تهافت الفكر السلفي المتشدد

 

يبدو واضحا ان الاتجاه الغالب في العالم العربي والاسلامي هو الانتماء الى المدرسة السلفية بصورة واخرى الا ان المشكلة في بعض الاتجاهات السلفية هو مسالة الغلو والانغماس لهذه الانتماءات بحيث تظهر اثار سلبية في الواقع الاجتماعي والسياسي لوجود ذهنيات تجعل صعوبة التكيف مع الواقع المعاصر مما يجعل وجود اكثر من خلل وتقصيير مما يسبب المشاكل والازمات فهل يعقل ان يصل التجري والعدوان على الشخصيات التاريخية من خلال نبش قبورهم كما في قضية الصحابي حجر بن عدي او يصل التجري بالتعدي على مقام النبي ابراهيم ع او التعدي على الكنائس او تصل بالبعض ان يمثل بالغير لمجرد كونه عدوه علما ان من بديهات الاسلام حرمة التمثيل بالميت فقد فعلوا كما فعلت هند بحمزة فما هو الفرق بين سلوك السلفي المتطرف وسلوك المشرك اليس هذا هو المظهر الذي يظهر حقيقة الاعتقادات الفاسدة ؟ فلا ندري لو فرض ان يحكم هؤلاء من سيبقى معهم ؟ حتى ان القران الكريم بصريح القران عبر عن ان الله تعالى سوف يفصل بين المسلم واليهودي والمسيحي والصابئي والذي اشرك بالله فيما اختلف فيه في يوم القيامة فالاختلاف في العقائد وارد ولا يمكن اجبار الناس على عقيدة معينة والمطلوب من المسلم ان يكون داعيا لهداية الناس لا الانتقام أي وفق تعبير البعض نحن دعاة وليس قضاة. وان اصعب مشكلة في الانتماء حينما يتحول الانتماء الى مشكلة بدلا ان يكون حلا فالانتماء ضروري كي يكون لاي شخص موقف اتجاه قضايا الحياة ومع الاسف الشديد نتيجة الجهل يؤدي الى عدم معرفة الوقائع والحقائق مما تتسبب المشاكل والازمات وهذا ما نجده في واقعنا مما ادى الى شعور الكثير في التعب من الواقع الذي يعيش فيه بالاخص اذا كان الشخص يمثل رسالات الله ويعتبر نفسه انه يؤمن بالله والمؤمن من صفته التعامل بالرحمة والا التعامل بقسوة يدل على وجود خلل في أي عقيدة ينتمي فيها أي شخص لذلك يمكن توجيه مقولة ماركس بان الدين افيون الشعوب حينما يتحول ايمان الشخص الى داء بدل أي يكون دواء لا الدين الذي يكون دواء للعقول والقلوب والضمائر وهكذا نجد نفس المشكلة في الانتماءات العشائرية والقومية والمذهبية وشتى الاتجاهات الفكرية قد تتحول الى داء بدل ان تكون دواء فنتيجة لعدم النضج وحالة عدم الوعي لبعض من يمثل هذه الانتماءات فيسبب اعاقة كبرى لسير الحركة التكاملية ولاي نهوض حضاري لاي مجتمع والجامع المشترك لكل هؤلاء هو الجهل أي الجهل بالحقيقة اعظم خطرا من جهل القراءة والكتابة فرب شخص لا يقرأ ولا يكتب ولكنه يعرف الحقيقة افضل من أي شخص لا يعرف الحقيقة مهما بلغ عنده من معلومات فلا قيمة لكل ما يملك الشخص من معلومات اذا كان جاهلا بالحقيقة. وان العالم العربي والاسلامي يمر بمرحلة خطيرة بسبب تصاعد مد الاتجاهات السلفية المتطرفة الذي اثبت الواقع وجود خلل في رؤتها لقضايا العقيدة بسبب الفهم الحرفي للنصوص الشرعية والبساطة في فهم الحقائق الشرعية مما يؤدي الى سوء الفهم للواقع فهناك عشرات الالاف يذهبوا ضحية سوء الفهم واصحاب المدرسة السلفية المتشددة اقرب الى عقلية الخوارج الذين طلبوا الحق فاخطئوا فيه يقول الامام علي ع في وصيته لابنه الحسن ( لا تقاتل الخوارج من بعدي فليس كمن الطلب الحق فاخطاءه كما طلب الباطل فاصابه ) فمعاوية طلب الباطل فوقع ضحية الباطل ولكن الخوارج اخطئوا في تشخيص الحق. وهناك عدت تقسيمات للاتجاهات السلفية : التقسيم الاول : الاتجاه المعتدل والمتطرف اوضح تقسيم يمكن تقسيم الاتجاهات السلفية غالبا هو الاتجاهات المعتدلة والمتطرفة فالاتجاهات المعتدلة هي الاتجاهات التي لا تؤمن بالمشاركة السياسية بل