلاك. يسترد فيها الغرب باليمين ما يدفعه بالشمال. وحين تتراكم الموجودات يمكن للأزمة المالية أن تستعين بها. إنها إحتياط مصرفي آمن.
ثمة نقطة أُخرى مغيبة ويجهلها الكثيرون. أميركا لم ولن تخرج من العراق. مشروعها قائم ويفتدونه بـ"الروح" وبـ"الدم" نظام: قائم. وقادم. ولاحق. كيف تفرط أميركا بـ((بنك)) تصرف منه شيكات من دون رصيد على نحو دائم؟.. هذا هو سر الحماية والبقاء إذن أو جانب منه. إنه مصرف عراقي مليء لحساب أميركي مفتوح.