هل تغير جلباب (الله اكبر)؟

 

قد يخيل العنوان الى القارئ إني أبشر بنبي جديد للدين الاسلامي الممزق ثوبه، والمكسرة أضلاعه، بفعل أيادٍ طارئة عليه، غير منتمية لأي من أصوله وفروعه، تلاعبت بتشريعاته، وغيرت نصوصه، خدمة لمصالحها الشخصية والمذهبية والطائفية، وحاولت ان تشرعن لها دينا جديدا يعبر عما تبغيه من أهداف، وربما يظن آخرون اني أحاول ــ معاذ الله ــ ان أنتقص من عبارة التكبير الإسلامية المعروفة للعالم أجمع والتي تحمل في طياتها الداخلية وعلى غلاف حروفها الناصعة البيضاء معاني توحيد وتمجيد الله تعالى، وليس معاني أخرى تتقاطع مع مبادئ وتشريعات الدين الذي رفع عبارة التكبير الموحدة، وأنا لست بصدد التقريض بهذا ولا ذاك، ولا التنديد بقوم دون آخرين، ولا يهمني من كان أبيضا أو أسودا، إلا بقدر ما يخدم الإنسانية في شيء، أو بما قد يضرها في شيء آخر.

عبارة التكبير، رغم استخدامها في ظروف سابقة ومناسبات مختلفة تمام الاختلاف عن ظروف العصر الراهن، لكن عقلي بالتأكيد، وهو صنيعة الله تعالى، يخبرني بما لا يقبل الشك ان هناك ألسنة شيطانية تتلاعب بما أنزله ربنا من تعاليم سماوية حتى غدت عبارة (الله أكبر) تستخدم استخدامات أخرى، فعشرات المدعين بالانتماء الى الدين الاسلامي، صاروا يستخدمون عبارة التكبير لأهداف لا تكبر من قيمة الاسلام ولا تعظم من شأنه، لأنه كبير القيمة والشأن دون الحاجة الى تكبيراتهم، بل على العكس اصبحت هذه التكبيرات عبارة عن نقاط سوداء تشوه ثوب الاسلام الابيض، ومثلمة يراد بها الانتقاص ــ بقصد أو دون قصد ــ من عظمة دين الله، فنشاهد مثلا ان أحدا يلقي بجسده المفخخ وسط حشود المواطنين الابرياء ــ الذين لا يعرف هو أسمائهم ولا ألقابهم ولا أعمالهم ولا ذنوبهم ــ وهو يهتف (الله اكبر) !، أو أن تقوم مجموعة بإطلاق الرصاص أو قطع نحور لمجموعة من الأسرى أو الرهائن أو المخطوفين، وهم يكبرون الله ايضا، بل ان مغتصبا شاذا يهتك عرض امرأة وهو يهتف لله بالتكبير!، وكأن هؤلاء غيروا صفات الربّ أو بدلوا تعاليمه وتشريعاته!، لتتلائم مع أهدافهم، وتتناسق مع مصالحهم، فيما يوجد دائما سذج يتبعون هؤلاء ويصفقون لهم حتى لو كان تصفيقهم باتجاه مضاد لتعاليم الرحمن، وبشكل يتقاطع تماما مع الوجود الإلهي!.

عبارة التكبير عبارة واضحة لا لبس فيها، ولا يمكن لأحد تحريف معناها ومقاصدها ببساطة، ولا يمكن لأي جهة ابتعدت عن طريق الله ان تستغل كلماته بهذا الشكل السيء، وتحاول ايهام بعض العقول الساذجة بصوابها وقدسيتها ومشروعية خطها ومنهجها، حتى لو كانت العبارات المستخدمة إلهية وقرآنية، لأنها لا تنم عن منفعة للإنسانية، بل المضرة واضحة فيها، كما ان استنكار وعقوبة قتل النفس المحرمة في كتب الله السماوية لا تحتاج تفسيرا شرحا وإسهابا، ولا حتى الرجوع الى كتب المفسرين المختلفين في مذاهبهم وأوطانهم ووجوههم، ورغم إننا معروفون بشغفنا وحبنا لكل من دخل مسمى رجل الدين، إلا انه ينبغي اخضاعه الى سلسلة من عمليات التشريح والتجريب والمتابعة والمراقبة من قبلنا، ولكل شاردة وواردة، قبل ان تطمئن قلوبنا إليه ونتبعه اتباع الضرير للبصير، لاسيما وان هناك من يحاول ان يخدع بعض الناس بأنه رجل دين مسدد ومصوب من قبل (أمير الجماعة) أو (فقيه القوم) ليرشدهم صوب الجنة ونعيم الله، فبعض الانتهازيين والمتطفلين والماديين، وأكرر ليكون توكيدا لفظيا غير قابل للتزوير والنكران، البعض فقط، ينتهز صفة التقدير والاحترام هذه لرجال الدين فيحشر أنفه وسط جموعهم، بتزوير هوية وانتحال قدسية رجل الدين، او سرقة عباءة ووقار رجال الدين، محاولا بذلك ان يوهم بعض السذج بانه يستطيع ان يشرق الشمس وقت الغروب ويضيع الفلك وهو يدور!.