من ابرز مزايا النظام السياسي في العراق الحديث بفترة مابعد نظام صدام المقبور , ميزة المال السياسي وتعشق رجال السلطة بعلاقات خفيه وخطيرة بتجار ومقاولين فاسدين , الامر الذي سرّع بخراب الاقتصاد العراقي .

فحين تلتقي شهوة جمع المال الحرام من بطون جاعت ,مع الاعيب وتفنن المفسدين من المقاولين والتجار والماليين , حينها تبرز طرق شيطانية واساليب مبتكرة في سرقة المال العام بتسارع يكون معه ابتلاع ملايين الدولارات كمثل ابتلاع قرص الاسبرين .

وتعد قضايا الفساد التي فاحت مؤخراً وبطلاها فيصل الخضيري وولده اسعد الخضيري , من اخطر قصص الفساد المعاصرة , لارتباطها بانهيار المنظومة التعليمية العراقية وسرقة فاحشة للمال العام .

ففي كثير من قضايا الفساد في العراق يكون المقاولون الفاسدون من الاسماء الطارئة على المقاولات والتجارة , الا ان الفساد هذه المرة جاء من ابواب لعائلات تعمل بالتجارة منذ ثلاثة قرون في العراق , لتنحدر سمعة العائلة العريقة الى تبييض الاموال والنصب والاحتيال وفق ماصدر من مذكرات القبض بحق الخضيريين والمرفقة طيا , وفق دعاوى اقامها عليهما مجلس ادارة مصرف دار السلام , بعد ان افتضح امر تلاعبهما الكبير باموال المستثمرين و بعد ان استغلا المصرف لتنفيذ جرائمهما ضد الاقتصاد الوطني و سرقة اموال المساهمين فيه وتبييض الاموال.

ولنا هنا ان نهنيء الادارة المالية الشجاعة للبنك والتي استطاعت اقتلاع عناصر الفساد من ذوات المناصب الرفيعة لفترة طويلة في المصرف , وهو مثال حي لحيوية وصمود اصحاب الحقوق امام المتوسخين بالمال العام (وياليت تستطيع حكومتنا الرشيدة ان تتعلم من ادارة مصرف السلام , في اقتلاع الفساد ورؤوسه مهما كانت مناصبهم ).

ولعل اشهر فضيحة لطخت سمعة عائلة الخضيري هي فضيحة هدم وبناء المدارس , كان هنالك عقود لهدم مدارس ايلة للسقوط واخرى طينية وعقدان لبناء المدارس بقيمة اجمالية تتعدى الثلاثمائة مليون دولار , وكان مساعي قائمة المطلك وتميم , ان تحال لشركات تابعة لفيصل الخضيري , وحين اعترضت الجهات العليا , تم الالتفاف على الامر من خلال التلاعب باحالتها على وزارة الصناعة الكربولية , لشركة الفاو لتحيلها بدورها بقدرة قادر لمقاول ثانوي هو وبالطبع رجل الأعمال البريطاني الجنسية صاحب فندق أرض سومر في منطقة الجادرية , وعبر شركتي رودس وتاك سيرفس التابعتين له ولولده , ونعني به فيصل الخضيري ذاته !!!!!

وتشير الوثائق (التي لم تهتز الى الان لها شعرة في هيئة النزاهة) الى ان الملياردير فيصل الخضيري ,عراب قائمة المطلك ووزير تربيته السابق محمد تميم , وحين كان رئيساً لمجلس ادارة مصرف دار السلام , قام بسحب مبالغ بناء المدارس التي خصصت الى الشركتين , ومقدارها خمسون مليار وكذلك مبلغ ١٣٦ مليار دينار , حيث تم ايداعهما بنفس البنك العائد لادارته حينها , كما تبين الوثائق بان المبالغ عادت وأبتلعت دون معرفة مصيرها وتم تحويلها الى حساب شخصي ؟؟

وقد قامت شركة الفاو برفع دعوى قضائية ضد السيد فيصل الخضيري بسبب تأخير بناء المدارس وعدم انجازها، ولكن الواسطة والمحسوبية أفشلت الدعوى

وطبقاً للمعطيات فان الهدم (كما هو في كل شيء) كان العملية الاسهل , اما بناء المدارس فاصبح في خبر كان , ولا أمل في ظل الصمت المريب على المفسدين ان تتم الملاحقة القانونية الحقيقية لفيصل الخضيري ووالده اسعد ومن ساندهما من حيتان السياسة , مالم تتوفر ارادة حقيقية للاصلاح كتلك التي توفرت لمجلس ادارة مصرف اهلي استطاع ان يقتلع زعماء الفساد فيه ويجعلهم بين ليلة وضحاها هاربون من وجه العدالة , بعد ان عاثوا فسادا ً .

ان انهيار عقود المدارس وسرابها وخرابها قد اثرا بشكل جوهري في المستوى التعليمي والتربوي للطلبة , وصاروا يحشرون في الصفوف باوضاع مزرية بسبب شهوة الاموال السحت التي ابتلعها اناس لم يراعوا حرمة وطنهم , ولا حرمة الطفولة العراقية , ولاحتى حرمة وسمعة عائلاتهم العريقة التي لطخوا اسمها في الوحل من اجل حفنة دولارات