Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
المفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع (1-2)
السبت, آب 29, 2015
خليل اندراوس

هناك طائفة من الأفكار جاءت على لسان العلماء والفلاسفة قبل ظهور الماركسية. وعلى سبيل المثال، فقد أكد الماديون الفرنسيون في القرن الثامن عشر ان الإنسان وآراءه وسلوكه نتاج لتأثير البيئة الاجتماعية.


تعرف النظرية العامة عن القوى المحركة للتغيير الاجتماعي وقوانينه التي وضعت على أساس اكتشافات الفلسفة الماركسية، باسم المفهوم المادي عن التاريخ. وقد استطاع ماركس وانجلز التوصل إلى هذا المفهوم بتطبيق النظرة المادية إلى العالم على حل المشكلات الاجتماعية، ولان ماركس قام بهذا التطبيق العلمي الفلسفي فان المادة معه لم تعد مجرد نظرية تستهدف تفسير العالم، وإنما مرشد لممارسة تغيير العالم، وبناء مجتمع ليس فيه استغلال إنسان لإنسان، بناء مجتمع المستقبل، مملكة الحرية على الأرض.
وللمادية التاريخية الماركسية دلالتها المعاصرة، فهي قابلة للتحقيق في ظروف موضوعية مادية تاريخية، يرافقها بناء فوقي في المجتمع حيث يكون الوعي الجماعي للمجتمع الإنساني مُدرك لهذه الضرورة التاريخية، فالوجود يحدد الإدراك، وهذه الفلسفة المادية للتاريخ تؤدي إلى استخلاصات لا عن أسباب أحداث الماضي فحسب، بل كذلك عن أسباب الأحداث التي تقع الآن، وبالتالي عما ينبغي عمله، وعن السياسة التي ينبغي النضال من اجلها، لكي تلبي الحاجات الحقيقية لكل الشعوب.
من هنا تتلخص المأثرة العلمية العظمى لماركس وانجلز في أنهما كشفا الطابع الجدلي المادي ليس فقط لتطور الطبيعة، بل والمجتمع كذلك. وبذلك وضعا النظرية العلمية الوحيدة للتطور الاجتماعي – المادية التاريخية.
أولى المفكرون منذ القدم اهتمامًا كبيرًا بالمسائل التالية: كيف يتطور المجتمع البشري وما الذي يحكم تطوره وهل ان التغيرات فيه صدفية أم أنها نتيجة لمفعول أسباب ضرورية، وقوانين موضوعية؟
إذا كان تطور المجتمع منوطًا بأسباب معينة، فما هو السبب الرئيسي، وما هي القوة الرئيسية التي تحدد وجه المجتمع وطابع نظامه الاجتماعي، وتطور المجتمع من نظام إلى نظام آخر؟
هناك طائفة من الأفكار جاءت على لسان العلماء والفلاسفة قبل ظهور الماركسية. وعلى سبيل المثال، فقد أكد الماديون الفرنسيون في القرن الثامن عشر ان الإنسان وآراءه وسلوكه نتاج لتأثير البيئة الاجتماعية.
وأشار المؤرخون البرجوازيون الفرنسيون (جيزو، تييرس، منيه) إلى وجود طبقات متعارضة في المجتمع، والى أهمية الصراع الطبقي في المجتمع، كما حاول الاقتصاديون الانجليز (أمثال ادم سميث ودافيد ريكاردو) ان يجدوا في الاقتصاد أساسًا لوجود الطبقات، كما ان الاشتراكيين الطوباويين (سان سيمون، فورييه، أوين) تنبأوا بعدد من سمات المجتمع الشيوعي المقبل، وأيضًا قدم بيلينسكي وهيرزن وشيرنيشفسكي وغيرهم من الديمقراطيين الثوريين الروس في القرن التاسع عشر مساهمة كبيرة في نظرية التطور الاجتماعي عن أفكارهم عن دور الاقتصاد في التطور الاجتماعي وعن الشعب كصانع التاريخ وعن عدم إمكانية التوفيق بين المصالح الطبقية للاستغلاليين والمستغلين وعن الطابع الطبقي للفلسفة والأدب والفن والخ.. لقد كانت أفكارا عميقة بالنسبة لزمانهم.
