مريم...

 

طفلة في الخامسة من عمرها، لو انها ولدت في أي بلد اخر لكانت الآن تلعب مع أقرانها ولكن في العراق هي ترقد تحت التراب، لا اعرف مذهبها او قومبتها كل ما اعلمه انها طفلة أستشهدت من العراق.
مريم ليست الأولى ولم تكن الأخيرة، هي واحدة من آلاف الأطفال الذين قضوا نحبهم في العراق على يد التكفيريين ، أو انتقاما خلال أحداث العنف الطائفي، وهنالك من يموت بسبب انتشار الأمراض وقلة المعلومات والخدمات الصحية، فاستنادا إلى إحصائيات مؤسسة (ايرين الخيرية) التابعة للأمم المتحدة في تموز 2011 بلغ معدل الوفيات بين الأطفال الرضع دون السنة الواحدة من العمر 100 طفل يوميا.
ومن ناحية أخرى فعدد الايتام في ازدياد ملحوظ، أما بسبب التفجيرات وأعمال العنف، أو لأن ذويهم تخلوا عنهم بسبب الفقر والعوز، حيث تشير إحصائيات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي إلى أن عدد الأطفال الأيتام في العراق بلغ نحو أربعة ملايين ونصف المليون طفل، بينهم 500 ألف طفل مشرد في الشوارع، فيما تضم دور الدولة للأيتام 459 يتيما فقط!!
و هنالك التجارة بالأطفال والمسؤول عنها مافيات محلية لها ارتباطات دولية، استغلت تردي الوضع الأمني لتقوم بعمليات خطف منظمة أما لأخذ الفدية من ذويهم أو للمتاجرة بهم أو بأعضائهم، وقلما يقع أفرادها بيد العدالة.
واستغلال الأطفال في مختلف أنواع الأعمال الشاقة وتركهم للمدارس، حيث ممكن مشاهدتهم في الإشارات المرورية، و ورش التصليح والمعامل، وأسباب هذه الظاهرة كثيرة منها العوز والحاجة، ومنها فقدان الاطفال لأهاليهم، أو فقدان ذويهم القدرة عن العمل بسبب الإعاقة، والنسبة الأقل هي جشع بعض الأهالي، حيث تقول منظمة اليونسكو: أن عدد الأطفال البالغين سن الدراسة الأبتدائية الذين لا يرتادون المدرسة قد بلغ نحو مليونين.
لا توجد إحصائيات مؤكدة عن الأعداد الحقيقة وأن وجدت لكانت الأرقام مخيفة، فلا تخلو عائلة عراقية من فقدان طفل أو أكثر إلا ما ندر، وللأسف هنالك الكثير من المسؤولين يستخدمون الطريقة الهدامية، بعدم الإفصاح عن الأعداد الحقيقية في الإحصائيات، لتحسين صورهم أمام المنظمات الدولية بدون الاهتمام لمظهرهم أمام الله .
فلا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الوفيات في الولادات وذلك لأن اكثر الولادات الحديثة هي لأطفال خدج وتخلو أكثر المستشفيات العراقية من الحاضنات، ويضطر أغلب المواطنين إلى نقل أبنائهم بعد الولادة إلى مستشفيات أخرى تملك هذه الحاضنات، ولا توجد إحصائيات بعدد من توفي من هؤلاء الأطفال بعد خروجه من المستشفى.
كما لا توجد إحصائيات بعدد الأطفال الذين استشهدوا بالإنفجارات، أو ضحايا العنف، أو الألغام التي لا زالت الكثير من المناطق الجنوبية تعاني منها، ولا توجد إحصائيات عن عدد الأطفال المعاقين ولاديا، أو بسبب الإنفجارات والالغام، أو لإسباب الاخرى.
لحل أي مشكلة يجب جمع البيانات والمعلومات عنها، وعدم توفر هذه المعلومات يجعل حل الموضوع شبه مستحيل، وفي الحقيقة نحن لا نرى أي جهود حقيقية من قبل السياسيين بخصوص هذا الموضوع إلا مبادرة رائعة أطلقها الحكيم لرعاية الطفولة ببرنامج كامل لدراسة وضع الطفل العراقي وتقيم أحتياجاته وتخصيص صندوق لرعاية الطفولة يستقطع 2% من ميزانية الدولة، إلا ان هذا المشروع لم ير النور بعد حيث أنه لم يقر لحد الآن من قبل مجلس النواب لأسباب مجهولة.
لا أعلم ما فائدة أن تزرع بلا ثمار، فأطفالنا هم ثمار المستقبل، هم الأمل القادم للعراق، وإلى أن يفهم سياسونا ذلك نبقى كل يوم نودع مريم مقطعة الاوصال.