حسب ابجديات السياسية فان أي خطوة يشرع فيها طرف سياسي يجب ان يحصل من ورائها على مكسب سياسي لتلك يجعله يخطو هذه الخطوة دون تردد حتى وان قدم بعض التنازلات السياسية فيها , لكن ان تقدم على خطوة سياسية من اجل انقاذ خصم سياسي دون ان تحصل على شيء فتلك طامة كبرى . قفي الوقت الذي كان فيه المالكي يعاني من مشاكل سياسية جدية كادت ان تطيح بسلطته تمثلت بانسحاب وزراء وبرلمانين من احزاب عراقية مشاركة معه في الحكم بما فيهم التحالف الكردستاني وكذلك خروج الشارع السني في تظاهرات واعتصامات عمت مدنهم كافة وما رافقه من انتكاسة في الوضع الامني ... في هذه الاثناء وفي خطوة غير متوقعة وغير محسوبة بشكل جيد توافدت الى بغداد وفود من الاقليم للتفاوض حول الملفات العالقة بين الطرفين بغية حلها ليتم الاعلان فيما بعد عن توصل الطرفين الى اتفاق من سبع نقاط تكون كفيلة بحل المشاكل بينهما , وهكذا رجع البرلمانيون والوزراء الكرد الى بغداد ليواصلوا عملهم في خطوة بدت وكان الكرد كانوا ينتظرون مبررا حتى وان كان شكليا للحفاظ على ماء الوجه والرجوع الى بغداد , وإلا فنان الاتفاق الذي تم الوصول اليه لا يختلف عن الاتفاقات الاخرى ان لم تكن اوهن منها والنقاط السبعة المذكورة تحتاج من الوقت والعمل لتنفيذها ما يتجاوز المدة المتبقية من ولاية المالكي فتشكيل اللجان المشتركة التي تم الاتفاق عليه لوحدها تستغرق اكثر من سنة...فكيف قام الجانب الكردي بالتراجع عن قرار الانسحاب من الحكومة استنادا على اتفاق ( موقع ) لم يتم تطبيق أي بند فيه لحد كتابة هذا المقال وهل المالكي بالموثوقية التي يمكن لأي طرف الاعتماد عليه وتبني موقف سياسي معين ؟ لم تكتفي حكومة اقليم كردستان بهذه الخطوة بل اظهرت المالكي كطرف سياسي قوي وحققت له ما كان يصبو اليه منذ سنوات وهو عقد اجتماع لمجلس الوزراء على ارض اربيل في كردستان حيث اكد الاقليم وبإلحاح غير مسبوق توجيه دعوة الى ( دولة رئيس الوزراء العراقي ) لزيارة اربيل وعقد اجتماع لمجلس الوزراء في خطوة تعد الاولى من نوعها منذ الالفين وثلاثة ولحد الان , والسؤال هنا ما هو المكتسبات الكردية من وراء هذه الخطوات؟ ... طبعا الجواب للأسف هو لا شيء . وعلى الرغم من كل هذا الانفتاح الكردي الغير مسبوق مع المالكي فالمتابع لتصريحاته قبل يوم من الزيارة يصل لقناعة مفادها ان ( دولة رئيس الوزراء ) يتمادى في استغلال هذه الزيارة لإظهار نفسه وكأنه آت للإقليم فاتحا ومنتصرا , فتصريحه الذي يقول فيه ب (ان ما سيقوله للبارزاني هو أن العراق "واحد ديمقراطي إتحادي وأنه ووفقا لهذا التعريف ف "لا وجود لشيء اسمه تقرير ألمصير ويجب أن تكون أي مباحثات بين الأطراف من أجل حل الخلافات ضمن سقف الدستور والعراق الواحد ... .) تظهر ان الرجل لا يكف عن تصريحاته الخرقاء والبهلوانيه التي تدغدغ مشاعر الشارع العربي في العراق حتى لو كانت غير صحيحة , فهو يضع نفسه في موقع كمن يسدي النصائح للحكومة في الاقليم ويعرفهم بماهية العراق السياسية ..ليس هذا فحسب بل انه وبتدخله في نقطة حق تقرير المصير للشعب الكردي وإعطاءه الحق لنفسه بالخوض في موضوع حساس يتعلق بمصير الكرد لا يهين فقط حكومة الاقليم بل هي اهانة للشعب الكردي بشكل عام. فكيف يعطي المالكي الحق لنفسه بالإفتاء في ما يحق للكرد تقريره وما لا يحق ؟ ومتى طلب الكرد رأيه في امكانية اتخاذ قرار حق تقرير المصير وكيفيته .؟ ويحاول المالكي قبل سفره لكردستان التركيز على جلسة مجلس الوزراء اكثر من لقائه بحكومة الاقليم والقادة الكرد وكان الهدف الرئيسي من الزيارة هو لعقد جلسة مجلس الوزراء هناك وليس لبحث المشاكل العالقة بين الطرفين . يبدو ان ( دولة ) رئيس الوزراء العراقي لا يكف عن احلام اليقظة التي تراوده في محاولاته اخذ موقع رجل القرار الاول في العراق , وكما لعب لعبة شرب الشاي والقبل مع النجيفي وإيهام الشارع العراقي بان المشاكل بين الطرفين انتهت بهذه القبل فلا اتصور ان الاجتماع بينه وبين ساسة الاقليم سوف تكون اكثر من حفلة شاي ودردشة حول نقاط عامة في الوضع العراقي دون الخوض في نقاشات جادة ومستفيضة وأقصى ما ستصل اليه نتائج الزيارة هذه ستكون تأكيدا على تشكل اللجان والهيئات المتفق عليها لا اكثر , وقبل هذا وذاك فان يوم واحد لعقد مباحثات مع حكومة اقليم كردستان وكذلك عقد جلسة مجلس الوزراء تظهر ان الهدف من الزيارة هو اعلامي بالنسبة للمالكي ليس إلا. نحن نعي تماما الضغوطات الامريكية على الاقليم بخصوص فك العزلة السياسية التي بدى فيها المالكي قبل فترة ونعرف السياسة الامريكية بوجوب حلحلة المشاكل بين الطرفين لكن في نفس الوقت ندرك ان امريكا هي من ضغطت وتضغط على تركيا لحد اليوم من اجل وقف تعاملاتها واتفاقياتها النفطية مع كردستان الذي تغضب المالكي , لذلك فلا ضير من ان نقول (لا) لأمريكا و نحرك بعض اوراق الضغط الكردية التي تتعلق بالجانب السياسي والاقتصادي وحتى الامني لأمريكا في المنطقة .
|