بحوث القران الكريم للمنبر الحسيني .. الشيخ عبد الحافظ البغدادي

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

{ قل لا يستوي الخبيثُ والطيبُ ولو أعجبكَ كثرَةُ الخبيثِ , فاتقوا الله يا أولي الألباب } المائدة 100

 

 

  قبل الدخول في تفسير الآية المباركة , لا بد من المرور على معنى المفردات التي وردت في معنى الخبيث والطيب , ومعنى الكثرة , وأولي الألباب....

 

        معنى الخبيث تعني : {هو ما يكره سواء كان محسوسا أو معقولا  واصله الرديْ} , يطلق القران مصطلح الخبيث على كل شيء رديء , مثلا الحديد عندما يُذَوب بالنار تخرج منه مادة تسمى خبث الحديد , سميت بذلك لأنها نوع رديء من هذه المادة القوية ... وإذا ورد المعنى في تناول الطعام يشير القران إلى أنواع الأطعمة التي يتناولها الإنسان .. يقول تعالى { ولا تتبدلوا الخبيثً بالطيب} يعني تتناولون الطعام الحرام بدلا من الحلال , بهذا أصبح كل حرام خبيث, وحين يتحدث القران عن الأفكار يقول{ حتى يَميز الخبيثَ من الطيب} يعني الفكر الوضعي الخبيث ..

 وحين يتحدث عن النساء { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} ..وحين يصف الكلمة السيئة التي تخدش الأسماع يقول :{ وَمَثلُ كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } ... إذن  كلمة خبيث لها معاني عديدة في حياتنا , في الطعام ,  وفي الكلمة التي يتحاور بها الإنسان , وتطلق على المرأة والرجل على حد سواء .. وتشمل الأفكار والأعمال إذا كانت موجهة نحو الناس بسوء تتحول إلى خبث , وأنت تسمع يوميا هذه الكلمات في الفضائيات التكفيرية تكيل الشتائم لجميع المسلمين وتدعو لقتلهم وتصفيتهم , فأي خبث أكثر من هذه الأفكار الخرعة النتنة ..؟ يقول رسول الله {ص} في هذا الصدد { المؤمن أطيب من عمله, والكافر أخبث من عمله ,لأنه فاعل الخبث}...

 أما معنى كثير : تستعمل لقياس القلة والكثرة , وأي نسبة تتزايد تكون أكثر واكبر , والغريب في القران انه يصف المجتمع الإسلامي بكثرة الخبث , يقول تعالى { وأكثرهم للحق كارهون } فهي كلمة لقياس الأعداد بكلمة واحدة , يقابلها كلمة قلة , يقول تعالى { كم من فئة قليلة غلبت فئةَ كثيرة } هذا يبين إن الكثرة ليس شرطا أن يكونوا على الحق, الآن الناس يتباهون بكثرتهم وبقوتهم ومنعتهم .. وقد لفت القران نظر المجتمع إلى ذلك الخلل الاجتماعي حيث يقول { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر } , ورد نص في مقتل الحسين {ع} يوم عاشوراء ," ما رأيت مكثورا قط , قد قتل آل بيته وبنوه وأصحابه , أربط جأشاً منه } هنا المكثور , من تكاثر عليه الرجال ..

وعجبي من بعض المفسرين حين يصرفون معنى الكوثر الواردة في سورة الكوثر إلى انه نهر في الجنة , في حين الآية تتحدث عن شماتة أهل مكة بالنبي {ص} بموت أبناءه  ووصفه بالأبتر الذي ليس له عقب , ولا علاقة للموضوع  بين من فقد أبناءه , موضوع عن نهر يجري في الجنة,  بينما العلاقة واضحة بفاطمة الزهراء عليها السلام ,قضية صرف الموضوع لهذا الرأي معروفة.          

