كشف الاسرار , خيانة ام مبدأ ؟

 

لا ابحث من خلال هذا العنوان (المتسائل) عن اجابات تتعلق بطبيعة البشر ومدى مصداقيتهم بكتم السر على المستوى الشخصي او الاجتماعي , فمن المؤكد ان من يصون سر اخيه هو شخص امين وبخلافه فرد دنئ. لكن ما أعنيه هنا هو أيمكن اعتبار قضية تسريب معلومات ذات ابعاد امنية او سياسية الى الرأي العام (خيانة عظمى) ؟ مثلما اتهمت الاستخبارات الاميركية ال (السي اي ايه)مؤسس موقع ويكيلكس المثير للجدل والجندي الاخر الذي قام بايصال المعلومات الى ذات الموقع, ام انه اتهام قاس لأناس شعروا بأن من واجبهم الاخلاقي والانساني ان يفضحوا الممارسات التي تقضم حرية الانسان وتهضم حقوقه. ويعاد اليوم ذات السيناريو مع الشاب الامريكي العشريني (ادوارد سنودن) الذي يعمل مستشارا لدى شركة معلوماتية متعاقدة مع وكالة الامن القومي الاميركي , اذ قام ذلك الشاب بفضح البرنامج الاميركي السري (بريزم) للمراقبة الالكترونية على شبكة الانترنت والاتصالات الهاتفية والتجسس على مستخديمهما في جميع انحاء العالم , وعلى اثر هذا الكشف طالب سيناتور في مجلس الشيوخ الاميركي بتوجيه تهمة(الخيانة)الى (ادوارد) الذي اختفى اثره بعدما فضل الكشف عن هويته لوسائل الاعلام عادا هذا الامر جزء من حرصه على صيانة الحرية الفردية للاشخاص . وعلى الرغم مما يخلفه هذا الموضوع من جدل وسجال بين المتصدين للتحديات الامنية والمدافعين عن حقوق الانسان بيد انه لايمكن تجاهل وتغاضي الدوافع التي حدت بهؤلاء-(المسربين)اذا جاز التعبير- الى التضحية بعملهم وحريتهم مقابل كشف الاجهزة والاشخاص اللذان يتسللان الينا ويطلعان على تفاصيل حياتنا اليومية ونحن جالسين في بيوتنا . فحق الخصوصية حق انساني كفلته كل المواثيق والدساتير في العالم ولايجوز لاي شخص او جهة وتحت اي ظرف انتزاع هذا الحق او المساس به لدواعي اخلاقية . و لو قارنا اليوم بين شعور مواطني الدول المتحضرة وتقديسهم للحقوق الانسانية وبين مايحدث في البلدان العربية وعلى وجه التحديد العراق لكانت مقارنة كارثية بأمتياز. فسياسيونا هم اول من يقفزون على الحقوق ويسحقوها سواء بالافعال او الاقوال فالكثير منهم يتحدث عن امتلاكه ملفات فساد وارهاب ويتسطيع ان يدين بهما خصمه , والاخر يتستر على المفسدين والقتلة ويظلهم بظله , والقضاء وسطهم لاحول ولاقوة اما جهازنا الاستخباري فأنه لاينتهك خصوصيتنا من خلال برامج معلوماتية حساسة بل بأجهزة صامتة عن المتفجرات ونقاط تفتيش مبعثرة مبددة للوقت والصحة ولم تدفع شرا ولم تجلب خيرا. من مستعد الان من قادة و منتسبين امنيين الخروج امام العيان والتضحية بوظيفته او منصبه للكشف عن (منتهك)او(مفسد)او(مقصر) , اليس الامر يتطلب شجاعة واصرار, ام يوصف بأنه خيانة وانحدار ؟؟