يجمعهما تقسيم العراق. يفرقهما إختلاف الرؤى. والأدوات. واشنطن ولندن تريدانه مِزَقاً كُلٍ حسب مقاساتها. الأولى تريد إبقاء السلطة بيد القيادات والتنظيمات (الدينية) التي تزيد من تخلف البلاد فتنساح دراماتيكياً إلى حربٍ أهلية على جوانبها يسهل التقسيم.
(لندن) الأدرى بـ(ببغداد وشِعابها). مع مشروع تقسيم كلاسيكي يُريق دماءاً أقل. يكتفي بـ(إستقفاص)- تسليم- العراق لمن تأتمنهم على مصالحها وأسرارها من قبليين وعشائريين. موصولين بالماضي ومنقطعين نهائياً عن الحاضر والمستقبل. ليتمموا المهمة بتفانٍ.
قراءة (برلين) المسؤولة عن الملف العراقي في (البرلمان) و(الإتحاد) الأوروبي، تتقاطع مع عاصمتا إحتلال العراق (لندن في العشرينات) و(واشنطن في الألفينات). تقرأ تأييد واشنطن لـ(حزب الدعوة الإسلامي) ووريثه الحاكم (نوري المالكي) وهي التي طالما شكت من النفوذ الديني المنظم في مناطق النفط خاصةً العراق، بأنه إستهلاك أميركي لـ(الدعوة- المالكي) في لعبة (السلطة- المال- القتل). تأييد واشنطن المطلق أساء إليهم بالتقييم الشعبي الوطني. قد تمنحهم بموقفها بعض قوة ولكنها تسلبهم الشرعية لتعطيها لمعارضيهم. تعرف واشنطن جيداً ثقافة شعوب المنطقة خاصةً الشعب العراقي. كل من يؤيده (الغرب) فهو عميل. تأييد واشنطن للدعوة والمالكي يعطيهم قليلاً ويأخذ منهم أكثر ويحرمهم من مستقبل أفضل. غداً حين تهدأ الأوضاع سيكتشف الدعوة والوريث الحاكم- المالكي- أن موقف واشنطن أعطى الشرعية الوطنية لمعارضيهم وسلبهم إياها .
(بروكسيل) عاصمة الإتحاد الأوروبي و(الناتو) ترى أن التغيير السلمي في (العراق) الكبير الذي يشكو من ترهُل في السلطات الثلاث قد آن أوانه، وأن التأخير فيه قد يستولد تغييراً غير محسوب أو منضبط الحدود. الصراع شرس بالرغم من أن الشكل تم حسمه وملء فراغاته. الفراغ الحكومي الكبير ما زال فارغاً ويزداد بسبب الملف الأمني فراغاً. القوة الأميركية في الخليج والمتوسط ستحمي التغيير الذي تراه مناسباً وضرورياً عند الحاجة. التغيير لا يعني تبديل وزير بوزير أو مدير بمدير. كما تتفاوض طهران مع واشنطن على رأس المالكي مقابل النووي والشام والبحرين ومِزق جغرافية أُخرى. إنه التغيير في الرأس والهيكل والبطانة. الخوف هو من أن يأتي في الجغرافيا أيضاً. لعبة التغيير وأسبابه ومزالقه ما زالت وستبقى لزمن. لن ينجو منها إلا من يعرف قوانينها فيذهب بنفسه راضياً مرضياً قبل أن يذهب به التغيير رافضاً مغلوباً على أمره.
على ضوء ذلك. حّج خِلسةً إلى (دار القرار في واشنطن ولندن) أكثر من مسؤول عراقي ونقيضه في المعارضة قدم أوراق إعتماده مباشرةً أو عبر أجهزة وأصدقاء. الكل يطلب الرِضى ومع الرِضى الحكم. يطرح نفسه خيرُ خلف لأفسد سلف.
أجهزة واشنطن تدرس الملفات وتعرف الكثير عن الكثيرين. لندن إستحضرت من الإرشيف كل معلوماتها القديمة وما تم تحديثها عن حبايبها.
تعليق:
من لديه حبايب يشبع تبويس
مقالات اخرى للكاتب