ومع ذلك فالمفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع ما قبل ماركس لم يكن علمًا حقيقيًا. فما هي عيوبه الأساسية؟
انها تتلخص، أو ما تتلخص في ان المثالية كانت هي السائدة بلا منازع في علم الاجتماع ما قبل ماركس. فقد أوضح الماديون الفرنسيون، مثلا تأثير البيئة الاجتماعية على الإنسان، لكنهم خرجوا بنتيجة خاطئة حيث اعتبروا هذه البيئة نتاجًا للعقل الإنساني. "ان الأفكار تحكم العالم" – هذه خلاصة وجهات نظرهم عن المجتمع، وقال آخرون أنها ازدياد عدد السكان، فهي إما ان تكون القضاء المحتوم الجغرافي أو القضاء المحتوم الناتج عن ازدياد السكان.
وهناك من طرح أفكار غير إنسانية تقول بأنه ليس أمام المجتمع كي يعيش سوى حلين عند الحاجة: إما ان يغير الأرض، كما تفعل القبائل الرحل فتغزو أراضي جديدة، وإما ان يقلل من عدد سكانه مستخدمًا الخصي كما كان يفعل الإسبارطيون القدماء حيث كانوا يتركون على الجبال المواليد الضعفاء، وإما بإهلاك الأفواه التي لا فائدة منها كالعجز والمقعدين والمرضى كما كانت تفعل بعض القبائل البدائية. وكذلك في عالمنا المعاصر الرأسمالي الامبريالي، هناك ملايين من البشر تعاني من الجوع والفقر والأمراض والبطالة.
وتزدهر بعض النظريات البربرية الآن في الولايات المتحدة وفي أوروبا الرأسمالية. فيكفي ان نراجع كتاب VOGT فوت "جوع العالم" الذي يدعي بان الأرض ستضيق بمن عليها، فيدعو صراحة للحرب كعلاج لذلك، والواقع ان الرأسمالية وخاصة في أعلى مراحل تطورها في العصر الامبريالي الحالي بحاجة للحروب، خاصة في المناطق الغنية بالمواد الخام وخاصة النفط كمنطقة الشرق الأوسط ، كي تستمر في العيش والنمو الاقتصادي من خلال زيادة إنتاج السلاح وزيادة أرباح الشركات المنتجة للسلاح، والحفاظ على مصادر النفط، ففي الواقع العالم الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة يتاجر بدم الشعوب من اجل رأس المال والنفط.
ولكن هذه الأفكار البربرية المتوحشة يكذبها التطبيق العملي للإنسانية التي حولت الأرض لخدمتها عبر آلاف السنين.
وهنا لا بد وان نذكر الفيلسوف المثالي هيجل، الذي أعرب عن أفكار قيمة بصدد الضرورة التاريخية، وحاول تفسير التاريخ الإنساني جدليًا، إلا انه وصل في النهاية إلى استنتاج خاطئ بان المجتمع محكوم بإرادة إلهية، الرب يحكم العالم، ولذا فان تنفيذ مشيئته هو تاريخ العالم – تلك هي خلاصة فلسفة التاريخ لهيجل.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك عيب أساسي آخر لعلم الاجتماع ما قبل ماركس، نابعًا أيضًا من النظرة المثالية إلى المجتمع، فعلماء الاجتماع ما قبل ماركس، إذ انطلقوا من الفرضية القائلة بان الأفكار تحكم العالم وان هذه الأفكار من صنع أعاظم الرجال – الملوك والقادة العسكريين والعلماء الخ – وصلوا إلى النتيجة الخاطئة بان هؤلاء الرجال العظام وحدهم هم صناع التاريخ، ولم يتبنوا الدور الحاسم للجماهير الشعبية، الطبقة العاملة الكادحة في التطور التاريخي.
كذلك عجز علماء الاجتماع ما قبل ماركس عن تبيان الجدلية الحقيقية للعملية التاريخية، فالتاريخ كما عرضوه ما هو إلا تجميع للأحداث غير المترابطة، وهم لكونهم مثاليين، كانوا عاجزين عن إدراك وحدة وكمال الحياة الاجتماعية والدوافع الفعلية والمصادر المادية للظواهر التاريخية.
وفقط ماركس وانجلز استطاعا ان يبينا كل تعقد وتناقض تطور المجتمع وان ينفذا إلى أعماق جوهرة، وصاغا نظرية جديدة كيفية للتطور الاجتماعي وهي المادية التاريخية.
