مجالس المحافظات 2013 ... حمم تتصاعد

 

أزمة العملية السياسية في البلاد ، انجازها الأوحد " سلسلة أزمات " ... وهذه لن تجد لها حلا ناجعا لا في قبلات النجيفي ولا في عناق المالكي والبرزاني ... لانها ببساطة أزمة بنيوية ترتبط بتشكيلية الدولة العراقية بعد السقوط ... وفقا لكتاب أصدرته جامعة اوكسفورد ،لمؤلفه البروفيسور باول كولير ،وجاء فيه ، ان الدولة تفشل في تحقيق  حاجات مواطنيها ، عندما يتولى قيادتها ، من يسوقون أنفسهم قادة طوائف واثنيات ، فبوجود هؤلاء ، تضمحل الوطنية ، لأنهم سيكونون في صراع دائم ،للاستحواذ على السلطة والمال خاصة في دولة ريعية "أي نفطية "، وتكون علامة الفشل ، فقدان السيادة والأمن ، والمسائلة المرتبطة بحكم القانون ، وبالتالي في مثل هذه الدول لن يكون نظام الحكم ديمقراطيا " الصيغة الحديثة الحكم الرشيد "  ،بل إقطاعيات  بزعامات مدى الحياة ،وهذا ما يخطط له من هم في سدة الحكم حاليا وبدون استثناء ،فاقدين الأساس في الديمقراطية  " تداول السلطة "، على مستوى الأحزاب وعلى مستوى المناصب ، ونحن جميعا نعلم البديهية " فاقد الشيء لا يعطيه " ، تداعيات ما ذكرت ، حصول العراق التسلسل التاسع في ترتيب الدول الفاشلة ، بفارق نقطة واحدة عن أفغانستان ،حسب مجلة فورن بولسي ومؤسسة فند فور بيس الامريكيتين .
الاحتجاجات والاعتصامات المتصاعدة في البلاد " احد مؤشرات الدولة الفاشلة " ،ينظر لها السائرين في ركب قادة الطوائف والاثنيات ، على انها مؤامرة تحاك ضد  الشعب من جهات أجنبية ، لكن أي متمنطق مثلي سيرد عليهم ، بان المؤامرة بدأت عندما بدءوا هم  بالسيطرة على مقدرات البلاد ، وهذا ليس تجنيا عليهم ، بل دليل على سند من علم الاجتماع الذي يطرح السؤال : مالذي يسبب المعارضة والاحتجاج ...؟
يجيب علم الاجتماع على  السؤال ، بموجب بحوث علمية أكاديمية رصينة ... 
"يظهر الاحتجاج عندما يكون هناك شعور قوي بعدم الرضا نحو البرامج والسياسات الحالية الخاصة بالحكومة ،من جانب هؤلاء الذين يشعرون بأنهم متأثرون بهذه السياسات لكنهم غير قادرين على التعبير عن هذا السخط من خلال القنوات الشرعية والقانونية ،والذين يشعرون بانهم غير قادرين على ممارسة الحجم الذي يعتقدون انه قد تم منحه لهم في عملية اتخاذ القرار . عندما لاينصت لنا احد  ونشعر بان علينا ان نقول شيئا ما،يظهر حينها الباعث على الصراخ ".
يصاحب الاحتجاجات عندما تتسع أعمال شغب وعنف " تركيا حاليا " ،ووفق علم الاجتماع ايضا ،" تفسر أعمال الشعب والعنف على ان الفرد عدواني بالغريزة ،وان العدوانية هي باعث أساسي ،مثله مثل الجنس او الجوع،وعندما يتم إحباط الشخص عن طريق إنكار بعض حقوقه أو أهدافه ، تظهر ميوله العدوانية " لورنز كونراد 1966".
