الحكومات في الدول كافة , لابد لها من رؤية وهدف واضح وبرامج مدروسة ومعلنة , وذات آليات وخطط لازمة لتحقيقها. ولا توجد حكومة في أية دولة متقدمة , بلا أهداف ومشاريع تعرضت للدراسة والتحليل والتدقيق والتقييم , لمعالجة حالة ما , وللوصول بالمجتمع إلى أفضل مما هو عليه. وفي واقع ما يحصل في مجتمعنا ,كأن الهدف مفقود , وجميع الأطراف تدور في دائرة خاسرة من التفاعلات الدفاعية والإنكارية والإسقاطية , التي ينجم عنها تداعيات قاسية وأليمة , ومدمرة لجميع الأطراف. فأية حكومة لا تمتلك رؤية , لا يمكنها أن تنجز شيئا , أو تحقق هدفا صالحا ونافعا للحياة. ويصعب تأسيس حكومات معاصرة ونافعة , من غير تفاعلات في إطار دستور صالح , يضمن آليات العمل وتوزيع القوة وصيانتها من الإحتكار , والإغتصاب من قبل الفرد أو الحزب أو الفئة. كما لا تتمكن حكومات التوافق , في مجتمعات لا عهد لها بالديمقراطية , أن تنجز شيئا مهما , وتحقق هدفا وطنيا مفيدا, ذلك أنها تكون حكومة مقيدة بأصفاد التوافقية. إن من الواجب الوطني المعاصر , أن تكون الحكومة ذات حرية وآلية واضحة لتحقيق أهدافها , ضمن الفترة التي يمنحها لها الدستور , وأن تأتي غيرها وتجرّب حظها في الحكم , وتبرهن على أنها قادرة على تقديم الأفضل أم لا. فالحكومات في الدول الديمقراطية , تمثل أحزابها الفائزة في الإنتخابات , وهي تتنافس في قابليتها على تقديم ما هو أفضل من غيرها , وتحقيق إرادة الناخبين وتوفير ما يساهم في الوصول إلى طموحاتهم. ووفقا لهذا فالحكومة تكون ساطعة الرؤية والهدف , وذات منهاج وتعهدات وإلتزامات يسائلها عليها المجتمع , وترقبها الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى. وعليه , فأن أية حكومة مقيدة , ومشوشة الرؤية أو فاقدة للهدف الوطني الجلي السامي , لا يمكنها أن تتواصل في مسيرة الحكم من دون تداعيات وتفاعلات فادحة الخسائر. والإناء ينضح بما فيه ,والحال ينسكب في الحال! فهل سنمتلك حكومة ذات هدف , وتبصر مفردات حاضرها ومستقبلها , أم أننا سنبقى متوحلين في التوافقات , ومنشغلين بالكراسي المتناطحات , و كلّ حلٍّ عندنا مُحال؟!!
|