من الحكم ذات النظرة العميقة والبعيدة ، والتي لطالما انطبقت على واقعنا العراقي ، تذكر دائماً ان الصحيح ليس دائماً شائعا ً ، وان الشائع ليس صحيحاً دائماً ، ابعاد العواطف عن القرارات المصيرية والحاسمة غالباً ما ينجيك من عواقب وخيمة ، انت في غنى عنها . وحدة التشيع ، والظهور بالمظهر المنسجم والموحد سياسياً ، كان مطلباً جماهيرياً واسعاً ، وان كان هذا الظهور مبني على أسس واهية ، ويخفي خلفه تناقضات صارخة ، وخلافات حادة ، قد تؤدي في بعض الأحيان الى الصدام ، حيث لم يتم التعامل مع الوضع السياسي بواقعية ، وانما تعامل معه بنفعية من بعض الأطراف ،
فأن اردتم وحدة التشيع عليكم ان توافقوا على كذا وكذا ، وان اردتم ذلك عليكم التغاضي عن كذا وكذا ، وبات هذا ديدن البعض يعتاشون على مساومة الآخرين على وحدة جبهتم السياسية بات مشروع الكتلة العابرة للطائفية ليس حاجة سياسية ، وانما ضرورة وطنية ، لأنتشال ما تبقى ، وفتح صفحة جديدة ، حيث تعتبر هي الحل ، بعد فشل كل التجارب السابقة ،
وخصوصاً تجربة اشراك الجميع في الحكومة ، ومحاولة استرضاء الجميع ، حتى وصل الامر الى زيادة عدد الوزارات ، ليتم إعطاء كل جهة وزارة لارضائها ، وان كانت حقيبة من دون وزارة ! ، المهم ان يكون الجميع موجودين في التشكيلة ، حتى لو أدى ذلك الى تضخم حاد في عدد الوزارات والوزراء ووكلائهم وحماياتهم وموظفيهم الكتلة العابرة ستعيد إنعاش فكرة المعارضة البرلمانية ، خصوصاً بعد ان تلاشى وجودها في تجربتنا الحالية ، مما يهدد ان يتم تغييب ثقافة المعارضة في النظام السياسي ، عن طريق ترسيخ عرف مشاركة الجميع دون استثناء ، فهذه الكتلة العابرة ستوجد حكومة يشترك فيها جزء من الشيعة والسنة والاكراد ( ككتل ) ، وفي نفس الوقت ، ستوجد معارضة يشترك فيها مثلهم ، مما يمنع الاصطفافات الطائفية ، والتوازنات المذهبية والعرقية ، وهو ما يعتبر مؤشراً صحياً على حيوية النظام السياسي ، وإمكانية اصلاحه من الداخل سيتباكى المتباكون على وحدة التشيع سياسياً ، وسيتهمون من قادها بالخيانة والتسقف ( السقيفة ) وهو ما يبدعون في استخدامه ، والتنديد بنظرية المؤامرة التي سيطرة على عقولهم وسلوكهم ،
متناسين ان التحالف الوطني الميت سريرياً ، تم تأسيسه لتكوين جبهة سياسية شيعية موحدة ، فكان هو السلة التي وضعنا فيها عنبنا ! ، وبعد ان لم تعد هذه السلة قادرة على حفظ ما استودعنا فيها ، وجب ان يوضع العنب في سلة اخرى ، لأننا لم تكن غايتنا السلة ، وانما حفظ ما بداخلها هو غايتنا .
مقالات اخرى للكاتب