طوال تاريخ الدولة العراقية الحديثة التي تأسست في العقد الثاني من القرن الماضي كنتاج للحرب العالمية الثانية ونهاية الامبراطورية العثمانية ورسم خارطة جغرافية جديدة لمنطقة الشرق الاوسط ، انشأ العراق الحديث على اطلال تلك الحرب من ولايتي الموصل والبصرة وجزء من ارض كوردستان التي اقتسمتها دول المنطقة بعد توقيع معاهدة سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا.
ومنذ ذلك الحين تعرض الشعب الكوردي بشرائحه المختلفة لسياسات وممارسات الاضطهاد القومي والعنصري من قبل الحكومات المتعاقبة العراقية وكانت حصة الاسد من تلك السياسات الاجرامية لشريحة الكورد الفيليين ، الذين سكنوا شرق دجلة قبل القوميات والطوائف الاخرى طبقا للآثار التاريخية الموجودة في مناطقهم وماكتبه المؤرخون من العرب والكورد والفرس بهذا الشأن.
وتعرضت هذه الشريحة ولأسباب قومية الى عمليات القتل الجماعي والتهجير القسري والسلب والنهب ، اذ استشهد اكثر من عشرين الف شاب كورد فيلي في ثمانينيات القرن الماضي على يد العصابة الصدامية
المجرمة في مختبرات صنع الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ولم يعثر على رفاتهم لحد الساعة ، فضلا على تهجير نصف مليون من العوائل الكوردية الفيلية من دون مسوغ قانوني ، بل بشخطة قلم من الدكتاتور المقبور صدام حسين.
وبناء على تلك الجرائم كان احد ملفات المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بمحاكمة رموز النظام المباد التي تشكلت بعد سقوط الصنم ، هو ملف تهجير وتغييب الكورد الفيليين والذي تم على اساسه عقد عدة جلسات للكشف وفضح تلك الجرائم.
وبعد طرح الادلة والاثباتات واستماع المحكمة لشهادة ذوي الضحايا ، اصدرت المحكمة الجنائية العليا في ليلة 29 تشرين الثاني من عام 2010 قراراً عدت فيه مااقترفته ايادي النظام البعثي العنصري ضد الكورد الفيليين جرائم ابادة جماعية كما صادق مجلس النواب على القرار باغلبية الاصوات ، ما رتب حقوق مادية ومعنوية لهذه الشريحة على الدولة العراقية التي ينبغي ان تنصف أهالي وذوي الضحايا.
وبالرغم من مرور ستة اعوام على صدور القرار ، للاسف الشديد الحكومة لم تحرك ساكنا تجاه تنفيذه ولا قدمت اعتذارا لذوي الشهداء للتخفيف عن آلامهم باعتبارهم ضحايا النظام الدكتاتوري المباد.
وبمناسبة الذكرى السنوية لصدور القرار الذي مضى عليه ستة اعوام ، نطالب حكومة السيد حيدر العبادي و مجلس النواب العراقي ان يكونوا بمستوى المسؤولية الوطنية وان يضعوا القرار حيز التنفيذ لانصاف العوائل المنكوبة وتعويضهم ماديا ومعنويا ، كما نطالب السادة النواب الكورد في مجلس النواب العراقي بمختلف توجهاتهم ان يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والقومية تجاه حقوق هذه الشريحة المظلومة التي قدمت تضحيات جسام خلال سنوات الكفاح المسلح لنيل حقوقهم المشروعة.
كما نطالب مجلس النواب والحكومة العراقية الموقرة ان ينصفوا الكورد الفيليين كما انصفوا نزلاء مخيم رفحاء في السعودية من حيث الرواتب التقاعدية واحتساب سنوات التهجير لغرض العلاوة والترفيع بالنسبة لموظفي الدولة من الكورد الفيليين.
وختاما نطالب ابناء شريحتنا الفيلية المضحية عدم السكوت على حقوقهم المشروعة وان يطالبوا بها عبر اقامة الندوات والمسيرات والتجمعات السلمية وفي حال عدم اكتراث الحكومة لتلك المطالبات ، تحريك وتفعيل الشكاوى المقدمة للمحكمة الدولية في لاهاي ضد الحكومة العراقية بغية نيل حقوقنا
المشروعة وهذه مسؤولية الجميع وخاصة اهلنا الفيليين المقيمين في المنافي في ارجاء العالم.
مقالات اخرى للكاتب