الجزء الأول:الاحتيماليات المقترحة من رفع طاقة الانتاج
يعتبر النفط مادة أستراتيجية تخضع لقرارات سيادة الدولة وتتحكم في اقتصاديات الدول المنتجة والمستهلكة ، ومنها في العراق الفيدرالي الذي يشكل ايرادات النفط حوالي 96% من ميزانية الدولة ، وان عوائده تشكل المصدر الاساسي القادر على أعادة بناء البنية التحتية لكافة القطاعات ، كما ان عملية بناء وتنمية العراق الفيدرالي بكل ما تحمله من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية تعتمد على تطور القطاع النفطي من خلال التشريعات التي تنظم هذا القطاع وفي اصلاح وتطوير المؤسسات المعنية بقطاع النفط. في ظل غياب التشريعات( قانون النفط والغاز) والوضع الاداري الحالي لهذا القطاع الحيوي، تواصل المؤسسات المعنية في أدارة وتطوير قطاع النفط والغاز الطبيعي على وضع برامج وخطط تهدف الى رفع طاقة انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي بشكل غير تدريجي وذلك بالأعتماد على الشركات الأجنبية المتنوعة الجنسيات ،كما جائت ذلك في جولات التراخيص الاولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة التي نظمتها وزارة النفط منذ عام 2009 ولغاية الآن. غطت جولات التراخيص الحقول المكتشفة والغير المكتشفة للنفط وحقول الغاز والرقع الاستكشافية والتكرير.منحت وزارة النفط بموجب جولات التراخيص العديد من حقول النفط والغاز الى الشركات الاجنبية ، ولاسيما بعض الحقول النفطية العملاقة ذات الاحتياطيات النفطية التي تزيد عن 15 مليار برميل لكل حقل ، مثل حقول ( الرميلة ، مجنون ، وغرب القرنة الاولى والثانية) ،ورفعت شركة نفط الجنوب طاقة الانتاج في حقل الرميلة الى حوالي1.66 مليون برميل في اليوم . ادراج الحقول العملاقة في جولات التراخيص أثار رد الفعل في أغلب المؤسسات المعنية بقضايا السيادة والتنمية ، ولا سيما لدى المختصيين- المهنيين في قطاع النفط .
التقييم والمراجعة قبل تطوير طاقة انتاج النفط والغاز:
قبل الدخول في خطة تطوير حقول النفط والغاز بهدف تسخير ايرادات النفط في أعادة بناء البنية التحتية الصناعية والزراعية وغيرها من القطاعات الاخرى،علينا ان نقف في تقييم ما حصلت الحكومات العراقية منذ عام 2003 ولغاية نهاية عام 2012 على الايرادات النفطية التي استلمت من ( صندوق تنمية العراق – مقرها في الولايات المتحدة الامريكية) المسؤولة على ادارة أيرادات بيع النفط الخام، حيث بلغت مجمل أيرادات بيع النفط الخام حوالي (488.5 مليار دولار) خلال الفترة مابين ( 2003 ولغاية نهاية عام 2012)، خصصت 5% منها لتعويضات حرب الكويت والباقية(95%) أعادة الى الحكومات العراقية ( وزارة المالية والبنك المركزي العراقي) التي تشكل مصدر اساسي في تمويل الموازنات العامة، أضافة الى ذلك ،مبلغ ( 103 مليار دولار) على شكل منح وقروض مساعدات وأموال النظام السابق. السؤال الذي يطرح نفسه ( هل تتناسب أعادة البنية التحتية وتنمية العراق الفيدرالي) خلال 9 سنوات مع حجم المبالغ الهائلة المبينه اعلاه؟لكي تنطلق على ضوء هذا التقييم من رفع طاقة انتاج النفط الخام لتمويل الموازنة العامة). . ان نقص أو غياب التشريعات التي تنظم قطاع النفط ،وضعف ادارة المؤسسات المعنية ( الانتاج ، البيع ، أدارة الايرادات ، الرقابة وغيرها من المؤسسات المعنية) ادت الى هدر أيرادات النفط خلال تلك الفترة ،والى تعميق الخلافات بين الكيانات السياسية وتداعياتها على النظام الديمقراطي، ناهيكم عن الفساد المزمن ( موقع العراق في قائمة دول العالم للفساد) ما هو ألا أنعكاس على الواقع الذي لا يليق بالشعوب العراقية العريقة. تؤثر عائدات النفط بشكل مباشر على الموارد المتوفرة في موازنة الحكومة لتمويل سلع النفع العام والخدمات الاجتماعية ، بالرغم من حجم الكبير من عائدات النفط لا زالت الكثير من القطاعات تعاني الماء ( كالتربية ، الصحة ،الكهرباء ، الماء والخدمات الاخرى). من هذا المنطلق ،تناشد أغلب الجهات المعنية ( التشريعية ، والتنفيذية ) الحكومية وفي القطاع الخاص ، لاسيما المهتمين بقطاع النفط والاقتصاد والتنمية على ضرورة الاسراع في تشريع قانون النفط والغاز وتعزيز الادارة الفعالة والشفافة الخاضعة للمسائلة لموارد النفط والغاز في سبيل الصالح العام ، لاسيما بعد ان اصبحت العراق مؤخرآعضوآ في مبادرة الشفافية العالمية للصناعات الاستخراجية- النفط،بأعتبار الشفافية أداة مهمة لتحقيق مكاسب المسألة وللتوصل الى ممارسات الحكومة الفضلى في ادارة قطاع النفط ،ومن ثم الانطلاق وفق خطة استراتيجية تنموية واقتصادية ( بزيادة طاقة الانتاج بشكل تدريجي يتناسب مع مطلبات خطط التنمية والبناء) ،وفي أدارة أيراداتها بأساليب عصرية تسهم في ضمان استخدامها لتحقيق المنفعة القصوى للمواطنين على المدى الطويل، وكفيلة في وضع حد من هدر الاموال العامة وتسخيرها لخدمة العراقيين.
