بين الحاكم والمحكوم ..... الحلقة -2-

لما كان الدستور هو العقد الاجتماعي  للشعوب، لكن الدستور يختلف من حيث الأشخاص الذين يكتبونه سواء أكانوا هيئة مؤسسة أم الجمعية منتخبة أم أشخاصا ملكفين بالكتابة من القابضين على السلطة. وهذا ما شهده العراق طيلة المدة الماضية .
فالدستور من وجهة نظر الملك – منحة أو هبة – يهبها إلى الشعب، ولما كان الدستور بهذا الوصف فالواهب أو المانح ممكن أن يرجع بالهبة أو المنحة متى شاء. فالملك يغير الشعب والدستور والثروة ملك له وهو الذي يتصرف بها بالتفويض الكلي بالتالي الدستور من هذه الناحية مشكلة في الدول الملكية (محنة ). لهذا ثارت ثائرة بعض الشعوب وكانت مطالباتها ( ملكية مقيدة بالدستور ) لكن الدستور لا يوهب إنما يجب أن يمثل إرادة الشعب. لكن الأدهى أن الدستور في ظل الأنظمة الجمهورية هو الآخر يشكل (محنة) فمرة يكتب من قبل شخص أو شخصين لا أكثر كما حصل في دستور العراق لعام 1958 وأخرى يكتب من قبل هيئة غير منتخبة  تكتب دستورا بإرادة (الحاكم ). وهذه دساتير 63،68،70 كتبت بإرادة الحاكم .
إذن دساتير الدولة العراقية، باستثناء دستور العراق لعام 2005 ، كتبت بهذه الطريقة لكن هذا الدستور الحديث الدائم – أيضا شكل محنة للمواطنين – إذ تبين بالتطبيق أن القوى السياسية تتجاوز بعض مواد الدستور بالتطبيق – وهذه هي الظاهرة الخطرة عندما يقوم الحاكم المنتخب بعدم احترام بعض المواد الدستورية بالرغم من السمو والعلوية التي تتمتع بها هذه المواد، لاسيما مواد دستور عام 2005 التي تتميز عن كافة دساتير العراق والدول المجاورة للعراق – كذلك دساتير الدول الإقليمية ودساتير الكثير من دول العالم . وذلك للمراحل لتي مر بها دستور2005 لأول مرة يمر الدستور بثلاث مراحل اساسية في اللجنة التي تكتب الدستور وكيفية التصويت على الدستور، وكذلك الاستفتاء الشعبي على وثيقة الدستور. وهنا واجه الشعب العراقي ( محنة ) في عدم تطبيق الدستور لكن محنة العرب الثائرين قالوا لا للأنظمة الملكية بالغطاء الجمهوري . فالنظام في الدستور جمهوري لكن تطبيق الحاكمين جعله دستورا ملكيا بالتطبيق في مفاهيمه واسس نظام الحكم . لاحظ أن العديد من الزعماء في ظل الأنظمة الجمهورية العربية مكثوا على سدة الحكم ( أكثر من ثلاثين عاما ) بل أنهم ورثوا الحكم لأولادهم بعد  إجراء تعديلات على الدستور. إذن هذا هو النظام الملكي (الوراثي ) بغطاء جمهوري. هنا نقف عند المصداقية التي يملكها الحكام في احترام إرادة المحكومين  إذن لابد من العودة إلى الدستور، الى الدستور الوثيقة، إلى دستور العقد الاجتماعي للشعب. فما هو الدستور؟ ما هي المبادئ التي يجب أن يتضمنها؟  ما الفارق بين الدستور الجامد والدستور المرن؟ كذلك ما الفارق بين الدستور المكتوب والدستور العرفي؟ هل يلغى الدستور وما هي الأساليب الدستورية لإلغائه وهل يلغى الدستور بالوسائل الثورية ؟ وهل توجد وسائل دستورية بالإمكان الاستعانة بها لتغيير الأنظمة الدكتاتورية إلى ديمقراطية؟ 
لنبدأ بالعراق – الدولة – 
نحن في العراق بحاجة ماسة دائما إلى علم التاريخ لكي يستمر شحن الذاكرة فكيف كان ماضينا؟ من حكمنا وكيف ما هي المبادئ الدستورية التي طبقت علينا كيف نحن الآن – الحاضر – ما هي مشاكلنا ؟ ما هو مستقبلنا . أترانا في ( محنة) أم أن هناك طريقة لتأصيل الأمور ووضعها في نصابها الصحيح .