لقد فشلت الحكومات المتعاقبة بعد 2003 من تحقيق اي انجازات تنموية ترتبط بحياة المواطن" هدف الحكومات تحقيق الرفاه لمواطنيها  " ، " عدا كردستان " ،مع عظم الميزانية العامة للدولة ، والتي تقاسمها مناصفة  ، الامتيازات الباذخة  لأصحاب المناصب " المحاصصين " مع الإخفاق في الانجاز ، والتهم نصفها الآخر بعبع الفساد المرتبط وأيضا بـ، " المحاصصة "..، 
وربطا بنتائج انتخابات مجالس المحافظات 2013 ، ونتائج الفشل الذي تمخضت عن الإدارات المنتهية ، ووعود اللاحقين " والتي لاتمتلك ابسط مقومات تحقيقها " ...بات العراقي ،فاقد الاحترام لمن سبقوا " النعت العام الحرامية " ، وفاقد الثقة بمن وصلوا ... وان ما حصلوا عليه السابقون من امتيازات ، ينظر اليها على إنها سحت وحرام ، وخاصة وأنهم سيحصلون على تقاعد مدى الحياة  لأربع سنوات ، قضوها في اللهث وراء مصالحهم الخاصة والفئوية " في العراق فقط دون العالم يحصل هؤلاء على تقاعد " ،وبعد ان وعى واستفاق  المواطن من جرع التخدير" الطائفية والاثنية " الذي راح ضحية لها خلال السنوات العشر الماضية .. خرج بانطباع ارتسم في عقله الجمعي ، بأنه وقع ضحية "تقفيص " تاريخية ، وان الجناة ، لازالوا في غيهم ، وان ماحلم به من بيئة جيدة يعيش بها ويربي أبناءه ، وفرص تعليم جيدة ، ورعاية طبية إنسانية ،ومعاملة عادلة أمام القانون ، وتوزيع عادل للثروات ، ماهي الا أتغاض أحلام ، وان رفاهيتهم "أصحاب المناصب " على حساب فقره ، وحريتهم على قمعه ، وتحيزهم ومحسوبيتهم وتميزهم يزيد ظلمه ، والإحساس بالظلم  يوقد الرغبة في إصلاح الأخطاء ورفع المظالم ، وشكوى المظالم لمن أصابهم طرش السلطة وامتيازاتها ، تقود الى "الشكوى لغير الله مذلة" ومع نفاذ الصبر ستوقد شعلة  الاحتجاج والاعتصام ...والنتيجة وفق الوقائع  التي يعيشها المجتمع العراقي لن تكون ربيعا لا بل بركانا ...لا تعرف عواقب انفجاره ...
عودة لعلم الاجتماع ... " طالما يجد الإفراد تباينا بين  مالديهم من كفاف ومايتمع  به  غيرهم  من الامتيازات والمكافئات ، فان  الشعور بالظلم يستعر وان كل الاحتجاجات والاعتراضات الصادقة مبنية على مظالم حقيقية ، وان المظالم والمحن ، والانزعاج السياسي والاجتماعي تكون وقودا للاهتياج "الاحتجاج النشط "، والذي يستهدف الوضع الراهن وقد يكون هجوميا بدلا من دفاعيا ". 
في ليلة 11/6 ، استضافت إحدى الفضائيات ، أقطاب من الكتل السياسية "لليلة التالية على التوالي"  في المحافظات التي جرت فيها الانتخابات ، وفحوا حديثهم " وان ذكروا خدمة  المواطن للترقيع " ... انصب حول المحاصصة في توزيع المناصب دون أي اعتبار لكفاءة ومهنية من يتبوأ المنصب ، والواضح ان العقلية التي استحوذت على القرار السياسي خلال الأعوام العشر الماضية هي سنه أوجدها هؤلاء ، وان المواطن العراقي المستضعف لن يجد لهذه ألسنه تبديلا ... 
سادتي اختم لحضرتكم  وأيضا من علم الاجتماع ...حول العوامل المتراكمة للاحتجاجات ...
" يتم خلق كا احتجاج عن طريق عوامل سابقة الوجود، عادة العديد من العوامل التي تراكمت دون اي محاولة من هؤلاء المتواجدين في السلطة لإصلاح الخطأ، لا يوجد سبب واحد معين يمكن ان يعزى اليه جميع أنواع الاحتجاج "، يمكن لأي انكار لحقوق الفرد الأساسية ،او احتياجاته او طموحاته ان يخلق مشاعر الإحباط واليأس والغضب ،وعندما لايمكن إيجاد وسيلة مقبولة اجتماعيا للإصلاح ، ربما يتم  استخدام الوسائل العنيفة" ... تحياتي ...