خطة رفع أنتاج النفط والغاز الطبيعي:
نظمت وزارة النفط منذ عام 2009 خمسة جولات للتراخيص التي شملت الحقول المكتشفة والحقول الغير المكتشفة، حقول الغاز الطبيعي ، الرقع الاستكشافية والانتاج والتكرير. تم تطبيق الخطوات الستة في أغلب جولات التراخيص بهدف زيادة طاقة أنتاج النفط والغاز الطبيعي. تم وضع ثلاثة أحتماليات في رفع مستويات انتاج النفط الخام الى( انتاج 6 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2025 ، رفع الأنتاج الى9 مليون برميل بحلول عام 2020 ، ورفع الأنتاج الى 12 مليون برميل بحلول عام 2017. ترتفع طاقة أنتاج النفط (3.945 مليون برميل في اليوم) الى (7.965مليون برميل في اليوم بموجب تراخيص الجولة الاولي التي منحت للشركات الاجنبية في 30 حزيران 2009. وسترتفع طاقة الانتاج الى أكثر من 12 مليون برميل في اليوم بموجب جولة التراخيص الثانية ، كما سترتفع طاقة انتاج الغاز الطبيعي بموجب جولة التراخيص الثالثة الى 725 مليون مترمكعب-م3 في اليوم في حقول الغاز الثلاثة( عكاز ، السيبا ، المنصورية)، كما سترتفع طاقة مصافي التكرير حاليآ من(700-750الف برميل في اليوم ) من النفط الخام في اليوم الى (1.5مليون برميل) من النفط الخام في اليوم بحلول عام 2017.
أحتمالية الحد الادنى من انتاج النفط الخام:
يرفع طاقة انتاج النفط الخام من 3 مليون برميل الى 6 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2025 ، وتصل أيرادات النفط الى 216 ملياردولار في السنة( على اساس تخمين سعر البرميل الواحد من خام النفط 100بمائة دولار). لو يتم انتاج 6 مليون برميل في اليوم ،يكفي الاحتياط النفطي الحالي التي تقدر مابين(143-150 مليار برميل) لمدة(65 -68 سنة).
أحتمالية الحد المتوسط من أنتاج النفط الخام :
يرفع طاقة أنتاج النفط الخام من 3 مليون برميل الى 9 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020،وستصل أيرادات النفط الى324مليار دولار في السنة ، وسيكفي الاحتياط النفطي الحالي لمدة (44-46 سنة).
أحتمالية الحد الاعلى من أنتاج النفط الخام:
يرفع طاقة انتاج النفط الخام من 3 مليون برميل في اليوم الى 12 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2017،وسيرفع أيرادات النفط الخام الى 396 مليار دولار في السنة ،وسيكفي الاحتياط النفطي الحالي للعراق لمدة(33-34سنة).
أية من الاحتماليات الثلاثة أكثر مناسبة من رفع طاقة انتاج النفط الخام ؟.
ان الاختيار المنطقي والمناسب لواحدة من احدى الاحتماليات الثلاثة او ضمن حدود رفع طاقة الانتاج مابين ( 3 الى 12 مليون برميل في اليوم ) التي تصبح اساسآ في أستراتيجية تنمية العراق ،يجب ان تستند على ضوء تقييم المسائل التالية :
1- أحتياجيات موازنة العراق سنويآ لغاية عام 2025؟. 2- خطة وحصة العراق من بيع النفط في منظمة أوبك؟. 3- حالة خطوط أمدادات تصدير النفط الخام ،وحجم المخازن النفطية في حالات الطوارئ والازمات؟ 4- أسعار النفط وتأثير تقلباته على خطط تنمية العراق على المدى القريب والطويل؟. 5- أستنزاف الاحتياطيات النفطية( تقصر عمر الانتاج – العلاقة بين حجم الاحتياطيات النفطية وطاقة الانتاج المقترحة)؟. 6- لعنة الموارد، الفساد وتخفيض قيمة العملة العراقية مقابل عملات ( الدولار ، اليورو وغيرها)؟ . 7- التشريع والوضع الاداري والقانوني الحالي لقطاع النفط وغيرها من المؤسسات المعنية بالنفط؟. 8- تنوع مصادر الطاقة الاخرى في العالم؟. 9- وضع الاسواق العالمية النفط والغازالطبيعي( العلاقة بين العرض والطلب على المدى القريب والطويل؟ . 10- الاضطرابات السياسية والأمنية والبيئية في الدول المنتجة والمستهلكة للنفط والغاز ؟. 11- ئأثير المخاطر الطبيعية( الزلازل ، المناخ ، الاعاصير ، العواصف الترابية وغيرها )على عمليات الانتاج والتكرير والتصدير؟.
تابعوا الحلقات المقبلة عن قريب لكي نشارك جميعآ من أختيار افضل أختيار يتناسب مع الوضع القائم في العراق الدكتور : بيوار خنسي – مستشار الامن الاقتصادي في أقليم كردستان
|