المبادئ الدستورية المطبقة في العراق منذ الماضي حتى الحاضر 
1-القانون الأساسي العثماني 24/12/1876
معروف أن العراق حكم من قبل دول ودويلات وامبراطوريات وعصابات تجاوزت المئة. وطيلة المدة الماضية لم تستقر الدولة العراقية إنما كانت أسيرة أهواء المحتلين - المنتصرين  - وإرادتهم في الكيفية التي يحكمون بها العراق ( الشعب ) . وما توفر لدينا تاريخيا الدستور العثماني لعام 1876 الذي نشر في 42/12 من ذات العام أي أول مبادئ دستورية طبقت على العراق.  
إن هذا القانون طبق على العراق باعتباره جزءا من الإمبراطورية العثمانية التي حكمت العراق منذ 1534 حتى 1914بداية الحرب الكونية الأولى وقدوم القوات البريطانية إلى العراق من( الفاو ) . ولأهمية هذا الدستور الذي مثل ولأول مرة في تاريخ العراق ( مبادئ دستورية ) بالشكل الحديث أي المبادئ الدستورية المحدثة. حيث نصت المادة -1- في الدستور على ما يلي :"إن الدولة العثمانية تحتوي على الممالك والقطع الحاضرة وعلى الولايات الممتازة وجميعها جسم واحد لايمكن تفريقه أو تجزئته بوقت من الأوقات أو بسبب من الأسباب" !. وبموجب هذا الدستور اعتبرت (اسطنبول ) عاصمة الدولة العثمانية وان السلطة السنية العثمانية الحائزة على الخلافة الكبرى الإسلامية تكون لأكبر أولاد سلالة آل عثمان بحسب الأصول القديمة. إلا أن الإمبراطور العثمانية أكدت في المادة الرابعة من الدستور أن حضرة السلطان حسب الخلافة هو الحامي لدين الإسلام وهو ملك جميع التبعة العثمانية وسلطانها. وان هذه الذات السلطانية (مقدسة وغير مسؤولة ). وهي ذات العبارة التي ترد في الدساتير بالنسبة للملوك ( مصون وغير مسؤول ). 
وقد نصت المادة الثامنة من الدستور على ما يلي (( يطلق اسم عثماني بدون استثناء عن كافة أفراد التبعة العثمانية. من أي دين ومذهب كانوا. وهذه الصفة العثمانية تفقد أو تستحصل على مقتضى الأحوال المعينة قانونياً)).
وبقيت آثار هذه المادة حتى ستينات القرن الماضي. تدون عبارة في وثيقة مهمة في وثائق العراقيين (من التبعة العثمانية..) . فمن لايجد هذه العبارة في شهادة الجنسية العراقية فهو غير عراقي. نظام الحكم – خلافة إسلامية – ملكية –ذات سلطانية غير مسؤولة . إذن شحن الذاكرة يسير باتجاه أن أول حكم للعراق كان ملكيا بغطاء إسلامي تفرض فيه المذهب السني رغم الأنف وان السلطان مصون غير مسؤول. 
لائحة التعليمات لهيئة الإدارة العراقية لعام 1920
اندحرت الإمبراطورية العثمانية بدخول القوات البريطانية لكنها واجهت مقاومة عراقية شديدة منذ عام 1914 – حتى عام 1918 بإكمال احتلال الموصل . وبعد فترة وضع الحاكم العسكري للعراق لائحة التعليمات للعمل بموجبها، تعتبر الدستور المؤقت للعراق، وبموجب هذه اللائحة أعلن المندوب السامي البريطاني مسؤوليته عن إدارة البلاد ( العراق ) وهذا منطوق الفقرة ـ 1 ـ من اللائحة : 
" ليعلم حضرات اعضاء مجلس الوزراء أنني بصفتي مندوب سامي، تقع مسؤولية إدارة شؤون البلاد على عاتقي وعلى شخصي، وانا المسؤول عنها لدى حكومة جلالة الملك إلى أن ينعقد المؤتمر العام لسن قانون أساسي للعراق، بناء عليه سيكون الفصل في المسائل المقررة لي عند اختلاف الآراء بيني وبين الهيئة الوزارية ". هذا يعني أن المندوب السامي البريطاني يعتبر سلطته أعلى من سلطة الوزراء العراقيين ( السلطة التنفيذية ) وهو فقط يعرض لجلالة الملك. 