أما معنى كلمة لب : الألباب .. هو العقل الخالص من الشوائب حين يطلق على الإنسان , يعني هذا الإنسان لم تتعلق بعقليته شوائب , وهو تزكية العقل من الخرافات .. وإذا أطلقت على المكان لإجابة النداء تسمى تلبية , قريبة للب , فالحاج حين يصل المواقيت يلبي لله , لبيك اللهم لبيك , فتكون اللب في المكان تلبية , وهو رد على دعوة نبي الله إبراهيم {ع} حينما جاءه النداء { وأذن في الناس بالحج....وقوله : ولله على الناس حج البيت} فيأتي الجواب من الناس " لبيك اللهم لبيك "  حتى في الاستغاثة حين يلبيها الإنسان  لشخص معين يجيبه لبيك يا فلان فتكون لبي تعني الاستجابة ,النص الوارد في الآية المباركة المراد فيه أصحاب العقول التي لم يتعلق بها شوائب.

بعد هذه المقدمة أعود للآية المباركة { قل لا يستوي الخبيثُ ولا الطيب, ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب }....... سياق الآية جاءت بعدد من الممنوعات " المحرمات " فكل محرم ممنوع في الإسلام هو خبيث , من ضمن المحرمات التي أكد عليها في آيات أخرى , شرب الخمر ولعب القمار والزنا والربا واكل اللحوم المحرمة والأعيان النجسة , سواء من صيد البر أو البحر ومن الحيوانات المتوحشة .. هذا من جانب , وفي جانب آخر حرم القران ممارسات اجتماعية كالاختلاط حيث يؤدي إلى خروج عن الأخلاق العامة , ويهدد أركان الأسر الشريفة المحافظة ,حيث مبدأ التسامح يبدأ أولا بالاختلاط البريء ثم يتحول إلى مرحلة أخرى اشد خطورة ونتائج . التسامح في المحرمات حين يراها المسلم صغيرة لا تضر تصبح نتائجها كارثة ..!!  أمسى المسلمون يمارسون الرقص الجماعي في احتفالات ومناسبات غايتها ترويج التبرج واستعراض المفاتن لنسائهم حتى تصبح الحالة شيئا مألوفاً , والآن اغلب البلدان الإسلامية يعتبرون التفسح والحضور في المنتزهات وإخراج العائلة للترويح شيئا طبيعيا  نعم هو طبيعي أذا كان بحدود الاختلاق الدينية المنضبطة , ولكن إذا تخللها الرقص والاستعراض والاختلاط والأغاني الماجنة , تصبح حالة اجتماعية خبيثة بمرور الزمان تصبح جزء من الطبع الذي تطبع عليه الناس .!

قرأت مقالا في الانترنت لكاتب يقول : إن المسئولين رجعيون لأنهم منعوا حفلة رقص للغجر ليلة وفاة الزهراء {ع} في إحدى منتزهات مدينة 99% سكانها مسلمين , كان المقال عبارة عن تهريج وسفسطة , يقول" مدينتنا مدينة الماء والفن والثقافة والرقص والإبداع " طبعا هؤلاء أغراضهم معروفة التفرج على أعراض الناس باسم الفن والرقص والثقافة الهابطة .. انتهازيون مهرجون متلونون لا يعول الإنسان على عقولهم , أفكارهم رميت في مزابل التاريخ لان عقولهم مشوهة بأفكار منحرفة خبيثة ..!! .. جاءت الآية تحرم ممارسات يقوم بها المسلمون قرب البيت المحرم  وهم في موسم الحج { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءَ وتصديةَ } الأنفال-35- المكاء صفير الطير ,هؤلاء يرفعون صوتهم بالغناء والترويح كما يسميه المشابهون اليوم في سفراتهم الاختلاطية... أو الأعمال التي تجعل الرجل مع امرأة محرم في مكان معزول .. ناهيك عن أكل اللحم غير المذكى ولم يذبح بطرق شرعية ... الله يقول لا تتأثر بكثرتهم , هؤلاء اغلبهم فاسدون خبيثون ليسوا مع الحق والعدل , هم خبثاء ... 

