التيار المدني في العراق، تشير دلائل تصرفاتهم وتعاملاتهم مع القضايا الوطنية المصيرية، بأنهم يعيشون حالة ترفع عن الوطن، وكأنهم في وسط مأطر و مأدلج ضمن طبقة برجوازية، تصب جام إهتمامها في أمور لا تخرج من نفق الطائفية الإزدواجية بمعنى: التفاعل معها من طرف، وإشعال فتيلها بين المكونات الأخرى من طرف أخر، ومن المخجل المؤسف أن يجدوا لهم موضع قدم، في كف تيار إسلامي قذف بهم في وسط حصن السياسية.
للمتتبع مواقف التيار المدني، سيجدها مُنصبة في قوالب تؤجج الوضع المجتمعي والأمني في العراق، إبتدأ من ركوب موجة التظاهرات الصدرية، وطرح بضاعتهم الوطنية الفاسدة بين المتظاهرين، الذين لا يفقهون منهم إلا انهم متواجدين معهم في ساحة التحرير، مروراً بتصديهم لمشروع الحرب الباردة ضد المرجعية الدينية، والنيل من العمامة الحوزوية..! تحت شعار "باسم الدين باكونه الحرامية" وإشاعة فكر العلمانية في مقاهي ومجالس المتخبطين، بتسليط ضوء فشل الحكومة على الإسلام، والمرجعية الدينية بالذات، وإقناع الشباب بذلك
ثقافتهم لا تعدوا الوقوف بطوابير الإستنكار في شارع المتنبي لقانون تحريم الخمور، أو التزامهم لموقف نساء تقود الدرجات الهوائية في بغداد، أو إقامة مهرجان يذيب الهوية الإسلامية، بأختيار وسيم بغداد وجميلاتها، تاركين ورائهم وطن ينزف بين يدي شباب مسلمين، يثقب الرصاص صدورهم، وتقطع الشظايا أجسادهم، وعمائم تصبغها الدماء كل يوم، في أمل تخليص العراق من براثن الإرهاب، ليتمكنوا هم من العيش بأمان ورفاهية، كشركاء يطالبون بحقوق تمثيلهم بالحكومة.
الإسلاميون يرون بالانسانيين سواسية، في حقوقهم ووجباتهم على قدر التمثيل والتصرف، أما التيار المدني فيرى بنفسه من عَلِية الشعب، وبالرغم من إمكانياته المادية، وميزانياته الخارجية لتطبيع فكرهم في المجتمعات، إلا انه يتحرك و يؤثر في مساحة ضيقة، لا تعدوا مساحة أصغر تجمع إسلامي سياسي منفرد، وهذا ما يجب أن يفهمه التيار المدني، ففي الوقت الذي تقوم الدنيا ولم تقعد في الوسط الصحفي، وبكافة وسائل الإعلام، لإختطاف صحفية أو كاتبة مدنية، نشهد صمت إعلامي من قتل الطفولة في الكرادة ببغداد.
لسنا مع العنف الذي تختطف به الكاتبة "أفراح شوقي" البريئة، ولكن نحن شعب يقتل ابناءه ويخطف أطفاله كل يوم، بسبب مخلفات الطائفية التي هم جزء منها، ومن المخجل ان ينصب ويسلط ضوء الاعلام لانتقاد عذابات التيار المدني، وتترك عذابات وجراحات الطفولة، ففي الوقت الذي نعيش مصيبة "أفراح شوقي" لابد ان نعيش مصيبة الطفل "علي الخفاجي" ذو الأربعة عشر ربيعاً، والذي إختطف من أحد محال التسوق في الكرادة، وبعدما قام أهله بدفع الفدية له، كونه الوحيد لهم، وجدوا جثته وقد قتلت بأبشع صورة، فلم يبقى شيء من جسده الرقيق، إلا وذاق طعن السكاكين الحادة.
لا تبرير جريمة على حساب جريمة أُخرى، مادام الإثنان جريمتان نقف موقف الإدانة والأستنكار والتأسف حيالهما، ولكن نريد أن نقول للتيار المدني: وطنيتكم بعنق زجاجة الخمر، وشعاراتكم بعمق مساحة مجتمعية لا تعدوا رؤسكم وأقدامكم ومجالسكم .
أطفئوا نيران حربكم ضد حقوق وحرية غيركم، وأعرفوا بان الإرهاب، الذي نال من الصحفية "أفراح شوقي" هو نفسه الذي نال من الطفل "علي الخفاجي" وإن اختلفت التوجهات، فالنتيجة هو إرهاب يحاربه المسلمين في الموصل وباقي المدن، وختاما؛ كفاكم الرقص على جراحنا وجراحكم، وإعترفوا لمرة واحدة، بان لكم وطن، تقدمون له لتكونوا شركاء فيه.
مقالات اخرى للكاتب