قانون الاحزاب السياسيه ابتلعته الحيتان |
قبل النضوج كبقية القوانين التي تهم بناء الدوله واستقرارها يتلكأ قانون الأحزاب السياسية بين أروقة السياسيين والفرقاء الكبار ومجالسهم بعد إن تمت قراءته الأولى من قبل السلطة التشريعية, ويبدوا انه لن يرى النور طالما أصبح تحت متناول القادة المخضرمين وأحزابهم المتنفذه والمهيمنة على مفاصل السلطة وعروقها ,لان تشريعه يحد من نشاط هذه الأحزاب ويضر بمصالحها وربما سيودى بالكثير منها إلى الانهيار والضمور. من الأركان الاساسيه في البناء البرلماني الديمقراطي ألتعددي والذي تتبناه معظم دول العالم التي انتهجت هذا الأسلوب في نظم الحكم هو تشريع قانون الأحزاب والجمعيات السياسية ,نظرا لما للأحزاب والجمعيات من أولوية وأهمية في المجتمع والدولة ,فمجتمع بلا أحزاب وتنظيمات سياسيه يطغى عليه الكساد والخمول ,فالمحرك والداينموا للدولة والمجتمع هي الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تنقلها من الركود والكساد إلى الديناميكية والحركة والعمل والرخاء من خلال دخول هذه الأحزاب في دفة إدارة ألدوله ومؤسساتها وكابينتها الحكومية حيث تتبلور هيكلية ألدوله وكيانها ونمائها ومعالم سياستها ونهجها الاقتصادي والاجتماعي. مضى تسع سنوات من عمر العراق الديمقراطي الجديد وحياته السياسية ونظامها الحزبي وبناء مؤسساتها السياسية التي تسير مسترسلة بعمل ارتجالي متسرع ,فرضته ظروف مرحليه خاصة, وفقا لقانون رقم 97 الذي وضعه بريمر في سنة 2004, والذي يستند على توقيع 500 عضو فقط دون أي شروط وضوابط تتوفر بالعضوا المنتسب, أو بنظام داخلي أو ماهية وطبيعة هذا الحزب, ومدى موائمته وتقبله للعملية السياسية وتبعيتها وما يؤآزرها في العراق الجديد. نعم تم تشريع قانون الانتخابات, وقانون المفوضية العليا للانتخابات, وأجريت بموجبهما عدة عمليات انتخابيه على مستوى العراق أو على مستوى المحافظات, إلا إن القانونين منقوصان مالم يكملا بثالثة الأثافي وهو قانون الأحزاب والجمعيات السياسية. علما إن المادة 37 من الدستور الدائم أجازت تأسيس الأحزاب والجمعيات ,وذلك بموجب تشريع قانون ينظم العمل السياسي والحزبي في العراق, والذي سيفضي بتشريعه إلى الحد والتقليل من هذه الفوضى العارمة والفلتان التي تشهدها ساحتنا السياسية من أحزاب وجمعيات تحاكي بفجاجتها واستغراقها دكاكين بيع الخضار في أسواق ألعلوه . حيث فاض تعدادها في العراق متجاوزا على 500 حزب ,وجلها اشترك في العملية الانتخابية الاخيره وهذا رقم خيالي لم يشهده أي بلد في العالم. فتشريع القانون يجسد قاعدة للبيانات, تبين عدد الأحزاب الفعلية العاملة في الساحة السياسية, والمتوافقة مع شروط وضوابط القانون والتي يمكن الرجوع إليها في أي عمليه انتخابيه. كما انه يوضح الميزانية المالية لكل حزب, ومصادر تموينه واقنيتها , ووجهة الإنفاق والصرف ومسوغاتها , وبهذا الشرط يحد من المصادر المتعددة التي ترد إلى الأحزاب سواء من الخارج, أو من التبرعات المشروطة من المقاولين والأثرياء ,أو من الاستحواذ على المال العام ,وتسخير موارد ألدوله ومرافقها, والتي تهيمن عليها الأحزاب المتنفذه ألان . فالدولة هي المسؤوله عن التموين لكل حزب وجمعيه كما هو معمول به في معظم دول العالم حيث تخصص مبالغ من الميزانية ألعامه للدولة الاتحادية ولكل حزب حسب ما يتناسب وحجمه ونشاطه وبذلك يمهد الطريق للأحزاب الصغيرة للمنافسة الشريفة مع الأحزاب