الأبتكارات الوهميه لحزب الدعوه (استثمار عاشورا) |
عرفتُ الأستاذ الأديب محمد عبد الجبار الشبوط رئيس تحرير جريدة الصباح منذُ تعييني مدرساً في متوسطة الخورنق في النجف عام 1965 .وعلى ما أعتقد وأتذكّر بأنه كان مدرساً للغة الأنكليزيه .وقد زاملته لسنة دراسيه كامله ثم انتقل بعدها الى بغداد وانقطعت أخباره عَنّي. لقد كان الأستاذ يتمتع بمواهب عديده منّى ألله عليه . أولهما ابتسامته وشفافيته التي لاتفارقه حتى ولو كان في موقف عسير مثلاً . وكان ملاذاً لبعض الطلاب حينما تقع مشكلة ما مع أحد المدرسين الذي يتوسط في حلّها ثانياً. كان منطقياً في كلامه لاتفارقه النكتة أبداً . أما ميوله السياسيه وهنا بيت القصيد لتقييم هذا الأنسان كما عهدته . أقول كان الأتجاه العام لميوله هو الأتجاه ( اليسار التقدمي )(1) . هكذا كنت أعرفه ويعرفه الأخرون من زملائي المدرسين حينما كان الفرز السياسي للأشخاص في هذه الفتره . وليس غريباً عنه ،فهو ابن محافظة النظال المرير الكوت والسجون التي امتلأت بالمناضلين من كوادر الحزب الشيوعي العراقي. ولم يكن يعرف التملق .وأعتقد أن ذلك من صفات السياسي الملتزم . اضافة الى أنه لايريد الحديث المباشر عن هذه الأمور لدواعي أمنيه وهو على وشك الأنتقال الى بغداد . كان ملاك المدرسه حوالي (30) مدرساً ، مُقسّمينَ الى ثلاثة تيارات . الأول تيار قومي واضح والثاني يساري وعددهم قليل والأخر مستقل يميل الى هذا وذاك حسب المصلحة والظروف السياسيه. لم يكن استاذنا القدير ( ملتحياً) أبداً .فوجهه مشرقاً بدونها .أبيض وأحمر الوجه كأنه ( تفاح لبنان) .وفجأةً أرى صورته المرافقة لكتاباته الأن وهو ملتحي بلحيةٍ بيضاء لاتَسرَ أكثر الناظرين . وقد اختفت معالم وجهه السابقه كشيخوخةً أو من جراء سهره وأتعابه ومسؤولياته الأعلاميه في كتابة المقالات التي تحكي بعظها عن بطولات ونضالات حزب الدعوه الحاكم ،وكيف أن الحزب ( جَنّدَ الطلاب في بغداد على شكل مواكب حسينيه عام 1967 (لتوظيفها الحضاري) لمراسم عاشورا . حيث خرج مئات الألوف من الطلبه والشباب ، فكانت مسيرة عزاء طويله أقيمت بطريقةٍ (مبتكره) وجديده لفتت انتباه المراقبين لطابعها الحضاري الجديد ونوعية (رداتها) . هنا التساؤل والنقاش والأعتراض على هذه المبالغات .فعلى ما يبدو أن نضال الأخرين من القوى التقدميه والقوميه منذُ بداية الخمسينات حوّلها الى هؤلاء الذين لايتعدى تنظيمهم في هذا العام المذكور وقبله وبعده بضع عشرات من المتدينين معتمدين على بعض الوجوه الأجتماعيه والدينيه المعروفه في مدينة النجف بالذات مكان تأسيسه . مع العلم أن ما يدعيه من أن حزب الدعوه هو القائد لهذه المسيره فهو خطأ وكفر تأريخي محض . ناسياً بأن هناك قوى قوميه وتقدميه أخرى كانت تشارك وتساهم بشكل واضح وبصرخات شعريه ناريه مشهورة . فتعريجك يا أخ محمد نحو حزب الدعوه على ما يظهر للمجاملة الأعلاميه أوبتوصيةٍ من جهات معينه الى شبكة الأعلام العراقيه والى جريدة الصباح بالذات لتقول هذا الكلام . ويبدو أن بعد عودتكم الثانيه الى هذا الموقع الأعلامي اتجهتم الى هذه الأفكار الغريبه. وهذا أمر مؤسف خلاف ما كنت أعتقده فيكم .