* جميلٌ الهك هذا ، اذا كان الإنسانُ قد صنعه على صورته!! دوستويفسكي ... العبارة اللامعة هذه ، جاءت في احدى حواريات ( الأخوة كارامازوف ) لدوستويفسكي . و العبارة ليست الحادية ، فهو لم يكن ملحدا ، و لا مؤمنا بالمفهوم المعتاد ، و لكن و هو المشتغل على النفس و بواطنها و خفاياها في رواياته ، يشير في هذه العبارة الى حقيقة سايكلوجية ، فردية و جمعية ، لدى الإنسان بشكل عام ، و هي ان صورة الإله تشابه معتنقها . فيهوة ، الإله اليهودي ، هو رب الجنود المحارب ، و هو يفسر السلوك الفاشي الإسرائيلي ضد الفلسطيني و ارضه ، و اله الإسلام الباكستاني يكتسب ملامح الروح الجمعية لمعتنقيه ، و هو ليس على صورة اله المصريين و الإندونسيين ، و لتقريب الصورة اكثر ، نأخذ النموذج المحلي في مناطقنا ، فالإله الوهابي شاهر سيفه بلحيته الكثة ، متجهم ضيق الأفق يطارد الضحكة و الإبتسامة ، و هو حارق خارق لا يرحم ، بينما الإله المصري خفيف ميال الى السماحة و الرحمة ، و اتذكر شيخا مصريا اسمه عبد الله شحاته ، كان يقدم برنامجا تلفزيونيا ، يرد فيه على اسئلة المشاهدين ، و هو سمح الوجه لا تفارق الإبتسامة وجهه ، و يحاول في اجاباته ان يلتمس اسهل الحلول و الطفها ، فتحس ان اله هذا الشيخ رحيم فعلا ، بينما لا حظوا هيئة و اسلوب مشايخ السلفية ، فالههم ماحق يحرم و يحرق و ينادي بالويل و الثبور. و الإله الشيعي ، بكاء لطام ، و يقبل الشفاعة و الواسطة . و صورة الإله المستجلبة و المبنية على نصوص مختارة من الإسلام الأول ، يقتبس منها كل مجتمع ملامح لإلهه ، فرغم ان ما يسمى بالصحيحين ، قد اوردا حديثا نصه ( من احب ، فعف ، فمات .. مات شهيدا ) فأنا لم اسمع واحدا من المشايخ يردده ، و هناك حديث جميل آخر ( الإنسان بناء الله على الأرض ، ملعون من هدمه ) و هو ما يعزز صورة الإله المحب المسؤول عن ما بناه ، و لكن الههم يحرم الحب والموسيقى و يطالب بالدماء . فإله ابن لادن و ابو عمر البغدادي و ابو قتادة ، و القرضاوي و خامنئي و السيستاني ، يشبه صورة كل واحد من المذكورين ، على اختلافهم ..و حتى الملحد يصوغ الهه ـ بمعنى صورة المثال ، و ليس العبادة ، على صورته.
|