تحالف بِنيَةِ الاختلاف.!!

 

لماذا تبنى التحالفات ؟. واين تكمن قوتها ؟.ومتى تلتقي ومتى تفترق؟. ولماذا بنيت وكيف تستمر؟. وكيف تنجح ولما تفشل؟. وماهي ظروف ولادتها؟. الاسئلة اعلاه مفاتيح هذه المقاربة, التي ابغي من خلالها ان اضع نفسي والقارئ, في طبيعة تشكُل التحالفات السياسية ونتائجها. وسأسرد حكاية عشيرة عراقية انصهرت في قبيلة كبيرة, مشكلة بذلك " تحالفا عشائريا" استراتيجيا بحثا عن القوة والوجاهة والسند والمعونة. إذ يحكى ان احد شيوخ قبائل الجنوب وجد نفسه على رأس عشيرة صغيرة, بعد انفصاله عن قبيلته الام لأسباب تتعلق بمشكلات مع ابناء عمومته, وسرعان ما ادرك ان انشقاقه هذا, كان سلبيا ويعود عليه بالخسارة, فعاد لقبيلته نادما, لكنها رفضت عودته فأضطر الى اللجوء لقبيلة اخرى, باحثا عن لحاف!! وبطبيعة الحال فأن ما فعله, يمثل شكلا لتحالف قوى صغيرة مع اخرى اكبر, وهكذا يوما بعد يوم نمى هذا التحالف ليتحول الى واحد من اكبر التحالفات العشائرية, التي لها وجود وباع في صيانة السلم الاجتماعي في الجنوب, ولست بحاجة لتسمية هذا التحالف العشائري, غير ان هذا الشكل من التحالفات وان كان تحالفا اجتماعيا, لكنه يصلح ان يكون مثال حسننا للمقايسة. التحالفات السياسية محط اهتمامنا في هذه المقاربة, ويتيح لنا المقام أن نتساءل.. كيف تبنى التحالفات السياسية.؟ الحاجة للتحالف هي التي تحدد شكل التحالف, وكمدخل لابد من القول أن ثمة تناقضات قبل العملية التحالفية، ولولا وجود التناقضات لما نشأت ضرورة للتحالف، إذ أن الاطراف السياسية المتشابهة بالرؤى والأفكار، ليست بحاجة الى تحالف، بل ستكون أحوج الى أن توحد آليات عملها بالاتفاق على أن تشكل قوة سياسية كبرى بذوبانها بعضها ببعض.. وكي تكون التحالفات ناجحة وقابلة للحياة، يتعين ان تكون نقاط الالتقاء بين أطرافها أكثر من نقاط اختلافها، وستكون أكثر نجاحا أذا تجاوزت نقاط الإلتقاء عتبة الـ 50% من النقاط المبحوثة..... وثمة ثلاث وجوه للتحالفات السياسية. اولها ان تتحالف قوى كبيرة مع قوى صغيرة او مجموعة من القوى الصغيرة. والوجه الثاني ان تتحالف قوى صغيرة فيما بينها لتشكل تحالف كبيرا. اما الوجه الثالث فأن تتحالف قوى كبيرة فيما بينها, وكل ذلك بناء على المعطيات التي اشرنا اليها في بناء التحالفات والحاجة لها. وفي حسابات الربح والخسارة ـ وهي ضرورية جدا في العمل السياسي ـ فأن القوى الصغرى تأكل من جرف القوى الكبرى اذا تحالفت معها, إذ ستنمو الصغرى على حساب الكبرى. واذا تحالفت قوى صغرى فيما بينها فأن ديمومة هذا التحالف ستكون موضع اختبار دائم بسبب ان مؤثرات خارجية تؤثر دوما عليها. في تحالف القوى الكبرى فيما بينها فان عمر التحالف غالبا ما يكون قصيرا, لأن عوامل القوة تدفع دوما لنقض التحالفات. وفي اسقاطنا ما سبق على ما سيلي, نجد ان التحالفات السياسية عملية متحركة لا ثبات لها, وتتبدل دوما بتبدل المقدمات والنتائج. ولا يذهبن الرأي بأحد الى ان تحالفا ما يمكنه ان يدوم طويلا, فالتحالفات كائن حي عمره بعمر المصالح اذا تحققت طال عمره واذا لم تتحقق فشل التحالف. وكل ذلك محكوم بالنوايا التي غالبا ما تكون سيئة.