هذا الموضوع مهم جدا , لأنه يمس مصالح الناس وسيرتهم  , كيف وصل المجتمع الإسلامي إلى هذا الانحدار..؟ ... أنا لا أتكلم مع الذين لا يعرفون الحلال والحرام ولا يعيرون أهمية للاختلاط واكل أي طعام , حديثي مع الملتزمين المؤمنين الخائفين من الله , الذين يهمهم قول الله فيتبعون أحسنه .. الجواب على هذه الأسئلة هو , المبررات التي يرضى بها فكر الإنسان عندما تتزاحم فيه المحللات والمحرمات على حد سواء , فيأخذ من هنا ومن عناك, يخلط بين الحلال والحرام أولا ثم تصبح الممارسة عادية ...!! .. هنا جاء الإسلام بقضية توقف التداعي النفسي في لب الإنسان وعقله ..وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , هذه القضية لا تتعلق برجال الدين دون غيرهم , رغم إن المجتمع اعتبرها من صميم واجباتهم , هذا تهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقهم كمسلمين , الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الجميع { كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته } .. إذن الآية تشمل الخبيث والطيب في الطعام والفكر والعمل والقول , بدليل إنها قالت :{ فاتقوا الله يا أولي الألباب } ..

اقرب لك الصورة توضح الخبيث والطيب في الممارسة العملية والفكر.. في النصف الثاني من القرن العشرين توسعت شبكة الاتصالات "الانترنت , الدش , النقال " غاية العلماء حين صنعوها الحصول على المال وتسهيل الاتصال وتقريب المسافات , غير إن المؤسسات التي اشترت تلك الابتكارات المصنعة الكترونيا وهي غير عالمة ولا تعطي من عندياتها , تحتاج إلى من يضع فيها معلومات وأرقام وبرامج , هنا استغل الفكر الاباحي هذه الفرصة فاستخدموها في عرض إنتاجهم بشكل واسع , فأصبحت عروض الأزياء والتعري والرقص تنقل من قاعات أوربا وشوارعها تنقل  إلى كل بيت ومكتب ومؤسسة في العالم , هذا الجهاز الخطير استغله الخبثاء فكريا ولوثوا أفكار عديد من الناس من الجنسين , أصبح الانترنت طريقة قوية مساعدة على الانحراف

مثل آخر ... شهر رمضان من الأيام الفضيلة عند المسلمين , وقد ورد فيه أحاديث كثيرة عن رسول الله{ص} بحرمته وفضله , غير إن قنوات الخبث تستنفر الخبائث في ذلك الشهر , تخطط لعدد مميز من المسلسلات والأغاني الراقصة تظهر فيها  فنانة كما يسموها  شبه عارية ترقص وتغني , أي قيمة بقيت لشهر رمضان ..؟؟ وأين أصبح حديث الرسول {ص} " شهر رمضان ربيع القران " دعيتم فيه إلى ضيافة الله , نومكم عبادة وأنفاسكم فيه تسبيح وصلاتكم مقبولة ... أين نضع تلك البرامج في حديث الرسول ...؟؟؟؟  .. غاية الفضائيات كسب المشاهدين حتى لو كان بشكل يتعارض مع حكم الله , والناس يتسامحون مع هذا التوجه .. هذا هو الخبث الفكري والعملي ..

ثم إننا نسمع إن الفضائيات تحتاج إلى كلفة عالية من المال , هل سالت نفسك يوما من الممول لهذه الفضائيات ومن يدفع رواتبهم ومصاريف الفندقة والطعام وغيرها  , إذا لم تسال نفسك وتعرف الجواب فأنت مقصر ..!! هذه المصاريف والبذخ تقدم مجانا للمشاهدين , زيادة على الأفلام والمسلسلات , حتى أصبحت الممثلة والراقصة والمذيعة المتبرجة من أغنياء الوسط الاجتماعي في كل البلدان الإسلامية .. راقصات وممثلون يملكون بيوتا في أرقى المناطق , وغيرهم لا يملكون شبرا من الأرض يسكنون فيه ... من يخطط لهذا الوضع ..؟؟  الجواب معروف هو إن هؤلاء أصحاب أجندات معروفة تخطط لحرف المجتمع عن الثوابت الأخلاقية والدينية , أرجو أن يكون عندك رقابة داخلية تراقب نفسك وما يحيط بك من خبائث ... دائما قارن بين الخبيث والطيب ..

ثم تقول الآية:" فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون " كلمة فلاح تعني الشق , شق الأرض يسمى فلّاح , ولها معنى آخر هو أدراك الشيء , وإدراك الشيء في معنى الفلاح ينقسم إلى قسمين ؟ الدنيوي والأخروي.

