اللهم إلعن من حرم ديني و تطبيري

 

 

 

 

 

 

روى لي أحد الأصدقاء انه كان يمشي مع مجموعة من أصحابه في العاشر من محرم العام الماضي باتجاه الإمام الحسين (عليه السلام) و كربلاء تعيش ذروة الزيارة و أجواء الشهادة المقدسة باتت قبلة للزوار من كل بقاع العالم و في وسط الازدحام و تدافع الزوار كأنه سيل هادر بأتجاه حبيبهم و موئل قلوبهم و كعبة وجدهم , يقول ذلك الصديق انه وسط هذه الجموع لفت انتباهنا لافتة كبيرة موضوعة في مكان بارز لإحدى المواكب الكربلائية مكتوب عليها بخط كبير (( اللهم إلعن من حرم ديني و تطبيري )) ... أستوقفتنا هذه اللافتة و كان من معي بين مستاء منها و متجاهل و مبرر رفعها بالجهل المطبق او بالتعصب و عدم الإدراك فكان الاستنكار لهذه العبارة واضح على الجميع و لكنهم لم يقدروا على إبداء وجهة نظرهم او مناقشة من وضع اللافتة .. فمن يحمل هذه الافكار يتوقع منه أي شيء و لا وجود للحوار المتعقل مع هولاء فأنبرى صاحبي للمواجهة بعد أن قدحت في ذهنه فكرة ليأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ... 
توجه صاحبي الى الموكب الذي كان مكتظاً بالرجال المشغولين بتوزيع الطعام على الزوار فالتفت الى رجل كبير كان جالساً وسط هذا الزخم و يزين وجهه المائل للحمرة شيبة كثة و كان يدير و يوجه الشباب في توزيع الطعام و كأنه المسؤول عنهم فتوجه صاحبي اليه و سأله 
- السلام عليكم حاج ماذا تعني هذه اللافته التي أمام الموكب ؟
- و عليكم السلام .. انها تعني ببساطة ( اللهم إلعن كل من حرم ديني و تطبيري ...)
- جزاك الله خير حجي .. إذن هي تعني لعن كل من حرم التطبير ,,,,,, و بما إننا في اليوم العالمي للعن الظالمين فيوم الحسين يوم الثورة على الظالمين , فأنا ألعنهم فهل تسمح لي ؟؟....
- تفضل ....
فرفع صاحبي يديه الى السماء و صاح بصوتٍ عالٍ سمعه كل الموجودين :
- اللهم العن السيد أبو الحسن الاصفهاني ... 
فتح الرجل الكبير و من حوله عيونهم وحدقوا به بدهشة كبيرة و كأن صاعقة وقعت على رأسهم ....ماالذي يقوله هذا المعتوه ؟؟؟
فأكمل صاحبي لعنه على الباقين ...
- اللهم العن السيد محسن الأمين العاملي صاحب أعيان الشيعة ...
- اللهم العن السيد الخميني ...
- اللهم العن السيد الخامنئي .... 
- اللهم العن السيد فضل الله ...
التفت كل من في الموكب و أثارهم هذا الكلام ,, من هذا الذي يلعن علماء المذهب ؟؟؟ 
من أين أتت له الجرئة على ذلك الفعل اقترب الجميع حوله و عيونهم تقدح بشرر الغضب منتظرين الفعل من كبيرهم ... و لكنه أستمر باللعن ..
- اللهم العن السيد الحكيم ..
- اللهم العن السيد الخوئي ...
- اللهم العن السيد محمد باقر الصدر ........
صاح الرجل الكبير به ممسكاً بيديه المرفوعتان للسماء لينزلهما و هو يرتجف و عيناه جاحظتان و فاه مفتوح ...
- مالذي تقوله يا ولد ..؟؟ .. كيف تلعن علمائنا ؟؟ من أنت ؟؟ و كيف تجرؤ على ذلك ؟؟؟ 
- ما الخطأ الذي فعلته ؟.. أنا افعل ما انتم تفعلونه .. أطبق المقولة التي ترفعونها في لافتتكم ... العن من حرم التطبير من علمائنا ....
خيم الصمت على ذلك الموكب .. و كأن على رؤوسهم الطير التفت بعضهم لبعض و كأنهم يقرأون اللافتة لأول مرة أو أنهم لا يعلمون معناها .. أو أنهم لا يعرفون من هم العلماء المشمولون بلعنهم ...
كان كلام صاحبي صعقة حلت عليهم و صدمة أفاق البعض من غفلته و بدء الكلام فيما بينهم , أحدهم يناقش الأخر و اعتلى الضجيج الموكب . أترضون بلعن علمائنا ؟ أكل هولاء الأعلام نحن نلعنهم بهذه اللافتة ؟؟ بأي غفلة نحن ؟ توجهت الانظار نحو الرجل الكبير .. فطأطأ برأسه الى الارض صامتاً مستغرقاً بما قاله صاحبي و ما فعله فيهم .. ثم رفع رأسه و قال لهم أنزلوا هذه اللافتة .. اننا نلعن علمائنا و لسنا ندري .. أعترض أحدهم على ذلك و قال لا يمكن ان ننزلها فنحن موكب تطبير و هذا شعارنا و لن نتنازل عنه ... سانده أخر ... و عارضه أخر ... و حاول الرجل الكبير ان يفهمهم و لكن الهرج و المرج و الكلام الكثير اعتلى في المكان 
فخرج صاحبي من هذه المعمعة و انسل عائداً الى جماعته الذين كانوا يراقبون الموقف الحرج الذي أدخل صاحبهم رأسه فيه و أخذوا يراقبون ما يحدث هناك عن بعد و بعد جذب و شد و ارتفاع الاصوات فيما بينهم .. لاحظوا ان الرجل الكبير و معه بعض الشباب تركوا الموكب و رحلوا عنه و بقي أخرون يتناحرون فيما بينهم ,,,, أما اللافتة فقد بقيت معلقة في مكانها تنتظر عاقل نزلها ...