قبل الدولة - الظاهرة- في ظل الوضع الراهن للعراق – الدولة - والسلطة متوافقاً مع ثورة الشعب العربي في اغلب الدول العربية على السلطة التي تدير الدولة لابد من مراجعة هادفة للمفاهيم السياسية التي أرست دعائم الدولة الحديثة (المعاصرة) والتي بذل فيها الفلاسفة وعلماء الاجتماع والتاريخ والمصلحون والمفكرون وقتاً وجهداً كبيرين لتنظيم العلاقة بين البشر. فالانسان بالتأكيد سابق في الوجود لوجود الدولة وهو هكذا حراً طليقاً ينتقل في اصقاع الكرة الارضية بدون الضوابط التي نعيشها اليوم – كالحدود وجوازات السفر وتأشيرات الدخول – وغيرها. الانسان كان عبارة عن دولة متنقلة لانه ايضاً كان سيادة فهو دولة ذا سيادة لوحده . يختار الزمان والمكان للانتقال والاقامة حيث يجد الرزق والامن ، فلا وجود للدولة ولا وجود للسلطة بالتالي لا حدود طبيعية كانت ام اصطناعية الفضاء الجوي متاح دون قدرة الانسان الاول على الاستفادة منه. هكذا حراً طليقاً قائداً لنفسه دولة ذا سيادة مجازاً.
السلطة اساس الدولة الانسان – الفرد – الطليق دون ضوابط حماية نفسه وتأمين رزقه بالتأكيد لم يكن ذكراً لوحده، انما المرآة معه، شريكة الحياة حقاً وفعلاً . ومن هنا ننطلق الى (الاسرة) ، فالاسرة النواة التي ينطلق منها علماء الاجتماع في تفسير كل من ظاهرة السلطة وظاهرة الدولة لكن بحسب آراء البعض ان السلطة سابقة في الوجود للدولة. فالاسرة تخضع ابتداءً لسلطة الأدب اي السلطة الابوية يمارس السلطة على اسرته وبعد تعدد الاسر تكون امام العشيرة ، عندها تنقل السلطة الى رئيس العشيرة . وعند تعدد العشائر تكون امام القبيلة وعندها تكون السلطة لدى رئيس القبيلة. وبتعدد القبائل يكون رئيس القبيلة الكبيرة هو السلطة ، اي الارادة التي يتمتع بها رئيس القبيلة هي التي تدير دفة الامور فيما يتعلق بحل النزاعات التي تحصل داخل حدودهم كذلك ما تعلق بالنزاعات التي تحصل بين القبائل . وبذلك تكون السلطة كظاهرة قد سبقت ظاهرة الدولة. بل ان ظاهرة السلطة هي التي اسست لظاهرة الدولة. فحيث تتوفر اجواء لوجود الجماعة (الشعب ) تنطبق على (الاقليم) الارض او البحر وبوجود السلطة نكون امام اركان الدولة الثلاثة الاساسية وهي – الشعب والاقليم والسلطة السياسية. في الوقت الذي ينكر الكثير من العلماء ركن السيادة جملة وتفصيلاً . حيث اصبح هذا المفهوم معاصراً لاسيما بعد انتظام الهيئات الدولية.. الجمعية العامة للامم المتحدة – والتي تشترط للقبول فيها بها (العضوية) وقد اصبح عدد الدول الان 198 دولة.