 الإسلام  يعالج حاجة الإنسان في الجانبين الدنيوي والأخروي , كل القوانين والأجندات والدراسات التي جاء بها العلماء, والتي ستأتي مستقبلا سواء من الشرق أو من الغرب , قومية اشتراكية علمانية صناعية تجارية , كل هذه تعني في الجانب الدنيوي فقط , وليس لها نصيب في الآخرة ولا في البرزخ ..ربما تمارس فكرا معينا يجعلك في بحبوحة وسعة في الدنيا , ولكنها وبالا ونكداَ في الآخرة , كل قانون في الدنيا وضعي ليس له رصيد في الآخرة , بينما الإسلام فيه قوانين تعتمد الموازنة التامة وتتوخى المصلحة الدنيوية والأخروية على حد سواء ..

لتوضيح المسالة بهذه النقطة تستحق الوقوف عندها  ومعرفتها , الإسلام يعطي دروسا أخلاقية وتربوية بشكل متناسق بين الدارين , الدنيا والآخرة , ولا يمكن لغير الله أن يعرف الآخرة وتفاصيلها فيكون فكره ناقص مقابل الفكرة , القران يقول : إن الآخرة هي الحيوان , هي البقاء والحياة الدائمة , فأما نعيم أو عذاب , لان الله هو الذي خلق الآخرة كما خلق الدنيا , فيكون الفلاح " لعلكم تفلحون " هو النعيم الدائم , هذا ما يريده لنا رب العزة ..

  الفلاح  الأخروي ينقسم غالى أربعة أقسام .............

  القسم الأول : حياة وبقاء بلا موت ولا فناء ولا أمراض ولا كدر في كل التصرفات عند البشر التي تكدر علاقتهم في الدنيا , وكذلك الأمراض التي تهجم عليه ...

 القسم الثاني : غنى بلا فقر ... لان الإنسان في الجنة تتبدل كل حياته وتتهيأ له كل متطلباته ...

 القسم الثالث : عز بلا ذل ... لا ظالم يظلمه , ولا حكم يخاف منه , ولا يحتاج إن يطاطيء رأسه لأحد دون الله" إن الأبرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا "

 القسم الرابع :  علم بلا جهل ..لذلك قيل لا عيش مثل عيش الآخرة " قد افلح من تزكى " ,"قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" لذلك يرفع الآذان كل يوم خمس مرات { حي على الفلاح } ...

 

أمثلة من الخبائث الاجتماعية الفكرية

 

     المعروف في تاريخ الكنيسة السياسي في أوربا إنها كانت تبيع صكوك الغفران , وتبيع قطعاَ من أراضي الجنة ,فكانت المساومة على أفضل الأماكن , فجاء خبيث يهودي ليهدم هذا الخبث , سألوه عن سبب مجيئه إلى الكنيسة ..؟ قال : جئت أريد شراء جهنم ..!! وهو أول عرض يقدم للكنيسة بشراء جهنم , فوافقوا بسرعة  على ذلك مقابل ثمن اتفقوا عليه , وكتبوا له عقدا  باسمه انه مالكاَ لأرض جهنم , بعد أيام وقف في اجتماع عام واخرج ورقة البيع وناشد الناس : الست أنا صاحب جهنم ومالكها ..؟ قالوا : بلى , قال: أنا امنع أي مذنب أن يدخل في ارضي , لم ولن اسمح لأي إنسان أن يدخل جهنم , من يريد أن يذنب أن يكفر أو ينهب مال الناس أو يزني , لا علاقة لي بالموضوع ولا اسمح له دخول ارضي مطلقا ... هبطت بورصة أراضي الجنة , وبعد أيام انتفت حاجة الناس للجنة , هذه طريقة للتعامل بين الخبثاء , السبب الذي أوصل المجتمع لهذا الانحطاط والضحك على الذقون له مقدمات    حين يصبح قانون الإنسان بديلا فكريا لقانون الله وكتبه المقدسة تصل به الحال إلى هذه الخبائث , انحراف وتساهل أمام النص الشرعي , ثم تصبح حالة طبيعية , وبعد مدة تصبح أصلا من الدين , هذا قمة الانحراف حين تبدل قانون الله بقانون الناس , أو حتى لو تقارن بين القانونين ..!  لان ذلك يؤدي إلى سقوط أخلاقي في عامة المجتمع ..