وهذه الحالة تكررت عام 2003 في العراق بوجود المستشارين الأمريكيين. إن غاية هذه اللائحة تنظيم العلاقة بين الوزراء العراقيين والمستشارين البريطانيين وقد أعدها المندوب السامي البريطاني، وقد أقرت في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 10/ت2/1920 وبقيت هذه اللائحة نافذة طيلة المدة من 10/ت2/1920 لغاية دستور عام 1925 وطريقة العمل بهذه اللائحة أن الأمور تدار من قبل المستشارين البريطانيين ثم تكتسب صفتها التنفيذية، بتوقيع الوزراء المختصين فالإرادة في  إدارة الدولة تعود إلى المندوب السامي البريطاني بالرغم من وجود مجلس الوزراء.  
القانون الأساسي العراقي لعام 1925 
23/5/1925
يفيد القانون الأساسي العراقي لعام 1925 من الدساتير الناهضة، ذلك لانه يركز على حقوق الإنسان والحريات الأساسية المصانة فهو يتكون من مقدمة وعشرة أبواب، حيث يذكر في الباب الأول (حقوق الشعب) كذلك نصوصا قانونية تتعلق بالجنسية العراقية او تساوي العراقيين في الحقوق أمام القانون. وان اختلفوا في القومية والدين واللغة،وان الحرية الشخصية مصونة للجميع.
وقد نص الدستور في الباب الثاني عن (الملك وحقوقه) حيث نصت المادة التاسعة عشرة بما يلي :(سيادة المملكة العراقية الدستورية للامة وهي وديعة الشعب للملك فيصل بن الحسين ثم لورثته من بعده .
ونصت المادة العشرون بما يلي(ولاية العهد لأكبر أبناء الملك سناً على خط عمودي. وفقاً لأحكام قانون الوراثة)
كما نصت المادة الخامسة والعشرون بما يلي(الملك مصون وغير مسؤول)
دستور العراق عام 1958 والنظام الجمهوري 
27/تموز/1958 
الدستور عام 1958اعلن نظام الحكم الجمهوري وأسقط دستور العراق لعام 1925 ومغادرة نظام الحكم الملكي .حيث نص الدستور على ان مجلس السيادة يتولى رئاسة الجمهورية وهو مكون من ثلاثة اعضاء رئيس ونائبيه وقد خول مجلس الوزراء السلطة التشريعية بتصديق مجلس السيادة. كذلك خول مجلس الوزراء السلطة التنفيذية بنص المادة 22 في الدستور (يتولى مجلس الوزراء و الوزراء كل فيما يخصه أعمال السلطة التنفيذية ).
لأول مرة يعلن النظام الجمهوري. ويتكون مجلس السيادة من رئيس وعضوين ويكون لمجلس الوزراء السلطتين (التشريعية والتنفيذية) وهو ما كان عليه الحال في ظل الحكومة المؤقتة التي سلمت السيادة في العراق في 1/حزيران /2004  حيث تكون مجلس الوزراء الذي خول السلطتين التشريعية والتنفيذية ورئاسة الجمهورية. هذا الدستور كتب من قبل المرحوم المحامي (حسين الجميل) لوحده فقط. .
أما دستور العراق لعام 1963 فقد أبقى على شكل الحكم الجمهوري مع توسيع في صلاحيات (رئيس الجمهورية)واشترط جملة من الشروط منها( أن يكون عراقيا من أبوين عراقيين ينتميان إلى أسرة تسكن العراق منذ عام 1900 شمسية على الأقل وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية – وان يكون مسلما ً ملتزماً بالشعائر الدينية وان لايقل عمره عن أربعين عاماً، وان  لايكون متزوجاً من أجنبية وتعتبر المرأة العربية التي من أبوين وجدين عربيين عراقية لهذا الغرض. ولم يرد قبل هذا النص في دستور ولا بعده. 
