على طريقة جوليت بإطلالتها من شرفتها للحديث مع حبيبها روميو، شهدت الساحة الإعلامية العراقية في الآونة الأخيرة وجود اكثر من جهة تتولى مهمة رصد الخطاب الإعلامي ، ولا اعتراض على القيام بهذا العمل ، اذا كانت النيات طيبة، ولأغراض مهنية بحت ، على حد وصف المعنيين بالأمر، والرصد سواء كان بطريقة المرحومة جوليت او بأسلوب آخر يكشف عن سعي لاستعادة سلطة الرقيب ، انطلاقا من إيمان جهات تمتلك علاقة متينة بالحكومة بضرورة مراقبة وسائل إعلام تجاوزت الخطوط الحمر، واصطفت مع أعداء العملية السياسية.
يرى إعلاميون ان مهمات الرصد دائما تكون برعاية جهات رسمية ، أما الرصد الآخر عن طريق" الرازونة" بمعنى الإطلالة من خلال النوافد الصغيرة ، لمراقبة ما يحدث في الشارع فلا قيمة له فهو تصرف شخصي ، يلجأ إليه الكثير من هواة مراقبة الناس إرضاء لفضولهم ، وصناع القرار لايعيرون اهتماماً لرصد "الروازين"، لاعتقادهم بان مايرصد من أحداث بهذا الأسلوب لا يهدد امن المسؤولين والرموز والأهداف الحيوية .
"رصد الرازونة " ومن خلال متابعة لقاء متلفز عرض قبل أيام عبر احدى الفضائيات العراقية توصل الى حقيقة ان الميليشيات مازالت تصول وتجول في الساحة العراقية ، على الرغم من تصريحات المسؤولين الأمنيين بان السلاح اصبح بيد الدولة ، واكتفى الرصد الشعبي عن طريق "الرازونة" بالتعبير عن القلق والمخاوف من القتل على الهوية، واستهداف الكفاءات وعودة التهجير القسري لتكون الأحياء في اطراف بغداد وبعض مناطق ديالى ذات صبغة مذهبية واحدة .
في الزمن العراقي قبل الديمقراطي وفي احدى قرى شمال بغداد ، حققت امرأة عانس عرفت بلقبها " المسودنة" أمنيتها بالحصول على زوج عن طريق "رازونة الرصد " عندما رصدت من نافذة خرابتها مبيت رجل في غرفة زوجة أبيها عند غيابه المتواصل لمراجعة الأطباء في بغداد ورقوده في المستشفى لمدة طويلة ، المسودنة تمتلك على عكس لقبها كامل قواها العقلية ، وهوايتها المفضلة الإطلالة من النافذة لمراقبة ما يجري من أحداث ، في احدى الليالي تسللت الى غرفة زوجة الأب فشاهدت "المشهد الشنيع " وقبل اطلاق صرخة الذهول ، هرب العاشق ، فيما استقبلتها المرأة بالأحضان ، وتعهدت لها أثناء حديث طويل، استمر حتى الصباح بان تجد لها الزوج المناسب ومن خيرة شباب القرية خلال أسبوع واحد ، بعد شفاء الأب من مرضه مقابل التستر على الفضيحة .
"رازونة رصد المسودنة " حققت أهدافها ، بإتمام الصفقة ، وزفت العانس الى زوجها "العشيق الهارب" وبعد مرور شهر على الزواج، ونتيجة تدهور حالة الأب الصحية، أوصى صهره برعاية وحيدته اليتيمة ، والرجل نفذ الوصية بحذافيرها وتفاصيلها في رعاية الأرملة واليتيمة ، فلعب دور الفارس الأسطوري في حماية أرواح الأبرياء من الإرهابيين ، بنشاط ملحوظ ينسجم مع مبدأ حصر السلاح بيد الدولة ، وعلى جهات الرصد ان تحدد اسم الدولة بإطلالة من "الرازونة" .
مقالات اخرى للكاتب