 

      هذا من مقدمات الخروج من الدين , مثلا تحريم الصيد في أيام الإحرام بمكة ما جاء عن فراغ , لا بد لهم رأيا يقتنعون به , يحللون الصيد في الإحرام حتى لو يقول القران عكس ذلك , يقول احد أنبياء بني إسرائيل : (عاموس) وهو من أنبياء القرن الثامن قبل الميلاد , إن سبب انحراف بني إسرائيل وقتلهم الأنبياء , وما نتج من مفاسد وظلم هو بسبب تغيير النصوص الدينية وهجر الأخلاق والاستغناء عن المحرمات وتبديلها أحيانا ... هذا القول يبين أول الخبائث الفكرية التي جَّرت المجتمع للانحراف وخروج الناس عن الدين , مثلا أصبح التلاعب بالميزان والغش في بيع المواد والإعلان عنها بشكل مغاير لحقيقتها, وبيع الأطعمة الفاسدة التي تسبب أمراضا , نوعا من الممارسة والشطارة التجارية .... هكذا تبدأ الردة عن الله , وحين يرتفع صوت يدعوهم للحق والعمل بكتاب الله , يحاولون خنق ذلك الصوت , هكذا بدأت الردة ضد الأنبياء وقتلهم .. بعض الناس حين يتحدثون في مكان عام يستكثر على نفسه أن يبدأ بالبسملة , يعتبر ذلك نوعا من الثقافة ..!!! ..

 لذلك المهمة التي يعانيها الأنبياء والأولياء هي الدعوة لرجوع الناس من الخبائث إلى الطيبات , لا إن يجعلوهم يعتقدون برب خلقهم , فهم يعترفون بالله , وربما بالرسول, ولكن المشكلة إنهم يعتبرون سارتر وماركس ولينين في أقوالهم وأفعالهم .. كقول الله ورسوله , بل يفضلونهم عليهم , والمسلمون يفضلون مصالحهم المالية وعاداتهم الاجتماعية بديلا عن قول الله رغم إنهم يصلون ويصومون .. فلا تعجب إذا سمعت امرأة علمانية تتحدث في قناة الشرقية الفضائية تقول: من الأمور السيئة التي تحط من قيمة المرأة هو تشريع العقد والمهر..!!. أي دعوة للإباحية من هذا الرأي الخبيث ..؟؟؟ ولو أردت أن اذكر الأمثال عن هؤلاء لطال بنا المقام .. قناة  الفيحاء الفضائية المعروفة بتوجهاتها الأمريكية تقدم شخصا أيام افتتاح مهرجان المربد الشعري في البصرة وهو عضوا في لجنة إعداد المهرجان  يقول: كيف تريد مني  ثقافة ولا زال المعلم يحضر إلى صف المدرسة الابتدائية وهو يربي لحيته ويعلم الأطفال درس الدين ..! .. يعني القناة تروج إلى رفع الدين واستبداله بالرقص والفن والإباحية حتى يتحقق الفن والثقافة والإبداع كما في فكر هذا المدعو فنان ... سبب قوله لأنه اقتنع بالمقولة التي قالها لينين : الدين أفيون الشعوب: والقران يقول " إن الدين عند الله الإسلام " ..