حكومة البعث المنحل ودستور مؤقت 1968 
عرف مجلس قيادة الثورة (المنحل) نفسه بالبيان الذي سبق الدستور (فئة بارة من ابناء الشعب) قامت فئة بارة من ابناء الشعب مؤمنة برأيها وباهداف الامة العربية نعلن هذا الدستور المؤقت الذي ثبتت فيه قواعد الحكم ونظمت  به علاقة الدولة بالفرد والمجتمع وليعمل به حتى يوضع دستور البلاد الدائم ..)
تضمن الدستور على خمسة أبواب هي (الدولة والمقومات الأساسية للمجتمع والحقوق والواجبات العامة وبين الباب الرابع نظام الحكم والباب الخامس والاخير (الاحكام المتفرقة)وقد زاوج الدستور المؤقت بين السلطة السياسية والدولة حيث الاول ركن من اركان الدولة كما عاد مجلس قيادة الثورة (المنحل ) ليعرف نفسه بالمادة 42 (مجلس قيادة الثورة هو الجهاز الثوري الذي قاد جماهير الشعب والقوات المسلحة صبيحة اليوم السابع عشر من تموز سنة 1968 وتتم تسمية أعضائه بقانون )ولم تر احدا من الشعب مع الفئة البارة التي يتحدث عنها بيان المجلس وطبقا للدستور تكونت السلطة التشريعية من (مجلس قيادة الثورة الذي خول جملة من الاختصاصات بما فيها الاختصاص التشريعي وذلك باصدار قرارات لها قوة الالزام وفقاً لاحكام الدستور والقوانين النافذة) .
الملاحظ على هذا الدستور انه انشا ئي يحاكي النواحي العاطفية عند ابناء الشعب ذلك ان البلاد لفترة في 1966 -1968 ربما شهدت اكثر الفترات هدوءا واستقرارا مع توجهات قومية فبيان مجلس قيادة الثورة قد خول لكاتب البيان ان يقود الشعب بأكمله وليكمل حملة من الاصلاحات ايضا بناء على رغبة الشعب العراقي والاخير لادخل له ولا ارادة في ذلك .
لكن المهم جدا الوقوف عند توصيف الدولة العراقية حيث عرفتها المادة الاولى (الجمهورية العراقية دولة ديمقراطية شعبية تستمد اصول ديمقراطيتها وشعبيتها من التراث العربي وروح الاسلام ).واستناد المادة في الديمقراطية الى التراث العربي وروح الاسلام مصطلحات فضفاضة لايمكن ان تؤسس الدساتير بموجبها .كما ان وصف الديمقراطية بـ(الشعبية ) مصطلح غير محدد طبقاً لمبادئ الديمقراطية في العالم .مع ذلك يبدو ان هذه الديمقراطية قد فصلت على اعضاء في قيادة الثورة الذين لم يعرفوا في الفترة الاولى وهؤلاء الثوار كانوا كالنسغ الصاعد والنسغ النازل تحكمهم ارادة واحدة .اما الديمقراطية التي يتحدث عنها الدستور فلم تطبق الا شكلاً عام 1980 اي بعد مرور 22 عاماً عن البيان.وقد ذهبت الثورة كما وصفوها ورجالها  دون ان يكتب الدستور الدائم(كما وعدوا في البيان) الصادر عن الفئة البارة التي اعدم اغلبها بتهمة الخيانة العظمى .
مجلس قيادة الثورة (المنحل) ودستور 1970 
الدستور المؤقت لعام 1970 دستور متناقض فهو قد وعد الشعب بـ(العراق يهدف لتحقيق الدولة العربية الواحدة واقامة النظام الاشتراكي )ومن استقراء الاحداث للفترة التي زامنت صدور الدستور وتطبيقه نعرف ان السلطة الحاكمة عملت كل ما في وسعها لتحقيق التنافر الاجتماعي والتآمر على الدول العربية كما انها اختلفت مع الانظمة المتشابهة معها والقريبة اليها كالجمهورية العربية السورية وجرى ما جرى من أحداث تدل دلالة واضحة ان الافعال التي قامت بها سلطة الحكم الصدامي البائد مغايرة تماما لما جاء بالبيان الذي اصدره مجلس قيادة الثورة المنحل الذي بدأ بسبعة وانتهى الى 22 عضوا وتقلص الى رجل واحد فقط اختزل السلطة ،الدولة ،الشعب والثروة والأحزاب بإرادته فقط (اذا قال صدام قال العراق ) علقها الديمقراطيون وانتهى الى دكتاتورية شمولية فردية – شكلت اعتى انظمة الحكم المناهضة للديمقراطية الشعبية التي يتكلم عنها الدستور. وهاهو النظام يغادر ببساطة في 9/4/2003 
العراق ـ الدولة ـ بعد /9 /4 /2003
بالتأكيد ان ما جرى للعراق الدولة بعد 9 / 4/2003 بحاجة الى المزيد من البحث والدراسة والتحليل . فهذه السلطة الفولاذية التي انهكت الدولة بالحروب والقتال والعنف والحصار الاقتصادي الذي استمر منذ 1990 ـ 2003 ومايزال في بعض جوانبه غادرت بكل هدوء لاينسجم والقعقعة التي كان يثيرها بقصد ارهاب الاخرين . 
