تحديات «المالكي» للمجتمع العراقي |
لا يمكن لأي كاتب وهو يتناول الشأن العراقي بشكل عام وليس السياسي فقط أن يتحاشى الحديث عن رئيس الوزراء نوري المالكي ودوره في الاوضاع المتفاقمة في البلاد، لماذا ؟ لانه يشرف على كل صغيرة وكبيرة في العراق، لم يترك مجالا مؤثرا فيه الا وبسط يده عليه وضمه اليه، فهو بالاضافة الى مناصبه السياسية والعسكرية والامنية المعروفة، فانه يشرف على البنك المركزي بعد ان اطاح برئيسه «طالب الشبيبي» وكذلك على وزارة المالية بعد ان طارد وزيرها «رافع العيساوي» بتهمة «الفساد» و «الارهاب» ، وكذلك يشرف على المحاكم والقضاة والقرارات التي تصدر منها، والمؤسسات الاخرى الخدمية والثقافية، وهذه المناصب والمسؤوليات الكبيرة التي وضعها على عاتقه وهي حوالي 300 منصب يشغله «المالكي» وكالة لوحده، بحسب النائب «عزيز العكيلي» لم يجبره عليها أحد، بل هو من ارادها وسعى لها وخاض غمار صراعات مريرة من اجلها وادخل نفسه والعراقيين في دوامة من الازمات والمشاكل اليومية في سبيلها، رجل نافذ ومهيمن على مقدرات العراقيين ويتلاعب بمصيرهم بهذا الشكل الخطير لا بد وان يشكل مادة محورية للكتابة والتحاليل كما كان الحال مع «صدام حسين» أو أي دكتاتور آخر في المنطقة.. مهما قيل عن عدم قدرة المالكي على قيادة بلد متعدد الاعراق مثل العراق، وانه يفتقد الى اي موهبة فذة تذكر في اي مجال يخدم المجتمع ويساعد على تقدمه، ولكنه مع افتقاده الى العمل الجاد المثمر، فانه يمتلك مهارة فائقة في خلق الازمات واثارة المشاكل، وقد اكتسب شهرة عالمية في هذا المجال واصبح حديث وسائل الاعلام ونجما لامعا في سمائها، ينافس كبار نجوم السينما في ادوار «الأكشن» والمغامرات، فقد تعود على حياة الصراعات والمماحكات السياسية و لا يمر يوم دون ان تصدر منه ازمة مع شخص أو جهة، له قدرة عجيبة في اثارة الازمة في اكثر من مكان ومع اكثر من جهة في آن واحد، وهذه قدرة لا يمتلكها غيره، تراه يصارع الاكراد ويفتعل معهم ازمة عرقية تكاد تنفجر وتجر المنطقة الى كارثة وفي نفس الوقت يفتعل ازمة طائفية مع السنة ويدخل معهم في صراع بيزنطي عقيم يضع البلاد على كف عفريت، وقد يخوض معركة سياسية اخرى في الوقت ذاته وبالشدة نفسها مع التيار الصدري، وهذا خطأ سياسي جسيم لا يقع فيه الا السذج من السياسيين ممن ليس لهم خبرة ولا دراية بأبجديات القاموس السياسي المبسط.. وقد دفع ثمن هذا الخطأ الشعب العراقي بكافة اطيافه ومكوناته المتنوعة.. مشكلة «المالكي» الاساسية انه لايملك برنامجا سياسيا اصلاحيا تطويريا للبلد ولا يريد ذلك، يفتقد الى مستشارين اصلاحيين ومساعدين ذوي كفاءة في هذا المجال لا احد منهم يختلف عنه في شيء، نفس السياسة والمنطق الاعوج، قدرته محدودة جدا في ادارة الازمات بحكمة واتزان، وعندما يعجز عن ذلك «وهو ما يحصل دائما» يتجه الى «خلق الازمات» للتغطية على عجزه وفشله، بنى شخصيته «الكاريزمية» على الازمات بالضبط كما كان صدام يفعل.. لذلك نجد انه لم يقدم أي انجاز من أي نوع طوال مدة حكمه، ولن يقدم لانه لا يملك موهبة العطاء والتضحية لان «فاقد الشيء لا يعطيه» كما قيل، فالعراق اليوم يعيش في أسوأ مراحل حياته في ظل سياسته التوسعية.. لذلك فعلى الاعلام الملتزم ان يتعقب خطواته ويلقي عليها الاضواء الكاشفة ويكشف عن الاعيبه ومؤامراته في تدمير العراق وبث روح العداء بين ابنائه، وما يستغرب له انه على الرغم من خطورته البالغة على حاضر ومستقبل العراق وربما المنطقة فيما بعد، لم يطله القانون لحد الآن ولا تعرض لاستجواب ولا اجبر على الاستقالة، بل مازال يمارس عمله الاعتيادي وكأن شيئا لم يحدث، متحديا بذلك المجتمع العراقي والقوانين التي تحكمه. |