تحدثنا في الحلقة السابقة عن تعطل المشاريع التطويرية في البصرة بسبب الإرباك الذي خلفته قياداتها الإدارية غير المستقرة، فالمحافظون والمتصرفون كانوا معظمهم من أمراء الوحدات العسكرية وعلى وجه التحديد من صنف المشاة، الذين لا دراية لهم في تحسين الأمور الاجتماعية والزراعية والتجارية والعمرانية والتعليمية، وهذا هو القاسم المشترك الذي حذفهم خارج معايير التوصيف الوظيفي. محافظون ومتصرفون (عسكريون) جاءوا كلهم من خارج المدينة. أما الطامة الكبرى فهي قصر مدة حكمهم، التي لم تتح لهم أي فرصة للتطوير والتجديد والتحديث. دعونا الآن نتصفح سجلات محافظة ذي قار (الناصرية) لنسلط الأضواء على أحوال التردي والتراجع بسبب إصرار الحكومات المتعاقبة على تكريس الفشل والإهمال الذي أوصلنا إلى حالة مزرية من الفقر والتخلف، فالمتصرف إبراهيم المزعل السعدون تبوأ منصب المتصرف لمدة خمسة أشهر تقريباً، للمدة من 16/4/1921 إلى 30/9/1921 ، ثم جاء من بعده المتصرف رؤوف محمد الكبيسي للمدة من 30/9/1921 إلى 28/6/1922. أي في حدود تسعة أشهر فقط، ثم جاء من بعده المتصرف ياسين الهاشمي للمدة من 28/6/1922 إلى 15/10/1922. أي أقل من أربعة أشهر، ثم جاء من بعده المتصرف عبد العزيز القصاب للمدة من 15/10/1922 إلى 15/ 5/ 1923. أي سبعة أشهر فقط، ثم جاء من بعده المتصرف علي جودة الأيوبي للمدة من 15/5/1923 إلى 26/12/ 1923. أي في حدود سبعة أشهر فقط، وهكذا تتوالي القيادات العابرة من دون أن تقدم شيئاً لهذه المدينة السومرية العريقة، فالمتصرف عبد الرزاق حلمي حكم الناصرية سنة واحدة فقط للمدة من 8/4/1930 إلى 11/4/ 1931، والمتصرف خيري الهنداوي حكمها للمدة من 11/4/ 1931 إلى 15/4/1932 أي سنة واحدة فقط، والمتصرف ماجد مصطفى حكمها للمدة من 9/4/1935 إلى 8/12/ 1936 أي في حدود سنة واحدة وستة أشهر، والمتصرف 
عبد الحميد عبد المجيد حكمها للمدة من 15/4/1932 إلى 15/11/1933 (سنة وستة أشهر)، والمتصرف مصطفى العمري حكمها للمدة 8/12/1936 إلى 8/ 6/1937 (ستة أشهر فقط)، ثم حكمها المتصرف أحمد الراوي للمدة من 8/ 6/ 1937 إلى 31/8/1938 (سنة واحدة تقريباً)، ثم حكمها المتصرف جلال خالد للمدة من 31/8/1938 إلى  8/3/1939 (ستة أشهر فقط)، ثم حكمها المتصرف جعفر حمدي للمدة من 8/3/ 1939 إلى 11/9/1939 (ستة أشهر فقط)، ثم عاد إليها المتصرف عبد الحميد عبد المجيد للمرة الثانية ليحكمها ثلاثة أشهر للمدة من 11/9/1939 إلى 29/ 2/1940، ثم خلفه المتصرف وفيق حبيب للمدة من 29/ 2/ 1940 إلى 29/6/1940 ليحكمها أربعة أشهر فقط، ثم جاء المتصرف يوسف ضياء ليحكمها سنة واحدة فقط للمدة من 29/6/1940 إلى 21/6/1941، ثم جاء المتصرف وفيق حبيب ليحكمها سنة واحدة وستة أشهر للمدة من 21/6/1941 إلى 1/ 12/1942، ثم جاء المتصرف سعد صالح ليحكمها عشرة أشهر للمدة من 1/ 12/1942 إلى 19/10/1943. وهنالك أمثلة كثيرة على الذين حكموها أقل من سنة، نذكر منهم مراد الشاوي للمدة من 29/ 11/ 1947 إلى 7/9/1948 (عشرة أشهر فقط)، والمتصرف أحمد زكي المدرس للمدة من 12/11/1949 إلى 4/6/1950 (سبعة أشهر فقط)، والمتصرف حسن الطالباني للمدة من 4/6/1950 إلى 1/11/1950 (خمسة أشهر فقط)، والمتصرف مشكور أبو طبيخ للمدة من 19/6/1952 إلى 8/3/1953 (تسعة أشهر فقط)، والمتصرف أكرم أحمد للمدة من 8/3/1953 إلى 8/11/1953 (ثمانية أشهر)، والمتصرف نجم الدين صائب للمدة من 4/10/1956 إلى 6/11/1956 (شهر واحد فقط)، والمتصرف فوزي جميل صائب للمدة من 15/9/1962 إلى 23/2/1963 (خمسة أشهر فقط)، والمتصرف عبد الهادي الراوي للمدة من 23/2/1963 إلى 30/5/1963 (ثلاثة أشهر فقط)، والمتصرف ناصر الحديثي للمدة من 30/5/1963 إلى 1/11/1963 (ستة أشهر فقط)، والمتصرف سلطان أمين للمدة من 1/11/1963 إلى 2/7/1964 (ثمانية أشهر فقط)، وهكذا تتكرر التجارب المتعثرة وتستمر على هذا المنوال، فالمحافظ هاشم إبراهيم القدور حكمها للمدة من 20/9/1970 إلى  2/5/1971 (ثمانية أشهر فقط)، وحكمها المحافظ كمال قوام الكليدار للمدة من 12/8/1972 إلى 19/3/1973 (سبعة أشهر فقط)، وحكمها المحافظ قاسم محمد أحمد السماوي للمدة من 19/3/1973 إلى 5/10/1973 (سبعة أشهر فقط). من هنا يتضح لنا كيف كانت تعيش مدن الجنوب تحت وطأة هذه الإدارات الضعيفة الهشة. وللحديث بقية. .