ظاهرة الدولة – المعاصرة – اذن السلطة رتبت اركان الدولة الثلاثة وهيأت لظهور الدولة فهي اسبق بالوجود للدولة - الظاهرة لكن هل ان الدولة ظاهرة اجتماعية ام ظاهرة سياسية ام ان الدولة ظاهرة اقتصادية ام ظاهرة قانونية ام ان الدولة ظاهرة تجمع المفاهيم المتقدمة جميعاً. فالدولة كظاهرة قانونية تعني استخلاص القواعد الالزامية التي تخضع لها جهود الدولة وتحت الوسائل المشروعة التي تكون تحت تصرف الدولة لتكره رعاياها على الخضوع لاوامرها وتنفيذها بالقوة وهنا تأكيد على اظهار قوة الارغام وهذا مرتبط بالسلطة السياسية التي هي ركن من الدولة وقد ارتبطت الدولة فيها. اما الدولة كظاهرة سياسية يعني البحث في القواعد النظرية والعملية لقيام افضل انواع الحكومات واكثرها ثباتاً وهذا يعني التأكيد على الحكم الرشيد الذي يؤطر الدولة. بهذه المفاهيم يبرز بوضوح التأكيد على السلطة السياسية من حيث تنظيم الحكومات التي تقود الدولة. وهذا المفهوم دستوري الى حد ما حيث ينظم كيفية ممارسة السلطة في الدولة. لكن الدولة ليست سلطة رجال او اوامر (تشريعات) انما هناك الدور الكبير للثروة (المال) بمختلف انواعه. فالدولة رقيباً ومنظماً للثروة القومية وموزعاً وحارساً ومالكاً ايضاً للثروة بأسم (الامة) وهنا يعني دراسة الدولة كظاهرة اقتصادية.لكن الدولة – تعتبر اعلى اوضاع المجتمعات البشرية تنظيماً – كان علم الدولة بهذا الوصف علماً اجتماعياً يهدف الى دراسة الدولة كظاهرة اجتماعية . بل تعتبر من انضج الظواهر الاجتماعية التي نظمت كل احوال البشر بتنظيم العلاقة بين الحاكمين والمحكومين. فالدولة – الظاهرة – موضوع دراسات متعددة ومتشعبة وهي محور الدراسات الدستورية وهي نوع من انواع علم السياسة او علم دراسة الدولة (ان صح التعبير) اي العلم الذي يدرس الدولة من حيث بنيانها وتنظيمها الحكومي (السلطوي) اي كيف يستمد الحكام سلطتهم بمعنى من اين تستمد السلطة شرعيتها
دولة ام سلطة الحق الألهي يرجع البعض من الفلاسفة نشأة الدولة الى الله وهذا ما يعرف بنظرية الحق الألهي او نظرية التفويض الألهي او نظرية العناية الألهية وهذا هو المذهب الثيوقراطي في تفسير ظاهرة السلطة التي تقود الدولة وتديرها.
سلطة – الامة – ام القوة ينبري الديمقراطيون لنظرية الحق الألهي بكافة تفسيراتها للاعلان ان الدولة – السلطة (تعود الى الارادة العامة للامة) وفد نشأت جراء هذه الرؤية نظرية العقد الاجتماعي الشهيرة بزعامة رائدها ( ج . ج . روسو). لكن – القوة – مدار السلطة وجوهر بنيانها فقد ذهب علماء الاجتماع الى ان نشأة الدولة يعود الى القوة والقدرة والمكنة الناتجة عن تطور الاسرة. نواة الدولة واساسها الا ان انصار المذهب التأريخي يفسرون ظاهرة الدولة بتضافر العوامل او العوامل المشتركة.التي تتفاعل وتتلاقى على مر الزمن ومن ثمرة هذا التفاعل تتكون الدولة . ولكن ماهو شكل الدولة . اي اعتبارها الفكري اي الاسس التي تنشأ عليها ؟
الدولة الدينية لايوجد ما يؤكد ان الدولة القديمة قد نشأت ( دولة دينية ) بمعنى ان النشأة في ظهور الدولة نشأة دينية ، اي دولة التي تولد بالأستناد الى الآديان والمذاهب الدينية المختلفة بل ان تجارب بعض الدول تشير بوضوح ان الدولة نشأت مستقلة تختلط بمفاهيم متعددة منها الهية .ومن النماذج المانيا مثلاً جمعت في وحدتها بين دول كاثولوكية واخرى . بروتستانتية .ووحدة ايطاليا على اثر الحرب بين النمسا وايطاليا بالرغم من انتماهما الى مذهب ديني واحدج (كاثولكي). كذالك الحال في الحركة القومية اليوغسلافية التي وحدت جماعات تدين باديان ومذاهب مختلفة (المسلمون والمسيحيون) . بذات الوقت ان وحدة الدين والمذهب لم تحل دون انفصال المجر عن النمسا والنرويج عن السويد ، كذلك اختلاف الدين لم يمنع اتحاد المسلمين مع المسيحين في البانيا بعد انفصالها عن الدولة العثمانية . الدولة –ظاهرة – التمييز بين الحكام المحكومين بالنظر لتعدد النظريات والاراء التي سبقت حول نشأة الدولة فقد اختلف العلماء السياسة في تحديد دقيق لمفهوم الدولة .