معروف ان قرارات مجلس الامن الدولي التي صدرت بحق العراق منذ 1979 في الوقت الحاضر اكثر من 170 قرارا تنوعت في اهدافها وغاياتها . 
لهذا كانت الدول المتعددة الجنسيات تدخل العراق وتستولي على كل شيء بحرب خاطفة لم تستمر الا اياما معدودة ومئات الالاف من المعدات والمهام العسكرية ( مهانة ) توزعت على الارض العراقية دبابات / مدافع / آليات / ناقلات منها الطائرات التي وجدت في شمال البصرة . 
السيادة في العراق منقوصة 
منذ 2/8/1990 غزو صدام لدولة الكويت (لاسباب لايعرفها اغلبية الشعب العراقي حتى هذا اليوم و السيادة ثلمت بالنسبة لحكومة العراق . بعد ان انتهى  من حرب مدمرة منذ 1980 ـ 1988 . راقب العالم بحذر شديد ما يحصل من تنامي للقدرات (الدكتاتورية الشمولية الفردية ) الحاقدة على كل شيء الا الموت والدمار . وهي اذ تراقب هذه التصرفات تضع كافة الخطط ( لتفويض القوة ) ومعروف ان مصدر القوة في العراق هو ( ثروة النفط والغاز) والذي وصل انتاج العراق الى اعلى مستوياته عام 1979 ليصل الى 3،750،000 ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسون الف برميل يوميا . هذه الثروة نقلت العراق من دولة مدينة الى دولة دائنة مع تزايد كبير لرصيد العراق من العملة الصعبة . بهذه القوة الهائلة ( دخل حرب الخليج الاولى ) 1980 ـ 1988 وبعد الانتهاء من الحرب كانت ( الكونة ) في اشدها وهذه المرة على الدول التي يريدها الحكم ( وحدة الامة العربية ) وهي غزو دولة الكويت وابلغ وصف لها (( الجنرالات اخر من يعلم ))
لهذا كان قرار مسك الدولة من مصدر قوتها وصندوق تنمية العراق DEI مقره في فرنسا فكان العراق يصدر النفط الخام والدول المستوردة تدفع في باريس وكان واجب الامم المتحدة توقيع هذه العقود وعدم تضمنها لصفقات اسلحة او مواد كيمياوية وبعد ذلك تطلق الاموال . 
وهذه الآلية استمرت منذ عام 1996 حتى عام 2003 وكان يطلق عليها ( mon) مذكرة التفاهم . النفط مقابل الغذاء والدواء والحاجات الاساسية للمجتمع العراقي . وكانت الامم المتحدة تشرف على هذا الصندوق وفي فترة اشرافها تسربت المعلومات التي تشير الى فقدان 22 مليار دولار . والحقيقة ان ( القيادة القومية لحزب البعث المنحل وعدي صدام حسين وابناء كبار قادة الامم المتحدة هي التي تشرف على هذه العقود . 
القوات المتعددة الجنسيات قوات محتلة بارادتها 
بعد دخول القوات المتعددة الجنسيات الى العراق بقيادة الولايات المتحدة الامريكية اصبحت الاخيرة تبحث عن الاموال لاعادة تأهيل البنى التحتية للبلاد . رفضت الامم المتحدة اشراف اميركا على التصرف بهذه الاموال لعدم وضوح ( التوصيف القانوني / الشرعي الصحيح ) للولايات المتحدة الامريكية والدول المتعدد الجنسيات في العراق . وبعد نقاش طويل بين اميركا والامم المتحدة . توصلت الاخيرة الى قبول ان تكون اميركا والدول المتحالفة معها ( محتلة ). 