ومن الأفكار الغريبة عند اليهود, هو حكمهم بنجاسة جميع الأديان سوى اليهودي, والأخرى بطلان جميع الشعائر الدينية سوى الشعائر اليهودية مقبولة عند الله , ثم بالغوا في آرائهم { لاحظ انحراف الفكر} قالوا جميع الذبائح لا تؤكل إلا إذا ذبحها يهودي ..! والأواني لا يجوز الأكل فيها إلا إذا كانت بحوزة اليهود ..! وصل الأمر إلى البيع والشراء أن يكون أصلا من يهودي وعداه حرام ..!! ... هذه النظرة وصلت عند بعض التيارات الحديثة الدينية والسياسية التي أخذت من اليهود وغيرهم , قسم يسمي من يتعبد ويستحرم يسمونه رجعيا .. وقسم يعتبرون طعامه حرام ودمه وعرضه حلال يجوز قتله وقتل أطفاله , ولا يجوز أكل طعامه . وشعائره باطلة كزيارة أولياء الله وزيارة قبور الموتى والتوسل .. هذه كلها أراء يهودية المنشأ , ومناقشتها تؤدي إلى اللجاجة والحقد , الآن يقدم احد المراجع برامج يقرا فيها آراء الوهابية من كتبهم , يرد عليه وهابي موتور يقول: هؤلاء الذين تذكرهم سيدخلون دمشق ويرجعون حكم معاوية ... إذن أين الربيع العربي وأين الثورات من اجل الحرية .. هذا دليل على إنها ليست ثورات بل هي انقلابات مدفوعة الثمن لغايات واجندات معروفة ..  هذه الممارسات اليهودية انتقلت ألينا عن طريق ملاقحة الأفكار , وعدم وجود ثقافة اجتماعية عامة ولا رادع أخلاقي , فأصبح القتل والتكفير بديلا عن قوله تعالى " إنما المؤمنون أخوة " تبدلت الشريعة تماما بما يتناسب والمصالح الدنيوية ...

أما الطيب : هو ما تستلذ به الحواس والنفس , " فانكحوا ما طاب لكم من النساء" يعني ما تستلذ منه حواسكم ونفوسكم , وقوله " كلوا من طيبات ما رزقناكم " يعني الطعام الحلال دون غيره من الأطعمة المحرمة .. فالحكم في الطيبات هو ما استلذت به النفس والحواس ,وكذلك الحواس تتلذذ بالكلمة الطيبة " الكلمة الطيبة صدقة" يقول تعالى " يحرفون الكلم عن مواضعه "  لذلك تبديل الطيبات إلى خبائث هي من بنات أفكار الناس وليس من الله , ولا ننسى وضع أحاديث كاذبة في سيرة رسول الله {ص} بدلت وغيرت كثيرا من الطيبات إلى خبائث, ومن اخطر الخبائث التي ورثها المسلمون شتم علي بن أبي طالب {ع} يقول رسول الله {ص} " يا علي من شتمك فقد شتمني ومن شتمني فقد شتم الله " يقول ابن عباس ذهبت إلى الشام لبعض أعمالي, وكان قد ذاب بصره فاستأجر غلاما يدله على الطريق, يقول مررت في مكان سمعت شبانا يسبون عليا في حديثهم وضحكهم .. ! فقلت للغلام ارجع أليهم , لما وقف أمامهم سكتوا فقال لهم , سمعتكم تسبون الله . قالوا: لا لم نفعل ذلك .. قال تشتمون رسول الله ..؟ قالوا لا من يشتم رسول الله فقد كفر .. قلت إذن شتمتم علي بن أبي طالب ؟؟ قالوا نعم .. قال اسمعوا .. سمعت رسول الله يقول لعلي : يا علي من شتمك فقد شتمني , ومن شتمني فقد شتم الله , ومن شتم الله أكبه الله على منخريه في جهنم .. ثم قال للغلام انطلق ... وفي الطريق سأله بقوله , أنا أفحمتهم بالحديث بدليل سكوتهم وعدم تمكنهم الرد , ولكن لم أرى أعينهم وذلهم , فكيف كانت عيونهم حين سمعوا كلامي ..؟؟ باعتبار انه أعمى .. فقال الغلام ..

نظروا إليك بنضرة نضر... التيوس إلى شفار الجازر ....... فقال له اذهب أنت حر لوجه الله .. والله لقد أبدعت وأجدت  في جوابك ... هذا مجتمع ذليل في فكره وتصرفاته , والمجتمع الذليل يتسامح دائما عن الثوابت ويتجاوز على القيم والأعراف ... إذا رأيت شخصا أو جماعة يتجاوزون على الثوابت والأخلاق فاعلم إن هؤلاء أذلاء لا قيمة لرأيهم ولا يعول عليهم في بناء الأمة , يغَلبوّن رأي الناس على رأي دينهم ..... هؤلاء من النموذج الذي خاطبهم الحسين عليه السلام يوم العاشر .." تبا لكم أيتها الجماعة وترحا , أحين استصرختمونا والهين فأجبناكم موجفين سللتم علينا سيفا كان لنا في أيمانكم ......