فمنهم من يرى ان الدولة . جماعة مستقلة من الافراد يعيشون بصفة مستمرة على ارض معينة بينهم ومهنم طبقة حاكمة واخرى محكومة او هي – اي دولة – مجموعة من الافراد مستقرة عن اقليم معين ولها من التنظيم ما يجعل للجماعة في مواجهة الافراد وسلطة عليا آمرة وقاهرة . او ان الدولة – وحدة قانونية – دائمة تنضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معينه في مواجهة امة مستقرة عن اقليم محدد ومن الاراء والنظريات اعلاه يتبين بوضوح اركان الدولة الثلاثة الجماعة (الشعب ) او الامة . والهيئة السياسية ( السلطة السياسية ) الأقليم (الارض). مشفوعة بقوة الارغام التي تمتلكها او تتمتع بها الهيئة السياسية ( السلطة السياسية) . من هذا المنطق وطالما كان هناك شعب وكانت هيئة سياسية فهي ظاهرة التمييز بين الحكام (القابضون على السلطة ) وبين المحكومين ( المنفذون لأوامر الحكام ) فالحكام – هم الطبقة السياسية التي تمسك بالسلطة – ولديهم القدرة عن اصدار الاوامر وتشريع القوانين ولديهم ايضاً القدرة (المكنة) عمل ارغام المحكومين على تنفيذ هذه الاوامر والتشريعات بالقوة عند الأقتضاء .وهذه القدرة عند البعض من اولى واجبات الحكام ، وهي القاعدة الاساسية الاولى لنشاة الدولة الحديثة ، اما المحكومون فلا يملكون الا القدرة على اطاعة (تنفيذ ) هذه الاوامر . وقد اعطاها المفسرون الجواز الشرعي لضرورة ديمومة المجتمع البشري ومن هذه المنطلقات الفلسفية ظهرت اركان الدولة الحديثة المعاصرة . كما ظهرت ايضا واجبات اساسية للدولة وهي :- 1- حفظ الأمن والنظام . 2-تحقيق العدالة . 3-تقديم الخدمات . 4-تحقيق الرفاهية (واجب حديث للدولة ) فقوة الارغام التي يملكها الحكام تمكنهم من حفظ الأمن والنظام والأقتصاص وتعويض الافراد عن طريق ( العدالة ) . فبدون قوة الارغام لا تتحقق هذه الواجبات كذلك لايستطيع الحكام من القيام بواجباتهم . ماهو اساس ممارسة السلطة السياسية ؟ بمعنى من اين يستمد الحكام شرعيتهم في القيام بهذه الواجبات . ومن اين جاءت قدرتهم على الأرغام اي القوة التي يستخدمونها في فرض اوامرهم على المحكومين.وهل هناك من يحاسب الحكام على اخلالهم بواجباتهم ؟
التركيز للسلطة أو ظهور للدولة يؤكد لنا التاريخ ان الحاكمين تحكمهم قاعدة اساسية مشتركة هي (سيادة الحكم الفردي والقائم على التركيز المطلق للسلطة ففي فترة حكم الملك او الامبراطور كانت السلطة تختلط بشخص الحاكم الذي كان يمارس من خلالها اختصاصات غير محددة كما لو كانت هذه الاختصاصات (امتياز حصري خاص بالملك او الامبراطور فالحاكم (الملك او الامبراطور) كان يجمع كافة السلطات فهو المشرع والمقدر والقاضي فضلاً عن سلطاته الدينية الكبيرة .وهذا بالتأكيد يعود الى الاعتقاد السائد آنذاك – ان السلطة تنبع من مصدر علوي – ولذلك الهت الشعوب حكامها وحسبتهم من طبيعة الالهة أو هم الآلهة نفسها .وهذا كان سائداًفي العراق ومصر والهند والصين ..وقد ترتب على هذه النظرية ان الحكم من الآلهة وهو فوق البشر (يعبد وتقدم له القرابين)،ولهذا فمن الطبيعي ان تكون السلطة مركزة في يديه.كما انها لاتعرف ضوابط لضبطها أضعاف المفهوم الآلهي للسلطة مع تطور المفاهيم الانسانية للسلطة والتأثير الكبير للديانات السماوية التي رفضت اعتبار الحاكم من طبيعة الهية .بل هو انسان تصطفيه الآلهة وتودعه السلطة. فهو والحالة هذه (وكيل الآلهة ومفوضها في حكم الناس.غير ان أوربا – القرون الوسطى – تمسكت بهذه النظرية لتبرير سلطاتها المطلقة واساس السلطة لديهم (ان الحاكم يستمد سلطاته من ارادة الله مباشرة).دون تدخل من اي ارادة اخرى في اختياره وخطورة هذا المبدأ- ان الحاكم لايحاسب الا من الله صاحب الارادة الوحيدة في منح السلطة للحاكم .