فحين خلقت الصناعة الحديثة خلقت الوسيلة لإنتاج ما يكفي لإشباع حاجات كل كائن بشري، وبالتالي تحقيق الحلم القديم عن الوفرة الشاملة. إن الوسيلة لتحقيق ذلك موجودة، ويوضح المفهوم المادي عن التاريخ – بتفسيره كيف تتغير العلاقات الإنتاجية وكيف وجدت الصناعة الحديثة – كيف يمكن تحقيقه.
وفي هذا بالتحديد تثبت المادية التاريخية الماركسية طابعها العلمي، لان المحك الأخير للعلم الاجتماعي كغيره من العلوم هو إمكانية تطبيقه العملي. وإذا كانت المادية التاريخية تجعل من التاريخ علمًا، فذلك ليست لأنها نظرية لتفسير التاريخ، بل كذلك نظرية لصنع التاريخ، وبالتالي أساس للسياسة العلمية والعملية للطبقة الثورية، أي الطبقة العاملة التي ستصنع التاريخ من خلال ثورة اجتماعية تقضي على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتبني مجتمع المستقبل، مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة وحرية الإنسان. وعندها فقط نستطيع ان نرى أسمى حق للإنسان الذي يضمن حريته وهو الحق في العمل، وفي وجوده المضمون اليوم وغدًا، وفي خلاصه من الخطر المخيف الذي يتهدده بالبطالة والفقر والإملاق، والمظهر الأعلى لحرية الفرد وضمان حقوق الإنسان، هما تحريره من استثمار أولئك الذين ركزوا وسائل الإنتاج والمصانع والمعامل والبنوك والأرض وما في باطنها بأيديهم، ويستخدمون كل هذا لإثرائهم الشخصي كما يحدث الآن في عالمنا المعاصر، حيث تسيطر الشركات العابرة للقارات وبعض مئات العائلات على الاقتصاد العالمي.
وهنا لا بد ان نؤكد بان فشل تجربة بناء الاشتراكية وفشل الاتحاد السوفييتي، كان بسبب تشويه وتحويل الفكر الماركسي الجدلي إلى نسق وممارسات مغلقة غير متفاعلة مع الواقع الاجتماعي الاقتصادي الموضوعي، بالإضافة إلى قرارات مفروضة من الأعلى وإرادوية يغلبها الطابع الذاتي والتغافل عن المعطيات والإمكانيات الموضوعية.
والفلسفة الماركسية هي وسيلة لتحرير المجتمع من الاغتراب، فضلًا عن تطوره وتجديده الدائم، نحو الأرقى والأفضل، أفضت الممارسات البيروقراطية على مستوى المؤسسات وهيئات الحزب الشيوعي، إلى مضاعفة اغتراب المجتمع وسجنه في ممارسات مغلقة وتجميد حركته، حيث تم حشر الواقع في مجتمعات الدول الاشتراكية سابقًا في قالب نظري استبدادي أوقف وأجهض التناقضات والتفاعلات الجدلية في المجتمع، وبالتالي اغتال كل الاجتهادات والمبادرات وإمكانيات التغيير والتطوير على المستوى الاجتماعية والتاريخي، وهكذا وجدنا عشرات الاختراعات لعلماء روس مثلا، تجد من يستغلها ويستعملها في تطور الاقتصاد في اليابان أو دول أخرى، ولا تجد من يستعملها في تطوير الاقتصاد السوفييتي، وتناسى زعماء الدول الاشتراكية مقولة لينين بأنه "لا يمكن للاشتراكية ان تنتصر على الرأسمالية إلا إذا أصبحت إنتاجية المجتمع الاشتراكي ضعفي إنتاجية المجتمع الرأسمالي".
وبرأيي لو لم يبتل الفكر المادي الجدلي في البلدان العربية ولدى قيادات العديد من الأحزاب الاشتراكية والشيوعية، وخاصة في الحقبة الستالينية من خلال فرض توجهات وطروحات لا تتعامل مع واقع المجتمعات العربية، لاندمجت عملية التحرر الوطني العربية في السيرورة العامة للتحرر الإنساني من الانسحاق والاستلاب التاريخيين، وعندها كان من الممكن للشعوب العربية ان تتخلص من سطوة استبداد الأنظمة والمفاهيم القبلية والجهل والقهر وتصفية قيم العصور الوسطى ومخلفات الانسحاق، والتطرف الديني والترسبات في الوعي الاجتماعي لدى الشعوب العربية.



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.46245
Total : 101