حريةٌ على الطريقة التركية

 

انطلقت قبل عدة أيام مظاهرات من ميدان تقسيم وسط مدينة اسطنبول في تركيا, وكانت بداية الاحتجاجات تهدف لتنفيذ مطالب بيئية للحيلولة دون تحويل الحدائق الى مباني وسط الميدان, ولكن سرعان ما تحولت المظاهرات الى مطالب ذات صبغةٍ سياسية تطالب بالتغيير والسعي لأجراء الاصلاحات ورحيل رئيس الوزراء الحكومة التركية رجب طيب اردوغان ,الذي طالما نادى بحرية الشعوب ورغبة الدول العربية في التحرر والقضاء على الدكتاتورية ,فعلى ما يبدوا ان السحر قد انقلب على الساحر وأن الربيع التركي بدء يطرق أبواب اردوغان, الذي لم يلبي هذه المرة نداء حرية الشعوب التي طالما روج لها لكن خارج تركيا فقط, واستخدم منتهى أساليب القسوة مع متظاهرين عزل لم يحملوا بأيديهم اي نوع من انواع الأسلحة فمنذ بدء الاحتجاجات منذ ثمانية ايام بلغ عدد الجرحى 4177 جريح, 43 منهم حالتهم خطرة , و15 من الجرحى يعاني أصابة من نزيف دماغي , و10 اخرين فقدوا عيونهم وسقط قتيلان, فقد أستخدم أردوغان لقمع المتظاهرين طائرات تقذف قنابل مسيلة للدموع ادت الى اختناقات وسط صفوف المتظاهرين , أما مكافحة الشغب فقد تعاملوا وكأنهم خرجوا لقمع خارجين عن القانون, وليس للسيطرة على مظاهرات سلمية, فقد فقعوا العيون, وسحقوا على رؤوس الفتيات, ممن كن وسط التظاهرات, واعتقلوا قسما" أخر من المتظاهرين ,هذه الاحصائيات لأيام معدودة فقط , فكيف سيكون الحال لو أستمرت المظاهرات عدة اشهر , وقد سارع اردوغان الى وصف المتظاهرين بأنهم مجموعة من اللصوص والمخمورين وقطاع الطرق ,وهدفهم هو تخريب تركيا وأغلبهم ينتمي لجماعات متطرفة , وأن من يحلم بربيع تركي فهو واهم, طيلة هذه الفترة تعتبر تركيا العراب والراعي الرسمي لتمرير السياسة الامريكية على ما يبدو ان العراب قد انتهى ادوره أم لم يعد يجلب النفع في المنطقة العربية , وذلك يتضح من صمت جميع الدول التي طالما خدمها أردوغان أزاء أزمة التظاهرات التي يواجهها ممادفعه للسفر خارج البلاد بذريعة زيارة للمغرب, حتى تهدئ موجة الغضب الشعبي في الشارع التركي, فسياسية التعامل مع المظاهرات اصبحت دليل ادانة ضد اردوغان اذ كيف يتعامل من كان داعما" لحركات التحرر في منطقة الشرق الاوسط مع المتظاهرين في بلده بهذا الشكل, أم انه ينصح الاخرين وينسى نفسه ؟ ولماذا يدعم حريات الشعوب في كل مكان الا في تركيا اليسوا بشرا" ايضا" ولهم الحق في حرية التعبير؟ ولماذا يصف المتظاهرين في بلده باللصوص والخارجين عن القانون في حين يصف المتظاهرين في الدول العربية بالأحرار؟ على ما يبدو أن تركيا تقدم نوعا" جديدا" من حرية التعبير, مختلف ٌعن الذي تدعمه لدى الشعوب الاخرى فهي حرية على الطريقة التركية.