الفرحان كان يا مكان

 

ليس عنوان مقالي هذا لرواية من نسج الخيال ولا قصة من قصص القصخون او كلمات تسطرها الأمهات لأطفالهن حتى يناموا ، او حكايات لنساء طاعنات في السن يسردنها على الصغار في وقت الفراغ ، فالفرحان شخصية واقعية مثيرة للشكوك والجدل والسخرية ايضاً ، كثرت حكاياته وبطولاته التي ضاهت حكايات القصخون وروايات النساء الهرمات لكثرة كلامه عن شخصه ونفسه في سوح النضال ، متلثماً بشعار ( وحدة ـ حرية ـ اشتراكية ) ، متسلحاً بـ( سيمينوف ) دافع عن نظام دكتاتوري تميز برعونة التصرف والادارة قبل ان يسقط ، ودافع عنه بعد سقوطه في السر وحتى في العلن ، وما يفسر كلامه وحكاياته ورواياته ( المملة ) عن شخصه غير الكريم هو عدم ثقته بنفسه ، لأن تحدث الانسان دائماً عن نفسه دليلاً على انه ليس واثقاً منها ، ولأنه عاصر حقبتين زمنيتين متنافرتين واحدة تنفر الاخرى في كل شيء ( الاسلوب ـ الادارة ـ الحكم ـ التصرف التعامل مع الاخرين ، جعلت هاتين الحقبتين من (الفرحان) افعى مبتورة الذيل لم يكتمل نموها بعد ، على الرغم من تعرضه للبتر منذ ما يقارب العقد من الزمن لذلك نجده اليوم يفتقد للتوازن في الحديث والتصرف وادارة شؤونه ، يهتز كاهتزاز ارداف الراقصات ، يحاول الخروج من تلك الحقبة لكنه لا يقوى على ذلك لان ما اتصف به ذلك النظام يجري في عروقه ، لذلك عملية خروجه من تلك الحقبة تحتاج الى تبديل العقل والدم والروح والنفس وحتى الفكر ليتناسب والحقبة الزمنية الجديدة فخروجه من تلك الحقبة تحتاج الى معجزة إلهية ، وهذا ما يؤزم الامر وتتضاؤل فرص تعاطيه مع العراق الجديد ، ما يصدمني حقاً ويشعرني بالاحباط هو وجود عدد من الشخصيات الكارتونية عاصرت تلك الحقبة المؤسفة ومنها (الفرحان) ، ولا زالوا ابطالاً لافلام الكارتون الهندية وهناك مع الاسف من يشاهد ويستمع لتلك البطولات من الجهلة والذيول والمتزلفين وماسحي الاكتاف ، ترمى لهم الفضلات بين الحين والحين لقاء ابتسامة كاذبة من فارغ عقل،او تعليق سخيف من متلون يفضح زيف تعليقه .

الطامة الكبرى حين تتسنم هذه الشخصيات المشلولة عقلياً ونفسياً مسؤوليات توصف بالكبيرة وتعاد من جديد الى السلم الوظيفي بعد عزلها لإصابتها بفايروس البعث العفلقي المعدي ، أبعدنا الله وإياكم عن شروره ونهانا الله عن فواحشه ومنكره ، لا سيما تلك المسؤوليات التي لها تماس مباشر مع المجتمع العراقي ومجالاته بشكل عام وشريحة الشباب على وجه الخصوص ، وفي النهاية لا أقول إن تلك الشخصيات غير النافعة لا يستفاد منها ، على العكس فان كل انسان مهما كان معدنه فهو نافع حتى الشخص السيء ننتفع منه في ضرب المثل السيء فـ(الفرحان) ومن على شاكلته نحتاجهم اليوم في ضرب الامثال السيئة فقط ، ويستفاد منهم ضعاف النفوس والذيول لتكتمل بهم المجالس سيئة الصيت والتي يزداد فيها أخذ الغيبة والتطاول على الناس بألسنتهم المسمومة ويلقون التهم جزافاً على الاخرين وفي الوقت ذاته يعلنون انفسهم قادة حمقى لمهام اكبر من ان توكل لهم ، فهم لا يفقهون الا بما هو منكر ونكير ولا يستمع لهم غير النطيحة والمتردية ومن لف لفهم .