أوطانٌ تُباع في المازاد

 

 

 

 

 

 

في بلداننا العربية حكام تحركهم أصابع من خارج الأوطان لينفذوا أجندات تخدم مصالح أعداء الأمة ولا نعني هنا بالحكام الحكومات فقط بل كل من بيده التحكم بمصائر الشعوب من رؤساء أحزاب أو كتل أو مرجعيات والعتب على من يدعي الوطنية والأنتماء للشعب و من يدعي التدين. عندما يندفع بوعي أوبدونه أو بدافعٍ طائفي ليساهم في هذا المخطط ويعمل على تمزيق بلده وزج شعبه في أتون لهيب طائفي سيكون هو بين ضحاياه بالتأكيد.نعتب على من تكون مرجعيته خارج وطنه وشعبه.ولا تهمه مصالح شعبه ومصائره.تراه مهرولاً بين آن وآخر الى هذه الدولة أو تلك أو لمن يدفع أكثر ليتلقى التعليمات والأوامر ويستلم أجره ووعوداً بالدعم والتأييد.بعد أن باع الشعب والوطن وكان قبلها قد  باع الشرف والضمير.

ساهم السياسيون في العراق في وضع الدستور الذي تسبب بفرقة العراقيين. وأصبح عائقاً وعاملاًمن عوامل عدم نهوضهم. فإن لم تكن  هناك مشكلة أو أزمة فالدستور بغموضه وتعدد تفسيراته وبعض فقراته فيه ما يفجرها. كُتب الدستور بصيغة يستحيل معها تعديله ليبقَ العراقيون في دوامة مستمرة. وأزمات تولِّدُ ازمات تنشطر بعضها من بعض.

 عشنا أزمة حادة بعد إنتخابات مجلس النواب حول تشكيل الوزارة لما تأجج من صراع ونزاع على من له حق تشكيلها ومن ثَمَّ على المناصب ومَنْ يعتليها.

 لم يكن سبب تأخر تشكيل الوزارة خلافاً على مشاريع تنمية أو مشاريع ستراتيجية تنهض بالبلد وتمتص البطالة ولا على خطط للإرتقاء بالقوات الأمنية وتسليحها وتدريبها وفق أنظمة عصرية وإعادة تشكيلها على أسسٍ وطنية لا طائفية أو عرقية. ولا على كيفية إنشاء مراكز مخابراتية مهنية تكشف عن الجريمة ومواطن الأرهاب وتعالجها إستباقياً, وتقلل من حدة الأرهاب. ولم يكن خلافاً على تحديث الدولة ودوائرها, وتقليص الروتين وبيروقراطية الدولة, ومكننة الحكومة, وجعلها إلكترونية بعيدةً عن الرشى والوساطة والقضاء على الفساد, بل كان خلافاًعلى كيفية إقتسام الكعكة بين الكتل الكبيرة,  ثُمَّ شُكلت وزارة مترهلة لأرضاء الجميع. وبقيت وزارات هامة دون وزراء تُدار بالوكالة لحد الآن .وقيل إن وزارات طلبت الكتل التي من حصتها هذه الوزارات ملايين الدولارات ثمناً لها. وإنعكس الحال على قيادات عسكرية وأمنية عُرضت للبيع وأنيطت بأشخاص لا يستحقونها بالدولار كما نقلت وسائل الأعلام. وبسبب قانون إنتخابات مجحف غير ديموقراطي نعيش حالة التلاشي للبرلمان فهو غير فاعل ولا  يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً.حيث لا يجيد المتسلطون عليه سوى الطعن والتشهير والتسقيط السياسي .ويغلب على هذا البرلمان إتهام الكل للكل بالفساد المالي والأرهاب والإثرة بما في البلاد من مال ومراكز حكومية وإستغلال لأمكانية الدولة ومواردها لصالح كتلهم أو المحسوبين والمنسوبين والمقربين والحواريين في السر والعلن. نوابٌ يقيمون خارج البلاد ,وأغلبهم لا يحضر إلا لأستلام الرواتب والهبات والمخصصات وإن حضر ففي كافترية المجلس.وفقد هذا المجلس ونوابه كل شرعية له بتمثيل الشعب.وهو في حالة موت سريري.

وذات الشيء جرى في إنتخابات مجلس المحافظات فالشد والجذب والمماحكات والمطامع الشخصية والحزبية والمصالح الخاصة عطلت إنتخاب المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات ونوابهم .فلم يكن سبب تأخر تشكيلات هذه المجالس وإخيار قياداتها   خلاف على تحقيق المصالح العامة للناس ولا خلافات حول مناهج تنموية أو خدمية,بل كيف توزع الحصص من الكعكة والمناصب لا غير.

في الدول التي سبقتنا بالديموقراطية يُنتخب رئيس الجمهورية إنتخاباً مباشراً من الشعب وهو الذي يختار نائبه ووزراءه و يطرحهم على مجلس النواب لنيل الثقة. وهذه تتم بفترة قصيرة جداً فلا أزمة حكم ولا تعطيل لمصالح الشعب..وكذلك حكام الولايات أو المحافظات يتم إنتخابهم من الشعب مباشرة.فلماذا نحن نخالف هذه الدول وهذه القواعد .ولماذا هذه المتاهات؟

غرقنا في مزايدات علنية وسرية ومساومات في ما زاد تباع به الوزارات و يُباع به الوطن ويُشترى ومحاصصات طائفية وعرقية وكأن الشعب والوطن سلعة تُعرَضُ للبيع في ما زاد.

إن ضعف مجلس النواب ومجالس المحافظات وعدم قدرتهما على القيام بالدور والواجب المناط بها متأتٍ من قانون الأنتخابات ,الذي كرس هيمنة كتل على هذه المجالس وبتنا ندور في حلقة مفرغة ولا نحصل إلا على تغيير بسيط .وتبقى المجالس مشلولة بالمحاصصات والتجاذبات والمطامع الكتلوية والشخصية.  

وفي الأيام القليلة الماضية فاحت رائحة إتفاقيات مريبة بين الحكومة والكويت وإقليم كردستان والخشية أن تكون هذه على حساب العراق أو بعضٍ من مكونات الشعب العراقي, لا سيما في غيابٍ لمجلس النواب المُحتضِر .نحن مع كل حلٍّ للمشاكل ومع تفتيت الأزمات وهذا بصالح الشعب, إن كان هذا هو الهدف.على أن تتسم بالشفافية والوضوح .ولكننا لسنا مع مزايدات وصفقات تجري في الظلام تضيع فيها الحقوق والأموال والأرض من أجل التشبث بكرسي الحكم وتحالفات سياسية مشبوهه ونأمل ألا يكون هذا مازاداً  نحن فيه الضحية.

لا شك إن التغيير والأصلاح قادم وسيستلم الشعب مقدراته ويمتلك زمام أمره وسينتهي هذا المازاد مهما حاولت الكتل المتنفذة تأخيره .ومهما وضعت من عصي أمام عجلة التغيير.فقد بدأت علامات التغيير وتباشيره بفقدان هذه الكتل قوتها وتفتتها.وظهرت قوى جديدة في الساحة. والشعب تفهم اللعبة. وقرأ المشهد بشكل صحيح .ولن يطول الأمر. و إنا طال فإنَّ الحساب أعسر والحليم مَنْ إعتبر.