Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
نور
السبت, آب 29, 2015
ثامر مراد

 

عند الساعة السادسة صباحاً خرجت نور من بيتها وحيدة تذرف دموعاً لاتنتهي كأنها شلالات هادرة في خلايا الروح الممزقة . لم تتناول أي شيء منذ أيام سوى قطرات من الماء بين الحين وألآخر لتحافظ على جسدها البض من الجفاف. لم تعد تتذوق أي شيء من الطعام فقدت كل رغبة في تناول أي طعام مهما كان لذيذا. حتى – البيتزا- التي كانت تعشقها لدرجة الجنون لم تعد توليها أي اهمية. إسبوع كامل تذرف دموعها ليلاً ونهاراً . إحمرت وتورمت عينيها من شدة البكاء على أعز مخلوق في قلبها. مخلوق لايمكن أن يحل محله أي إنسان على كوكب ألأرض. قبل إسبوع تمزق جسد والدها في حادثة على الطريق ألأسفلتي الذي يبعد عن بيتها كيلومتر أو أكثر بعدد من ألأمتار.

 

إسبوع كامل مر على وفاته وهي لاتصدق أنه فارقها مدى الحياة. هي الفتاة الوحيدة في البيت. لم يكن لديها أشقاء أو شقيقات . والدها كل شيء في حياتها وهي كل شيء في حياة والدها. لم يكن والدها وإنما صديقها وزميلها. كان يلعب معها وهي طفلة ويرافقها الى المدرسة ألأبتدائية والمتوسطة وألأعدادية. لايتركها تذهب الى أي مكان مالم يكن معها. يخاف عليها حتى من الهواء. عاشت كل طفولتها معه. لم تكن تلعب مع ألأطفال فلديها – طفلٌ كبير- يلعب معها أي لعبة تحبها.

 

أحياناً كانت تناديها بأسمه – حينما تسمع والدتها تناديها- ” علي تعال..علي إذهب وأجلب لنا كذا وكذا…” راحت تناديه – علي فلنذهب الى السوق أو الى مراجيح ألأطفال- حينما أصبحت في الجامعة ظلت تناديه – علي ..اليوم درسنا كذا وكذا…أو..علي غداً سنذهب في سفرة الى سامراء أو الصدور أو الرزازة- .

 

أحياناً كان والدها يقول لها ” لقد كبرت يانور.لماذا لاتتوقفي عن مناداتي بأسمي؟ لماذا لاتقولين ياوالدي أو أبي أو بابا؟” . كانت تضحك ببراءة طفولية – على الرغم من أنها تخرجت من كلية الطب – تضحك وتقول ” بابا..أنت علي في نظري..أنت صديقي فلماذا أقول لك بابا؟ أنت علي وسأبقى أناديك بهذا ألأسم مادمتَ أنتَ على قيد الحياة” . بيتها يقع في بستان تحف بهِ ألأشجار من كلِ حدبٍ وصوب . اشجار نخيل سامقة   منذ أن جاءت الى الحياة وهي تشاهد تلك ألأشجار كل يوم. الطريق من البيت الى الشارع العام ترابي وكانت تعاني الكثير أثناء الذهاب الى الجامعة أيام المطر.

 

مرات عديدة كانت السماء تمطر مطراً شديداً وعليها أن تذهب قبل بزوغ الشمس الى الجهةِ ألأخرى من الطريق حيث الباص المخصص لنقل الطالبات الى الجامعة. في ألأيام الممطرة لاتستطيع السيارة أن تقترب من البيت حيث ألأرض الموحلة الزلقة. سائق السيارة ينتظرها على الطريق ألأسفلتي خوفاً من أن تغطس عجلات السيارة في الوحل الطيني الشديد وعندها ستحل الكارثة. يرافقها- علي  والدها يغطي ملابسها بقطعة كبيرة من – النايلون- يمسك يدها وفي اليد ألأخرى يمسك مصباحاً يدوياً يضيء لها الطريق. كلما أرادت أن تسقط على ألأرض يسحبها بقوة كأنها عصفورٌ صغير في يدهِ القوية. بدون مساعدته لم تكن تستطيع الوصول الى هذه المرحلة الدراسية المتقدمة. لم يبخل عليها باي شيء مهما كان ثميناً. يقتطع من لقمتهِ- كما يقولون كي تُكمل دراستها- .

 

إنتظرت طويلاً كي تعوضه كل شيء كان قد صرفه عليها علماً إنه لم يكن في حاجةٍ مادية إليها أبداً. حاولت عدة مرات أن تقنعه بالذهاب الى المدينة وترك ألأرض الكبيرة التي يعيشون عليها. حب ألأرض كان السبب المباشر في رفض طلبها المتكرر. تمتلك كل شيء في البيت من وسائل ترفية وأجهزة أليكترونية متطورة. لم تحب الريف يوماً ما لكنها مجبرة على البقاء مع والديها .

 

اليوم هو اليوم الكبير الذي كانت تنتظره سنوات وسنوات. اليوم ستذهب الى الكلية لتسلم أمر التعيين في العاصمة – المدينة التي تحلم بألأنتقال اليها والعيش فيها طيلة العمر. اليوم تذهب وحيدة. لاأحد يذهب معها. أمها ترقد في الفراش من هول صدمة فقدان – علي زوجها ووالد نور-. لم تشرق الشمس بعد ورياح الشتاء الباردة جداً تصطدم بوجهها فتحيل أنفها الى قطعة من اللون ألأحمر. الدموع لاتتوقف أبداً. تتمنى أن لاتبكي بيد أن الدموع تنساب على خديها بلا توقف.

 

كل شيء يذكرها بوالدها تلك الشجرة وأشجار النخيل المشرئبة هناك. تتمنى أن تغمض عينيها وتسير بسرعة كي لاترى أي علامة من علامات الطريق المنتشرة على طول الطريق. تلك الساقية التي تمر من هناك تذكرها بوالدها حينما كانا يذهبان إليها في الربيع والصيف. هذا الطريق الطويل يجلب لها صور لاتعد ولاتحصى. مرات كثيرة تسير الى جانب والدها وهما يسيران معاً صوب المدرسة ألأبتدائية أو حينما يذهبان الى زيارة أقربائهما في العاصمة .

 

صور كثيرة مؤلمة تسبب لها مزيداً من الدموع. كانت تتمنى أن يكون معها – علي- والدها هذا اليوم كي تفتخر به أمام زميلاتها . أربع سنوات وهي تحدث كل زميلة من زميلاتها عن عشقها الكبير لذلك الوالد الحنون الذي لم يصرخ في وجهها يوما ما مهما عبثت في البيت أو إرتكبت حماقات طفولية. وصلت الشارع ألأسفلتي الذي حطم والدها قبل إسبوع.

 

كان يريد العبور من هذه الجهة التي تقف فيها ألان الى الجهةِ ألآخرى لكن القدر جعلة يتخبط في دمائه قبل أن يصل الى الجهة ألأخرى من الشارع المميت. في الطريق الى العاصمة حيث كليتها التي تخرجت فيها- كانت نور تذرف دموعا لاتتوقف وهي تضع نظارتها السوداء مثل سواد ملابسها تستعيد شريط حياتها مع والدها الذي طار الى العالم ألآخر في زمنٍ لم تكن مستعدة لرحيلةِ أبدا.

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47738
Total : 101