وقد استثْمرتَ ما قيل بعد استشهاد الأمام الحسين(ع) (( لأزرعن طريق الطف ريحانا )) الى أن تتمنى أن تزرع على طول الطريق الى كربلاء بالأشجار وهذا أمر جيد ،غافلاً الممارسات الصبيانيه لكثير من هؤلاء المشاة المخالفه لمبادئ ثورة الحسين (ع) . والأنكى من كل ذلك أن استغلت هذه المواكب من قبل التيارات السياسيه الأسلاميه فقط . فأخذ كل تيار يوزع الهدايا والمواد الغذائيه باسمه .فهذه هدايا السيد نوري المالكي وآخر من طرف المجلس الأعلى ثم التيار الصدري وهكذا الناس منقطعين ومشغولين بالأكل والشرب من كل ما لذ وطاب ، لأن الأنتخابات المحليه والبرلمانيه قادمه . وبامكانك وأنت صحفي واعلامي أن تأتي وتساير هؤلاء وتشاهد (الدماراخلاقي)(2). وان كنت تملك الشجاعة الصحفيه أن تقول كلمة الحق لهذه الممارسات في جريدتكم (الصباحيه) الحكوميه . ولو أن كلامي لم يكن موجهاً الى مضمون الطقوس أبداً وانما أساساً الى مالفت نظري للمغالطة التأريخيه بذكرك الموقف المزيف لتيار الدعوه الأسلاميه عام 1967 . وتجاهلت المسيرا الحسينيه للقوى التقدميه بعد ثورة 14 /تموز /1958 . وخطباء المنبر الحسيني وأخصهم بالذكر المرحوم السيد (جابر أغائي ) الذي كان مجلسه يتسع الى رقمٍ غير محسوب . وقبله منبر الشيخ المرحوم (محمد الشبيبي) والد الشهيد حسين الشبيبي وغيرهم كُثر . ومحاضراتهم العلميه واضحة بشأن ثورة الحسين (ع) .وأما من رموز (الرواديد) فكان المرحوم (فاضل الرادود) أبو عصري والمرحوم (القابجي) والمرحوم (وطن أبوشبع) والمرحوم عبد الرضا الرادود . فأين حزب الدعوه من كل هذه المجريات والذي تتحدث عنه من بطولاته عن أحداث عام 1967 وأنه اكتشف وابتكر استثمار عاشورا . والحقيقة التي تشير اليها ما هي الا مناسبة دينية تمت بعد عودة الزائرين من مدينة سامراء وتجمعهم في بغداد وأخذ كل من المرحوم محمد باقر الحكيم والأستاذ الدكتور محمد حسين الصغير وعدد من زعماء القوى القوميه والتقدميه يتناولون في خطاباتهم أمام هذه الجموع الهادره الأوضاع السياسيه والأجتماعيه للبلاد . ولم تكن هذه أول مرة ، ولم يكن لحزب الدعوه أي اسم يذكر لامن قريب ولا من بعيد . وقد استثمر حزب البعث هذه المناسبه وغيرها لصالحه حتى قيامه بالأنقلاب عام 1968 . فحزب الدعوه الذي تشير اليه بهذه الخصائص والفعاليات لم يكن بهذا الشكل . فَجُلّ أعتماده الحركي الهزيل على المناسبات الدينيه البسيطه كتوزيع الأكلات في بعض المراقد المقدسه أو توزيع الحلوى المغلّفه بأوراق صغيره ضد السلطه وهي مكشوفة ومرصوده ويتم ذالك عن طريق النساء العجائز أو استخدام السيارات لنقل الزائرين مجاناً الى العتبات المقدسه بحجة أنها للنذر أو التبرع . وكل ذلك تعتبر من الأمور المحدودة، وان السلطات الأمنيه متابعة لهذه الحركات خصوصاً في عهد النظام السابق . ومن جراء ذلك وقع فيها البرئ بتهمة الأنتماء الى هذا الحزب . فاذا كان الأمر كذلك فكيف استطاع هذا الحزب أن يهيأ الألوف للمظاهرة المزعومه ؟ |