مشكلة مستعصية

 

يكاد لا يخلو أي مجلس أو حوار ثنائي من تناول موضوع الفساد المالي والإداري حتى أصبح هذا الموضوع كالطبق الدائم في موائدنا وقد أخرج من طائلة الغيبة المحرمة لشموله بالمقولة المعروفة ( لا غيبة للفاسقين ) وإضافة لذلك فقد يحدث بين الفينة والأخرى أن يهتز الوسط الشعبي (وربما السياسي) لاكتشاف فضيحة من العيار الثقيل تزلزل كيان الدولة العراقية .... وقائمة الفضائح طويلة وهي قابلة للإضافة كل يوم لو أردنا الاستعراض ،ولو فتشنا في تاريخ ملفات هدر الأموال في كل بلدان العالم القديم والحديث قد لا نجد شبيها لما يحصل في هذا البلد ، وأكثر ما يثير الدهشة إن كل هذه الفضائح المكتشفة تتحول عادة إلى قضايا سياسية ويبدأ التشكيك في صحة المعلومات ثم تبدأ المساومات بين الفرقاء على طريقة (غطيلي واغطيلك) وقد يحال المتهم على التقاعد بعد مكافأته أو يطير إلى بلده الثاني (الأول) الذي كان قد تشرف بحمل جنسيته وقد سافرت قبله الأموال المختلسة والمنهوبة وأصبحت أرصدة مصرفية حلالاً بلالاً . إن اخطر ما يمكن أن نتصوره من نتائج هذا الفساد المالي والإداري أمرين : الأول أن تصطبغ مرحلة ما بعد سقوط النظام بهذا اللون ويصبح موضوع الرشوة والاختلاس والنهب واستغلال المنصب للأغراض الشخصية من البديهيات التي لا تجد من يستنكرها أو يحاسب عليها على كثرة لجان النزاهة والرقابة المالية التي وقفت عاجزة لحد الآن عن إنزال العقوبة بأي حالة اختلاس أو نهب أو فساد مع إن الروائح قد أزكمت الأنوف ولا ينفع معها عيدان البخور . والثاني أن يصل المجتمع إلى مرحلة فقدان الثقة بكل شيء والحكم على الجميع بأقصى الأحكام وقد بدأنا نسمع على نطاق واسع صيحات (كلهم حرامية ) تتعالى ولا يجرؤ احد على الرد ... وحتى من اكتوى بنيران المرحلة الماضية ربما يجد نفسه محصورا في الزاوية الضيقة عند محاولة الدفاع عن عناوين ضخمة تحمل من تاريخ العمل الوطني والجهادي ما يملأ الخافقين ......