حكايات جدتي |
كان ياما كان في قديم الزمان..هذا ماكانت تقوله جدتي عند البدء بحكاية ما قبل النوم وكنا نلتف حولها ونسمعها بشغف وهي تحكي قصصا رائعة ينتصر فيها الخير دائما على الشر المتمثل بالسعلوة وكثيرا ما كنا نقاطعها لنستفسر عن اشياء لايستوعبها عمرنا الصغير ونقول..بيبي هاي السعلوة شلون يصير شكلها وهي صدك تاكل الناس..ههههه وغيرها من الاسئلة المشاكسة التي تدور في مخليتنا البريئة الى ان يداعب النعاس اعيننا لننام عند اكمالها او ربما قبل انتهائها لان بيبي قد تتعب فتقول..باجر نكمل لان آن الاوان وعلى الله التكلان..وكانت هذة الحكايات ترسخ فينا اسس التربية والاخلاق وتبعد عنا التفكير في الشر او الاعمال السيئة لما نسمعه من نهايات حزينة ومؤلمة لكل من يقوم بالاعمال الشريرة وعندما اتذكر هذة الحكايات ارى انها قد جسدت احداثا حقيقية حصلت وتحصل ولكن بازمان مختلفة وانماط متعددة واشكال متباينة ولكنها كانت بمخيلة جداتنا مجرد حكايات خرافية نقلت بامانة من جد جد جد جدهن والتي لو قارناها بالحاضر سنستشف الحكمة البليغة المستخلصة من احداثها المليئة فلسفة وحكما فمثلا لا حصرا حكاية سندريللا والاقزام السبعة وما فيها من محبة وحنان ونكران ذات وبالعكس منها هناك حكاية السعلوة التي كانت رمزا للشر وتؤذي الناس وتبتزهم وتقتلهم فكان الموت نهايتها الحتمية وكانت العنوسة بانتظار الخنفساء المغرورة التي تباهت بانها رفضت الزواج من ابن السلطان فكيف تقبل باقل منه اما الصعلوك الذي كان يهدد الناس بتهديم دورهم اذا اخرج الغازات من جسمه والذي كنا نضحك عليه ونقهقه ونحن نشعر بالخجل فانه انفجر على نفسه ومات وهنا اتساءل اين اطفالنا اليوم من هذة الحكايات الجميلة ذات المفاهيم الراقية الغزيرة بالعبر والحكم رغم بساطتها والتي استبدلت بافلام الاكشن والرعب التي زرعت في داخلهم العنف والقسوة مجتمعة مع انعدام الامان الذي كنا نحسه ونشعر به لانهم يعيشون الخوف والرعب في كل لحطة بسبب الاوضاع الصعبة التي نعيش فيها مما ادخلهم في متاهة التشتت وعدم الاستقرار لفقدانهم الطمأنينة وهذا يؤثر على نفسياتهم القلقة اصلا لوجودهم في بيئة عنيفة وصاخبة قد يفقدون فيها الاب او الام او الاثنين معا او ربما تضطرهم الظروف لترك الدراسة والعمل في سن مبكرة لينزلوا الى الشارع وهو الغول المرعب المليء بالوحوش الكاسرة التي تقتل طفولتهم في مهدها وتسحقهم او تستغلهم بلؤم وخباثة لينشأوا حاقدين على المجتمع بكل ما فيه بعد ما عانوا من الفقر والجوع والذل والجهل والحرمان وباتت الدموع سلوتهم الوحيدة التي يعبرون من خلالها عما يجيش بصدروهم من الم واسى ليتحولوا بمرور الايام وقسوة الحياة الى بركان من الحقد واللؤم لانعرف متى يثور؟لذا علينا أن ننتبه لذلك ونعمل المستحيل من اجلهم لانهم فرسان المستقبل والامل الذي يعتمد عليه التقدم والازدهار وعلى الحكومة ومنظمات المجتمع المدني القيام بواجبهم تجاه هؤلاء الاطفال واتخاذ الاجراءات اللازمة والسريعة لاحتضانهم وتذليل كل الصعوبات التي تقف امامهم ومسح دموعهم التي مازالت تهل رغم جفاف مآقيها لانهم امانة في اعناقهم وليردوا على سؤالنا اذا سمحوا..كيف سيكبر هؤلاء الاطفال وعلى اي اسس وكل ما يحيطهم هو الاستغلال والدم والقتل والجوع والحرمان وهل علينا ان ننتظر لتتحول دموعهم المنكسرة الى دموع وهاجة ومتحفزة للصيد والقتل. |