أبتلى العراق منذ القدم بقوم يتصدرون العامة وهم ليسوا أهلا للريادة، فيجرون البلد إلى سنين من البؤس والفقر وأنتشار المظالم. فبدئاً بثورة الحسين (عليه السلام)، حين وصله خمسمائة إلى اثني عشر الف كتاب مبايعة على اختلاف المصادر من أهل الكوفة يبايعونه ويدعونه لرفع ظلم بني أميه عنهم، فأوفد اليهم أبن عمه مسلم أبن عقيل (رضي الله عنه وأرضاه) ووصل عدد المبايعين ثمانية عشر الى اربعين الفا إلا انه بعد استلام أبن زياد ولاية الكوفة بدء بشراء الذمم واعتقال عدد من أنصار الحسين (عليه السلام) وقتل أكثرهم، فنقض اهل الكوفة بيعتهم وقتلوا سفير الحسين (عليه السلام)ولم يخرج منهم لنصرته ألا نفر قليل. وتكرر الأمر في ثورة زيد بن علي (عليه السلام)، حيث ذكرت المصادر أن عدد من بايعه من البصرة الى الموصل مئة الف شخص جلهم من أهل الكوفة، وما أن اُمتحنوا بالذهب والمناصب والتهديد والوعيد نقضوا البيعة،فلم يتجاوز عدد من قاتل معه الخمسمائة شخص. وبقى العراق يحكم من ظالم إلى ظالم وفي كل فترة تسنح فرصة لتغيير هذا الواقع، فيتخاذل البعض ويتآمر اخرون ونعود إلى المربع الاول. وفي الوقت الحاضر وبعد ثلاثون سنة من حكم البعث الهدامي المجرم، وعشر سنوات عجاف من غدر الأخوة الأشقاء والاقتتال الطائفي والتصارع المحموم على السلطة ومقتل آلاف المواطنين الأبرياء، ظهرت فرصة لتصحيح الأوضاع بدأت بلقاء القادة السياسيين في بيت السيد عمار الحكيم، هو اجتماع كسر الجليد بينهم وعبر المواطنين باختلاف قومياتهم ومذاهبهم عن أرتياحهم بهذه الخطوة وهدئت الأوضاع في الشارع، والكل توقع بداية جديدة وتحسن أمني وثورة خدمية في مجالس المحافظات. ولكن مصالح البعض ونظرتهم الضيقة كدرت على المواطنين فرحتهم، فنقضت العهود مرة ثانية وباع البعض ذممهم ومواثيقهم فوصل سعر الصوت في مجالس المحافظات من مليارين إلى خمسة مليارت دينار عراقي. ولمن رضي بهذه المبالغ عليه أن يعلم أنه لن يهنئ بهذه الأموال، فمصدرها معلوم وهي قوت الفقراء من الشعب العراقي ويشهد التاريخ أنه لم يقبل احد رشوة من ظالم لتسليط سيفه على الرعية إلا كان اول من تسلط هذا السيف عليه و مات مذموما محسورا ولم يستفد من هذه الاموال. وطوبى لمن رفض هذه الاموال الطائلة والمناصب والتهديد وبقي محافظا على كلمته حاميا لأصوات من أنتخبوه ولم يخف في الحق لومة لائم.
|