(إطار) سيارة السُلطة |
" قال لي صديقي مساء أمس : لقد زادتْ وتيرة النقد في مقالاتك الأخيرة .. بل أصبحتَ تُبالِغ في إظهار السلبيات .. وحتى تُعّمِم بعض الممارسات الخاطئة النادرة .. وانا لا أتفقُ معكَ تماماً " . قلتُ : أحترم رأيكَ .. وأعتقدُ بأن الكاتبَ يحتاج أحياناً الى بعض البهارات والمُطيبات ورُبما قليلاً من المُبالغة .. حتى يُسّوِق مقاله للقُراء ! .. وعموماً أنا أرى أن مهمة الكاتب او الصحفي ، أساساً ، هي النقد وإبراز السلبيات والنواقص ، بُغية إصلاحها وتلافيها ، وليسَ المدح وذكر الإيجابيات فقط !. قالَ مُمازِحاً " أو رُبما كانَ جّاداً ، لا أدري بالضبط " : قُبيلَ إنتفاضة آذار 1991 .. كانَ الوهنُ والضُعف ، قد أصابَ السُلطات البعثية ، ولم يَعُد الناس يهابونَ القوى الأمنية كالسابِق .. فخرجَتْ إحدى المفارز في جولةٍ روتينية في حَيٍ شعبي ، للبحث عن الهاربين من الخدمة العسكرية .. كانَ الشباب الهارب ، يستشعرونَ مُسبقاً ، فيتوجهون الى سفوح الجبال القريبة . ولكن في هذه المَرة أي قُبيل الإنتفاضة .. وحين هّمَ الشباب ، بالصعود الى الجبل .. صاحَ بهم شيخٌ كبير السِن : لاتهربوا ولا تخافوا .. فأن السلطة أصبحتْ مثل إطارِ سيارةٍ ، فارغٍ من الهواء ! . فإذا كُنتَ تعتقِد أو تُقارِن الوضع آنذاك .. مع الحالة الراهنة .. فأنكَ واهمٌ كثيراً .. فالإطارُ مازالَ قوياً وصالحاً كما في السابِق ! " . مرةً اُخرى .. لستُ مُتأكِداً .. هل هو تحذيرٌ ناتج عن الحرص بسبب الصداقة التي تربطنا ؟ أم هو تذكيرٌ وتهديدٌ مُبّطَن ؟ أم ببساطة .. مُجّرَد حديث عابر ، كالذي يجري بيننا عادةً ؟ . |