المواطن العربي ودول الربيع ينظرون إلى تركيا بإعجاب ونموذج للنهضة الإقتصادية والديمقراطية , شعروا بالمفاجأة من المظاهرات التى تشهدها , بسرعة تناقلت صور عناصر الشرطة التركية وهي تطلق قنابل الغاز وتفرق المتظاهرين بخراطيم المياه والدهس ,أعادت إلى العرب ذكريات الربيع العربي قبل عامين , وكثير منهم تصور إنها أفضل دولة ديمقراطية في العالم الإسلامي , المظاهرات إنعكست في شكل خلافات متباينة بين العرب حسب إنتمائهم الفكري أو العرقي, أنصار بشار الأسد يشعرون بالفرح ويؤيدون المتظاهرين لأنها دعمت اسقاط نظامهم , وفي العراق يعتبروه نتيجة حتمية لكل الدول التي تشارك في أثارة الصراعات الطائفية . تلك الدولة الحالمة بالأنضمام للأتحاد الأوربي, بعد تأسيس الدولة العلمانية التي اقامها مصطفى كمال أتاتورك و جعل القومية التركية اساس الأنتماء الوطني وفصل الدين عن السياسة وألغى المدارس الدينية وترجم القرأن السلطة العسكرية متحكمة في ادارة الدولة , إنقلب الدولة العثمانية وهو ضابط مرموق ,خلع الرتبة ووعد بخلع الحجاب من زوجته , بعد دخوله على السلطان ووجود الحفلات والجواري الراقصة .
دخول الأتحاد الاوربي يتطلب إبعاد العسكر من التدخل في السياسة , حزب العدالة والتمنية الاسلامي أحدث تعديلات على الدستور عام 2005 قللت من العسكرة , وبعد ثورات الربيع العربي كان لتركيا تدخل واضح في ليبيا وسوريا ومصر, في سوريا كان الموقف اكثر وضوحاً وعلنية وظهور بوادر تعاون تركي سعودي قطري ومنظومة دول الخليج , تراجعت السعودية بعد صراع على الزعامة الأسلامية ولعب قطر الدور الاساس بمنظومة علاقات ونقل القواعد الأمركية وقنوات اعلامية واستقطاب لمراكز الفتوى ووجود الأموال , ويعني حكم اسلامي يتجه طائفياً , التظاهرات في تركيا توحي بأن رياح التغيير تتجه لها, وتعامل الحكومة يعيد الحسابات الغربية والعربية لتلك الديمقراطية . قطر تلك الدولة الصغيرة المشاغبة للتقسيم وأنشاء دويلات صغيرة في المنطقة كي تستطيع الهيمنة على القيادة الأسلامية كونها الداعمة للمتطرفين في مصر وتونس وسوريا ومشاريع تقسيم سوريا والعراق والسعودية والكويت ولبنان وكل المنطقة , تساوي مساحتها وتبقيها تعيش حالة من الاضطرابات والنزاعات الداخلية الطائفية , وأنها تملك اقتصاد كبير واستثمارات في كل العالم وقواعد امريكية واعلان الدين الوهابي ديناً رسمياً لها الذي اراده الغرب ان ينشغل في ديار المسلمين بدل تهديدهم . وجود تركيا وموقعها الستراتيجي الاقليمي وعلاقتها المتميزة مع اسرائيل, و دخولها بقوة في المنطقة صارت القوة الأولى مع قطر في وجود القواعد الامريكية و المنافس الوحيد , و نفس الوقت وجود علاقات سريةقطرية اسرائيلية , وهذا لا يروق لقطر ان يكون لتركيا تأثير في الساحة العربية , من جانب اخر وجود حركات في تركيا بالضد مع الحكومة منها القوميات الأخرى كحزب العمال الكردستاني والحركات العلمانية الأتاتوركية وخاصة بعد خسارتهم الانتخابات السابقة بأسم ( حزب الشعب ) وحصولهم على 10% من المقاعد يجعلها عوامل مساعدة , ما يحصل في تركيا نفس السيناريو الذي بدأ به (الربيع العربي ) , واتاح الفرصة لظهور قوى وفرض أفكارها بالقوة و غير واضحة الاهداف والتمويل ومصادرة مطالب الجماهير, القوة المفرطة التي استخدمها اردوغان بالنتيجة ستولد ردود شعبية غاضبة وهذه هي بداية شرارة كل الثورات , لن تنتهي لحين تقسيم كل شعوب المنطقة الى دويلايت صغيرة ضعيفة متحاربة وسوق للسلاح , وتمويه ان تلك الحركات مدعومة من سوريا وقيامهم بأحراق صور ملك السعودية , في تركيا يختلف الواقع نوعاً ما ولكنها بالنتيجة ستكون غير مستقرة لوجود حركات علمانية ,اسلامية وقوميات ,وبذلك تصب في نفس الهدف مهما اختلفت المسارات والأدوات , ونتائجها دفاع بالنيابة عن مصالح الأقطاب العالمية, والأختلاف بين الأصدقاء حين تقاسم الغنيمة كما حدث بين السعودية وقطر.
|