كذلك بهذا الوصف يعتبر الحاكم بعيدا عن اللوم والمحاسبة الملك – الكنيسة – الاقطاع ربما كانت ثلاثية السلطة تهيأة لاضعاف حكم الملوك المرتبط بالتفويض الالهي. فعند ظهور طبقة ملاك الارض (الاقطاع) نافس هؤلاء الملك في الحكم وبذلك اضعفت ارادة الملوك والاباطرة .وقد عزز من ذلك ظهور الكنيسة.فلكل من الاقطاع والكنيسة القوانين والضرائب التي تنظم امورهم .وبالرغم من ذلك بقي الملك صاحب السلطة التشريعية (التي تصدر القوانين) وصاحب السلطة التنفيذية ،التي تصدر الاوامر والقوانين وتطبقها بالقوة كذلك تجمع الى هاتين السلطتين .سلطة القضاء.فبالاضافة الى ملكية الارض اصبح يملك البشر واصبحت ممارسة السلطة نزعة يحددها في ادارة المجتمع- السلطة .الدولة
كبح جماح الحكام قد يقترن ظهور الافكار التي تريد اصلاح (سلة الحكم) بظهور الدولة القومية وذلك في عصر النهضة .لكن تنصرف الى جانبين – الاول اضعاف ارادة الحكام القابضون على السلطة وتقوية ارادة المحكومين المنفذين الاوامر السلطة ) ففي الجانب الاول – كانت الوسائل المستخدمة لاضعاف قوةالحكام في الانتخابات 2. فصل السلطات 3. الرقابة القضائية 4. اضعاف رأسمالية الدولة وفي الجانب الثاني – كانت الوسائل المستخدمة لتقوية المحكومين 1. تطوير القوى الخاصة 2. المساهمة في ملكية وادارة الثروة القومية . ولكن هل تنتهي الدولة – تزول فعلاً؟ بهذه الاجواء الساخنة التي تدعو الى كبح ارادة الحكام .ظهرت النظرية الماركسية التي تنكر ضرورة الدولة وان هذه الظاهرة اي (الدولة) سوف تذبل وتزول وهي بذلك (الماركسية) تنكر ظاهرة التمييز بين الحكام والمحكومين، راي بوجود سلطة سياسية اي قوة ارغام تفرض بصورة لاتقاوم على اعضاء الفئة الاجتماعية (المحكومون).والماركسية بهذه النظرية تعتقد بذبول الدولة وذلك بأحلال ادارة الاشياء محل ادارة الاشخاص وشعارهم الشهير (من كل حسب عمله الى كل حسب حاجته) غير ان النظرية الماركسية بذبول الدولة – كظاهرة التمييز بين الحكام والمحكومين- جوبهت بالعديد من الاراء الفلسفية والفكرية التي فندتها العراق – الدولة (الحديثة القديمة) يذهب اغلب اساتذة علم السياسة .ان العراق كدولة ظهر اول مرة اعقاب الحرب الكونية الاولى1914 ففي عام 1921 اعلن العراق دولة ملكية بزعامة الملك فيصل الاول اعقاب ثمانية سنوات من القتال من اقصى جنوب العراق (الفاو) حتى اقصى شمال العراق .واعقاب ثورة العشرين التي قادها الشعب العراقي كانت العراق الدولة وهذه المرة – الدولة ذات نظام الحكم الملكي المقيد بالدستور عام 1925 زالت عا م 1958 بالجمهورية الاولى بزعامة الزعيم عبد الكريم قاسم لحقتها الجمهوريات الثانية (عبد السلام محمد عارف) والجمهورية الثالثة (عبد الرحمن محمد عارف) ،او الرابعة (احمد حسن البكر)،والخامسة (صدام حسين )والسادسة (نظام مختلط مجلس الحكم) والسابعة (الشيخ غازي عجيل الياور) والثامنة( جلال الطالباني) لدورتين انتخابيتين.
العراق ـ دولة يحكمها الاجانب تعاقبت على حكم هذه الدولة اكثر من مائة دولة ودويلة وامبراطورية ـ عصابات احرقت الاخضر واليابس ـ وجرت على ارضها الدماء لاكثر من ستة الاف سنة ( تاريخ العنف الدموي في العراق ) . فالعراق دولة ملكية ـ قاهرة لارادة الشعب وهي دولة جمهورية عقائدية مرت بها جميع الافكار التي روجت او ناقشتها او فلسفت ظاهرة الدولة ولكي نستطيع ان نتابع اصلاح الوضع في العراق لابد من دراسة نظام الحكم والوقوف في الاراء التي تكبح ارادة السلطة السياسية بما يفيدها لخدمة الشعب ( المحكومون) والنظر كذلك الى ما يفرز ويقوي ارادة الشعب بخلق حالة التوازن في القوة بين ـ الحاكمين والمحكومين ـ . تابع معنا عزيزي القارئ سلسلة حلقات في الحاكم بين والمحكوم . جدلية الدولة منذ نشوئها وحتى زوالها
Wael50F_(at)_yahoo.com |