يركزون على الجانب الدعوي من خلال التبليغ لمبادى الاسلام ويضم ايضا الاتجاهات التي تؤمن بالمشاركة السياسية كالاحزاب الاسلامية كاغلب احزاب اخوان المسلمين او حتى بعض الاتجاهات السلفية من غير اخوان المسلمين كما في مصر كحزب النور وهناك الاتجاهات المحافظة وهي الاتجاهات العلمية الصرفة التي تتبنى الاراء السلفية مع عدم الاهتمام لا بالدعوة ولا المشاركة وهي اتجاهات تقف مع أي نظام مهما كان لونه اما الاتجاهات المتطرفة فهي ترفض نهائيا أي مشاركة سياسية باعتبار الانظمة تمثل انظمة جاهلية حسب زعمها وهي في نفس الوقت ترفض بمزاولة أي انتخابات او الايمان باي مفاهيم عقلائية مستحدثة كمفهوم المواطنة وغيرها من الامور المستحدثة باعتبارها مفاهيم مبتدعة حسب تصورها فهي باختصار في قطيعة تامة مع الغير وقد تصل قطيعتها حتى مع الاتجاهات الاسلامية المعتدلة التي تؤمن بالمشاركة السياسية بل تصل القطيعة مع أي اتجاه ديني يخالفها مهما كان نوع الديانه او المذهب فهي تعتبرها اتجاهات منحرفة حسب زعمها . التقسيم الثاني : اولا: الاتجاه الذي يركز على الجانب العلمي او الدعوي واهمال او عدم الايمان باي مشاركة سياسية وهذا هو الخط المحافظ الذي يرفض أي اتجاه حزبي اسلامي او غيره. ثانيا : الاتجاه الذي يؤمن بمبدأ طاعة ولي الامر مهما كان لون الحكم ما دام ولي الامر يوفر لهم حرية ما يتعلق بامور العبادات من صلاة وصوم وحج حتى ولو كان ظالما . ثالثا : الاتجاه الذي يؤمن بالفكر الجهادي أي الاعتماد على اسلوب العنف فيكفر أي اتجاه يخالفه في متبنياته الفكرية والعقائدية وهذا ما يبدو ظاهرا في وقتنا الحالي بصورة ظاهرة وواضحة للاتجاهات السلفية المتطرفة التي سببت نكسات واقعية للمجتمعات الانسانية. رابعا : الاتجاه الذي يؤمن بالمشاركة السياسية كاسلوب عمل مع الاعتماد على الاسلوب الدعوي والعمل السياسي كاسلوب في الاصلاح الاجتماعي والسياسي كاغلب الاتجاهات الحزبية من اخوان المسلمين في العالم الاسلامي. التقسيم الثالث اولا: الاتجاهات السلفية الشيعية والسنية فالاتجاهات السلفية الشيعية لها بعض درجات الغلو والاهتمام بالامور الشكلية وبعض الممارسات الخاطئة بسبب الفهم الحرفي للنصوص ولكن لن يصل التشدد معها الى اسلوب القتل بل هي اتجاهات تهتم كثيرا في احياء المناسبات الدينية فهي تهتم كثيرا بالامور الشكلية على حساب المضامين الفكرية العميقة وقد استطاع الدكتور علي شرعتي ان يقوم بعملية الفرز بين التشيع الصفوي والعلوي في كتابه المعروف والمقصود بالتشيع الصفوي هي الاتجاهات السلفية مهما كانت قوميتها سواء اكانت فارسية او تركية او عربية او كردية والتي تتمسك بتصورات واراء له سمة خاصة تختلف عما هو موجود في التشيع العلوي اماالاتجاهات السلفية السنية فقسم منها اتجاهات سلفية معتدلة والقسم الاخر اتجاهات سلفية متطرفة بصورة مفرطة كما هو واضح في ممارساتها في مختلف العالم الاسلامي, ثانيا: اتجاهات اسلامية تؤمن بالعمل الحزبي كما في احزاب اخوان المسلمين في العالم الاسلامي واتجاهات تتنكر لاي عمل حزبي والاتجاهات التي تتنكر لاي عمل حزبي هي الاتجاهات السلفية المحافظة. ثالثا : اتجاهات اسلامية تؤمن بالاسلام كعقيدة ونظام ولكنها تتكيف حتى مع كون النظام علمانيا كما في تركيا او ملكي كما في المغرب. رابعا : اتجاهات اسلامية تؤمن بالاسلام كعقيدة ونظام ولكن اجلت المطالبة بحكم اسلامي لانها تجد ان الواقع السياسي لا يمكن ان يتقبل حكم اسلامي حاليا بسبب الظرف الحالي بل هي تحاول ان تقلل من المفاسد لحين ان يتهيأ المجتمع يوما ما لتقبل النظام الاسلامي كما هو في واقعنا الحالي لبعض الاحزاب الاسلامية.