صاحبة الجلالة او السلطة الرابعة كما درجت الادبيات السياسي على تسميتها، تمارس دورا رقابيا مهما وتمثل عين المجتمع على مؤسسات الدولة. ولكن ماذا يبقى للصحافة ودورها حين تحيد عن نزاهتها وموضوعيتها؟ بل ماذا يتبقى من الصحفي وشرف الكلمة حين يكون معروضا للبيع؟ لماذا نرى ان بعض الصحف تستطيع ان كيل التهم والشتائم للجميع الا جهة واحدة او وزارة واحدة لاتقترب من ذكرها الا مدحا واطراء؟ هذه التساؤلات نطرحها ونحن نسمع هنا او هناك ان بعض الصحفيين اصبحوا تابعين لهذه المؤسسة او تلك او مروجين لاخبار وزارة بعينها وكأنهم بوقا لهذا الوزير او ذاك المدير العام، او يمارس الابتزاز ان لم يصل الى ضالته في الحصول على (الاكرامية) كما يسونها. في مثل هذه الحال هل تستطيع الصحيفة ان تمارس دورها الرقابي بوصفها صوت المجتمع والمدافع عن مصالحه ، وقد تم شراء سكوتها او انحراف موقفها من خلال الاعلانات او دفع الاموال لبعض منتسبيها؟ قد نقرأ في هذه الصحيفة او تلك نقدا لوزارة ما، ولكن بعد فترة نرى مادة صحفية (مقال او تحقيق او تقرير صحفي ) كله مديح للوزارة ومنجزاتها وكفاءة وزيرها ونزاهته ووطنيته ، مع ان هذه الصحيفة كانت قد اشارت الى فساده قبل فترة، فيقال عن هذا التباين في المواقف ان صاحبة الجلالة أصلحت علاقتها مع هذا الوزير من خلال حصولها على حصتها من اعلانات الوزارة. الفساد والافساد الذي يشوب العلاقة بين مؤسسات الدولة وبعض الصحف هناك من يعتاش عليه اذ يعتبره مصدرا لتمويل الصحيفة. هذه الظاهرة لا تقتصر على الصحف بل يقوم بها بعض الصحفيين الذين يمارسون الابتزاز لهذه المؤسسة او تلك او لبعض المسؤولين من أجل الحصول على (الاكرامية) التي لا تختلف باية حال من الاحوال عن الرشوة التي يتلقاها الموظف العمومي في بعض المؤسسات. اذا مارست الصحيفة او الصحفي عملية الابتزاز او الفساد والافساد فانها تغض الطرف عن مايجري في بعض مرافق الدولة ، فأنها تفقد دورها الرقابي ولن تصبح سلطة رابعة كما يراد لها . وهكذا فأن من يعتاش على السحت الحرام او على فضلات الفاسدين وسراق المال العام سيفقد هيبته وسلطته الرقابية فيصبح تابعا ذليلا يلهث وراء هذا المسؤول او ذاك. الصحف والصحفيين الذين يمارسون الابتزاز يوفرون غطاء للفسادين وهو مايفقدهم مصداقيتهم امام القراء ، فيتم نبذهم من قبل زملائهم الاخرين. |