لا احد يستطيع ان ينتقص من البطولات والجهد والقدرة التي قدمها الحشد الشعبي بكافة تشكيلاته لمقاتلة داعش الإرهابي إلا اذا كان من أعوان داعش او من يرغب باسقاط حكومة بغداد لأغراض طائفية ليس إلا . ولكننا في نفس الوقت كنا نتمنى ان تنتهي المعارك على آخر شبر من ارض العراق بانتصار قواتنا بكافة تشكيلاتها وألوانها ومعهما الحشد الشعبي والوطني او غيرهما وبعدها تقوم الحكومة بمنح الفرصة لمقاتليه بالانخراط في صفوف الجيش او الشرطة لمن يرغب ولمن تنطبق عليه المواصفات والشروط الرسمية ، ودعم البقية من شباب الحشد في اعطائهم الأسبقية في التعيين في وظائف الدولة وتسريح البقية من كبار السن او عدم الراغبين بالتعيين بعد مكافأتهم ، والإبقاء عليهم كقوات احتياطية وقت الحاجة الطارئة كونهم امتلكوا الخبرات القتالية وأبلوا بلاءً حسنا في سوح الوغى.
ولكن قانون الحشد الذي صدر مختصرا جداً من يتمعن في محتواه في أسطره الاولى يرى ماذا تعنيه عباراته ، فهو لا يدمج المقاتلين ضمن القوات الأمنية كحد أدنى لقبوله بل نص بوضوح على انه جيش رديف للجيش العراقي وهو يعني قد اصبح لدينا جيشان وكل منهما لديه صلاحيات لا تقل عن الآخر ، بل بدأ يوصف بالحرس الثوري العراقي تشبيها بمثيله الحرس الثوري الإيراني ، وهو ما ذكره احد النواب الإيرانيين يوم امس بتصريح قال فيه ، إن إقرار البرلمان العراقي، السبت الماضي، قانونًا لإضفاء الشرعية على الحشد الشعبي وضم تشكيلاته للقوات العراقية، أسهم في جعل الحشد قوة تشبه قوات التعبئة (الباسيج) التابعة للحرس الثوري.
الجميع يعلم ان ايران احدى البلدان التي لاترغب مطلقا بوجود جيش عراقي قوي وهو الذي انتصر عليها في حرب الثمان سنوات والجرح يبدو انه لم يندمل بعد . الجيش العراقي استعاد معنوياته وقوته في معارك تحرير الرمادي والفلوجة وتكريت واجزاء من الموصل ، فقوي عوده وتنامت قدرته ، لذا فان احد اسباب تكوين جيش موازي هو لإعادة تفكيك واضعاف الجيش العراقي بعد ان تنتهي معارك الموصل والحويجة وبقية أراضي الانبار ليكون الجيش الرديف بإمرة إيرانية بشكل غير مباشر متسيدا من خلال القادة العراقيين الموالين لإيران ، وهذه هي الطامة الكبرى رغم التزويق بأنه اصبح بأمرة القائد العام .
الشيء الذي لم يلتف اليه احد هو ان الدولة العميقة في العراق التي بدأت بتأسيسها ايران منذ تولي نوري المالكي السلطة سنة 2006 ولغاية الان رغم مغادرته منصبه كرئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة ، اليوم قد اكملت اهم أذرع الدولة العميقة بإنشاء جيش نظامي لهذه الدولة موازي للجيش الوطني المرتبط بالدولة الوطنية الضعيفة والصورية التي تحكم العراقي بدعم أميركي متردد وغير مسيطر على مفاصل الدولة تماماً كما هي سلطة الدولة العميقة- تفاصيل اكثر عن الدولة العميقة في العراق تجدونها في مقالالات منشورة على موقع كتابات للايام ( 24/9/2016 و 8/8/2016 و 27/8/2016 ).
جميع ذلك يجري ليتزامن مع إعادة المالكي الى السلطة في الانتخابات القادمة وهو ما وعدته به ايران عند طلبها منه التخلي عن الولاية الثالثة بعد الرفض شبه الجماعي له من جميع القوى العراقية والدول الخارجية بما فيها اميركا .
لن تقوم للعراق قائمة الا بتفتيت الدولة العميقة قبل ان تكتمل وهي في طريقها للاكتمال وإذابة ما تبقى من الدولة الوطنية ، فمن يفتتها اذا ما بقي الشعب في غيبوبته الطويلة ؟ahmad77990@yahoo.com
مقالات اخرى للكاتب