ولها الوصاية على العراق وأموال العراق . وهكذا تحول صندوق تنمية العراق من الامم المتحدة الى الولايات المتحدة الامريكية لكونها قبلت ان تكون ( دولة محتلة ولها الوصاية على العراق واموال العراق ) .ولهذا فالصندوق اصبح يحتوي بالاضافة الى ما يصدره العراق من النفط استيلاء القوات الاميركية على 6 ستة مليارات دولار وجدت في القصور الرئاسية بعد 2003 واصبحت الولايات المتحدة الامريكية تدير الصندوق Dei وقد مدد الرئيس اوباما فترة الحماية للمطالبات القضائية ضد العراق لمدة عام تنتهي في 18/5/2012 والموضوع بحاجة الى المزيد من الحرص والبحث لاستطلاع افاق الدعاوى القضائية التي سترفع ضد العراق لاسيما ( مطالبات الحالة النفسية ) . فاموال العراق في الصندوق في خطر حقيقي بعد رفع الولايات المتحدة الامريكية يدها ورعايتها للصندوق وربما تستغرق الدعاوى القضائية والديون موازنة العراق لسنوات طويلة . 
ولانلمس جهدا عراقيا حكوميا حقيقيا في السعي لحفظ اموال العراق في الخارج . 
قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية 
لعلنا نغادر ولاول  مرة في تأريخ العراق لفظة الدستور المؤقت التي عانى منها الشعب العراقي كثيرا وسئم هذه التسمية وان العراق مازال ومنذ عام 1921 بدستور مؤقت لكن الاهمية التي يكتسبها هذا القانون هو معالم المرحلة الانتقالية للانتقال الى الدستور الدائم . 
تتألف المرحلة الانتقالية من فترتين 
1 ـ تبدأ الفترة الاولى بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة ذات سيادة كاملة تتولى السلطة في 30/حزيران /2004 وستتألف الحكومة وفق عملية تداول واسعة النطاق بتشاور شرائح المجتمع العراقي يقوم بها مجلس الحكم وسلطة الائتلاف المؤقتة . ويمكن التشاور مع الامم المتحدة بذلك . 
2 ـ تبدأ الفترة الثانية بعد تأليف الحكومة العراقية الانتقالية والتي تتم بعد اجراء الانتخابات للجمعية الوطنية على ان لاتتأخر عن 31/ ل 1 / 2004 وعلى كل حال قبل 31/ ك 2 / 2005 . 
وبالفعل  سارت الامور طبقا لاحكام القانون ـ فالحكومة المؤقتة ـ كانت تمارس السلطتين ( التشريعية والتنفيذية مع رئاسة الجمهورية اما الحكومة الانتقالية فقد مارست ( السلطة التنفيذية ) فقط اما  التشريعية فاصبحت من اختصاص الجمعية الوطنية. التي كتبت الدستور الدائم لعام 2005 .
أهم المبادئ الواردة في القانون 
1 ـ هيأ مستلزمات الانتقال من المراحل المؤقتة والانتقالية لممارسة السلطة الى المرحلة الدائمية . 
2 ـ لاول مرة في التأريخ يقر النظام الفدرالي ( الاتحادي ) 
3 ـ ان رئاسة الجمهورية تمارس حق النقض على قرارات السلطة التنفيذية . 
4 ـ اقر اقليم كردستان كواقع بحدود لعام 2003 وان الاقليم يتكون من كل من محافظات اربيل / السليمانية / دهوك . 
5 ـ لاتتمتع السلطات / التشريعية والتنفيذية واي مسؤول في الدولة بالحصانة عن الافعال الجرمية التي يرتكبوها . 
6 ـ العمل بمبدأ الفصل بين السلطات وان السلطات التنفيذية مسؤولة امام السلطة التشريعية . 
7 ـ انشاء مجلس القضاء الاعلى و ربما لاول مرة في تأريخ العراق تكون السلطة القضائية مستقلة منفصلة عن السلطة التنفيذية ( وزارة العدل ) .