الكبيرة التي تعتمد على أساليب ألمخادعه والتمويه في الحصول على التمويل وبهذ تتكافأ الفرص بين الجميع. وقانون الأحزاب يعتمد مبادئ المواطنة في تشكيل الأحزاب والجمعيات, وليس على أساس مذهبي, وعرقي, أو طائفي, كما هو الحال في العراق, فاغلب الأحزاب المتنفذه ألان هي أحزاب طائفيه عرقيه مذهبيه , فهو يعطي الحرية في الاختيار لأي مواطن دون النظر إلى انحدار الحزب وخلفيته , كما انه يمنع استخدام الرموز الدينية والعرقية في المنافسة الانتخابية والدعاية الانتخابية, ويحجب على الأحزاب تسخير الجوامع والحسينيات وترويج الفتاوى والتبليغات الدينية في الحملات الدعائية للانتخابات . كما يشترط بتأسيس أي حزب إن يكون لديه نظاما داخليا للحزب, يبين عدد أعضائه بما يتوافق مع الشرط الذي يضعه القانون بالحد الأدنى المقبول للأعضاء, وهي القاعدة الجماهيرية والارضيه التي يستند عليها أي حزب ,لا كما يحدث من الحرية المفرطة في تشكيل الأحزاب ,حيث يعمد رهط معين من الانشقاق والتشظي من الأحزاب الكبيرة أو تشكيل أحزاب صغيره لا يراعى بها النوعية والكميه المعتمدة للأعضاء,. فضلا على إن القانون لا يبيح للقيادات التقليدية التمسك بالامانه والقيادة إلى الأبد بل يشترط القانون إن ينتهج الأسلوب الديمقراطي بالترشيح والانتخاب سواء للاماته ألعامه ولكل مستويات التنظيم في الهيكل الحزبي وبذلك تتخلص الأحزاب الكبيرة من ظاهرة الرمز التاريخي أو العائلي أو الموروث الأبوي. إما مايخص منهاج الحزب وبرنامجه وأهدافه وإيديولوجيته والتي تتخذ طابع الوضوح والشفافية لكل من يطلع عليه من العراقيين, كما يجب إن لاتتعارض مع سياسة ألدوله ودستورها ومبادئ حقوق الإنسان والعدالة وبنائها الديمقراطي الذي اعتمدته في نظام حكمها الجديد. تختفي والى الأبد ظاهرة الميلشيات المسلحة ,التي تتخذها بعض الأحزاب العاملة كواجهة عسكريه ,ترهب الآخرين المنضوين في العملية السياسية, أو حتى لا يشجع اللذين يجدون في نفسهم ألقدره والكفاءة والامكانيه لتشكيل حزب سياسي يتماشى مع متطلبات المرحلة, لكن ليس تحت الرعب والتهديد بالسلاح وبكواتم الصوت كما هو مستفحل ألان في العمل السياسي العراقي البعيد عن التنافس الشريف والنضوج والرؤية السديدة في العمل الحزبي والسياسي.د وتشريع القانون يحد كثيرا من مظاهر العنف والإرهاب المتفشي في الجسد العراقي والذي يحصد الآلاف من الأبرياء ويدمر بنائه ونشاطه الاقتصادي ذلك لان الأغلب الأعم من هذه الأحزاب تعتمد في مصادر تموينها على الخارج أو من جهات مشبوهة لا تريد للعراق الاستقرار والأمان. والمال الذي تدفعه ليس لعيون الأحزاب وإنما مقابل شروط ضريبية تدفعها الأحزاب لقاء قبولها واستلامها الأموال والذي ينعكس على العراقيين قتلا وخرابا وتدميرا . لكن تبقى ثمة نقاط مهمة تخشاها الأحزاب الصغيرة وتطالب بتحاشيها وعدم الوقوع تحت رحمتها وهو إن لا تكون رهينة وتابعة للسلطة التنفيذية وإشرافها وذلك من خلال وزارة العدل ودائرة شؤن الأحزاب وهذه بالضرورة تابعة لسلطة الحكومة وهيمنتها من قبل الأحزاب المتنفذه والتي ستتحكم بإدارتها وبتخصيصاتها المالية وفقا لمشيئتها ومصالحها وبالتالي ستهمش الأحزاب الصغيرة وتؤدي إلى ركونها وانزوائها وانحسار عملها السياسي فتقتل روح التعددية الحزبية التي هي جوهر النظام البرلماني الديمقراطي . لذلك يجب إن ترتبط هذه الأحزاب والجمعيات بهيئة مستقلة تشكل لهذا الغرض وبموجب قانون خاص بها. |